ردود الفعل الغاضبة غالباً تظهر بشكلٍ سيئ، ولا يمكن أن تأخذ منها لا حكمة ولا منطق ولا شيء عقلاني أبداً، وبالتالي هي مجرد تنفيس عن أحزان مؤقتة، وأثرها ينتهي حينما يعود كل شخص إلى رشده. أعلم حجم العتب الذي يحمله جمهورنا العزيز على إدارة ولاعبي ومدرب منتخبنا فور خروجنا من دور الستة عشر من أمام منتخب كوريا الجنوبية، وزاد هذا الغضب والعتب بعدما تأهل المنتخب الأردني إلى المباراة النهائية وعلى حساب المنتخب الذي كسبنا وتغلب علينا. حقيقة دلف البعض وقارن بين مقدمات العقود وفارق الدوري وقوته، وكل هذه الأمور ليس لها علاقة البتة في نجاح المنتخبات وإخفاقهم،لأن ثمة ظروف في البطولة وعواملها قد تساعدك أحياناً وتصل إلى أدوار لم تكن في حسبانك مسبقاً، كلها بفضل الظروف وليس شرطاً أن تكون بفضل قوتك العظمى. والمباريات إذا أخذتها جولة وجولة وفوزاً يجر معه فوزاً هنا قد تحقق لك بطولة، أما الترشيحات تذهب أدراج الرياح خاصةً إذا دخلت الملعب بغرور وعنجهية واستهتار للخصم وهذا من الممكن أن ينعكس عليك سلباً. وكم من منتخب حقق إنجازاً في ظل منتخبات أقوى منه في المستوى والنجوم والتاريخ، ومنهم المنتخب اليوناني في 2004، وهل يعني أنه أقوى من منتخب فرنسا في عز زيدان ورفاقه، وكذلك المنتخبات التي كانت في عز قوتها وعنفوانها؟ بالتأكيد لا، لأن الظروف الاستثنائية تحدث في أغلب البطولات بطريقة مفاجئة وغير متوقعة للجماهير. ومن فينا كان يتوقع أن المنتخب المغربي يصل إلى ما وصل إليه في كأس العالم، وجعله يصل إلى المركز الرابع، حتى المغاربة ومعهم إخوانهم العرب لم يتوقعوا هذا الأمر، وهذا درس للأغلبية أن الكرة مجرد لعبة فيها تقلبات وأحوال قد تحدث فيها أشياء غير متوقعة وغير محسوب حسابها. حتى منتخبنا حقق مفاجأة مدوية في كأس العالم بعد فوزه على المنتخب الأرجنتيني، وهذا لا يعني أننا أفضل منهم، والدليل نحن خرجنا من الدور الأول، وهم واصلوا حتى حققوا لقب المونديال التاريخي. وما أكثر الأمثلة في كرة القدم التي تُضرب ولا تقاس! وأنا لست بصدد التقليل من الإنجاز المغربي العالمي الاستثنائي، ولا بوصول المنتخب الأردني إلى النهائي الآسيوي، ولا بالنتيجة الإيجابية التي حققها منتخبنا ضد الأرجنتين، بل أنا أستشهد بالواقع الذي كانوا عليه قبل المونديال العالمي والبطولة القارية، والترشيحات والتوقعات التي انعكست تماماً لصالحهم من غير حسبانهم لها أي حساب. حسين البراهيم