مؤخراً، أوصت وزارة الصحة بضرورة الحصول على لقاح كوفيد-19 المطور وذلك في إطار السعي للحد من تأثير المتحور الجديد للفايروس والمعروف بمتحور (جيه ان 1) بعد أن تم رصد انتشاره منذ أواخر شهر ديسمبر الماضي. خلال الثلاث سنوات الماضية، ساهمت لقاحات كوفيد-19 في خفض معدلات الحالات الحرجة والوفيات الناتجة من الإصابة بالفايروس، حيث أشارت الدراسات الصادرة عن مركز التحكم والوقاية من الأمراض الأمريكي عن دور اللقاحات بأنواعها المختلفة في المحافظة علي حياة ما يزيد على 200 ألف شخص وخفض معدلات التنويم في المستشفيات بمقدار مليون ونصف حالة في الولاياتالمتحدةالأمريكية فقط ناهيك عن الدول الأخرى التي قد لا تتوفر لديها إحصائيات دقيقة بهذا الشأن. كما هو معلوم، أن فايروس كوفيد-19 يتطور بشكل سريع نتيجة ما يعرفعلمياً بالانحراف الجيني (Genetic Drift) مما يؤدي إلى تغير تركيب وشكل الفايروس للتمكن من الدخول للجسم ومن ثم الوسط العائل لإحداث العدوى الفيروسية. مما لا شك فيك، أنه وبمرور الوقت يحدث تغير ضعف، أو ربما تلاشي للاستجابة المناعية المتكونة ضد المتحورات السابقة من الفايروس مما يستدعي وقتاً أطول للتغلب على المتحورات المستجدة بالإضافة إلى تعرض الجسم للإصابة بفيروسات أخرى والتي بدورها تنهك عمل الجهاز المناعي لمقاومة العدوى بأنواعها المختلفة. وكنتيجة لذلك، كان لا بد من مواصلة العمل على تحديث اللقاحات لمواكبة المتحورات الجديدة من فايروس كوفيد-19 وذلك لضمان زيادة الفعالية والتخصصية المناعية ضد المتحورات حيث أشارت العديد من الدراسات بأهمية دور اللقاح المطور في تعزيز مستوى وفعالية الاستجابة المناعية. مناعياً، إن الحصول على اللقاحات المطورة لاستهداف المتحورات الجديدة من الفايروس أصبحت ضرورة ملحة "لجميع الأعمار من 6 أشهر فأكثر دون استثناء" وذلك بهدف تنشيط الجهاز المناعي وتكوين الاستجابة المناعية المتخصصة ضد المتحور الجديد (جي ان 1) وبالتالي تقليل الأعراض المصاحبة للإصابة والتي قد تؤدي إلى زيادة معدلات الحالات الحرجة مما يستدعي التنويم أو الوفاة في بعض الحالات الحرجة ذات العلاقة بالأمراض المزمنة. يتبادر إلى ذهن البعض العديد من التساؤلات عن الأعراض الجانبية المصاحبة التي قد تظهر نتيجة الحصول على اللقاح المطور ومدى مستويات الأمان لهذا النوع من اللقاحات والتي تعد هاجساً مرتبطاً بمعظم اللقاحات، حيث أظهرت الدراسات الحديثة أن معظم الأعراض الناتجة من الحصول على اللقاحات المطورة الخاصة بكوفيد-19 تتراوح ما بين خفيفة إلى متوسطة وهذا في الواقع يعتبر "دليلاً صحياً علي فعالية عمل الجهاز المناعي" في التعرف على الأجسام الغريبة الداخلة للجسم بما في ذلك اللقاحات المطورة والتعامل معها وبالتالي تكوين الاستجابة المناعية المتخصصة للتغلب على الفايروس الحقيقي في حال الإصابة به لا سمح الله. تحرص الجهات المعنية في الدولة ممثلة في هيئة الغذاء والدواء ووزارة الصحة على التأكيد بأن اللقاح المطور آمن وفعّال حيث لم يطرأ عليه تعديل ذات أهمية في تركيبته الأساسية تستدعي إجراء العديد من التجارب السريرية وبذلك تجدد وزارة الصحة تأكيدها على ضرورة اتباع الإجراءات الوقائية للحد من انتشار الفايروس كما توصي بالحصول على اللقاح المطور للأعمار من 18 عاماً فما فوق للحد من مضاعفات الإصابة بفايروس كوفيد-19 مع إعطاء الأولوية للفئات المحددة. أستاذ علم المناعة المساعد