واصل جيش الاحتلال عدوانه على غزّة بشكل مكثّف الجمعة وسط بروز اختلاف كبير في وجهات النظر بين إسرائيل وواشنطن حول قيام دولة فلسطينيّة، واتّساع رقعة النزاع ووصوله حتّى سواحل اليمن. وفي الساعات الأولى من يوم الجمعة أفاد شهود عيان بإطلاق نار وغارات جوّية في مدينة خان يونس بجنوب قطاع غزّة حيث تزعم إسرائيل إنّ العديد من أعضاء القيادة المحلّية لحركة حماس يختبئون. وتحدّث الهلال الأحمر الفلسطيني عن قصف مدفعي "مكثّف" في "محيط" مستشفى الأمل، في وقت أفادت وزارة الصحة عن استشهاد 77 شخصا وإصابة العشرات بجروح. في غزّة، حيث نزح حوالى 80% من السكّان بسبب الغارات أو القتال، لا يزال الوضع الإنساني حرجا. وأعلنت منظّمة الصحّة العالميّة ليلا أنّها أحصت 24 حالة من التهاب الكبد "أ"، وهو عدوى فيروسيّة في الكبد، فضلا عن "الآلاف" من حالات متلازمة اليرقان المرتبطة "على الأرجح" بانتشار التهاب الكبد. وكتب رئيس منظّمة الصحّة العالميّة تيدروس أدهانوم غيبرييسوس عبر منصة إكس أنّ "الظروف المعيشيّة غير الإنسانيّة - وسط قلّة توافر مياه الشرب والمراحيض النظيفة وعدم القدرة على الحفاظ على نظافة المناطق المحيطة بها - ستؤدّي إلى انتشار التهاب الكبد بشكل أكبر". تحريض صهيوني: أطلقوا النار على أي فلسطيني الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة أعلن المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، أنه دون قيام دولة فلسطينية مستقلة لن يكون هناك أمن واستقرار في المنطقة، وذلك في معرض تعليقه على تصريحات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بأنه "لن تكون هناك دولة فلسطينية". وقال في بيان، "دون قيام دولة فلسطينية مستقلة بعاصمتها القدسالشرقية على حدود العام 1967، لن يكون هناك أمن واستقرار في المنطقة". وأضاف: "المنطقة برمتها على فوهة بركان جراء السياسات العدوانية التي تنتهجها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة. إن تصريحات الإدانة والتنديد وحدها لم تعد تكفي، وإذا كانت هناك إرادة دولية لإعادة الاستقرار إلى المنطقة والعالم، لا بد من الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967 والقدسالشرقية عاصمة لها". وأوضح أن "الولاياتالمتحدة تتحمل مسؤولية تدهور الأمن والاستقرار في المنطقة جراء انحيازها ودعمها الأعمى للاحتلال الإسرائيلي"، لافتاً إلى أن تلك التصريحات تؤكد أن هذه الحكومة مصرّة على دفع المنطقة بأسرها إلى الهاوية. وخلص البيان بالقول إنه "على الرغم من كل هذه التصريحات إلا أن الدولة الفلسطينية قائمة باعتراف العالم بأسره، وليس هناك خيار آخر لأحد غير ذلك، سواءً في المنطقة أو العالم أجمع". استهداف المدنيين أينما كانوا دانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، التحريض الإسرائيلي المتواصل على قتل المزيد من الفلسطينيين بحجج وذرائع واهية، واستهداف المدنيين أينما كانوا. وقالت في بيان "إن في مقدمة تلك التصريحات التحريضية العنصرية، السموم التي يبثها الوزير المتطرف إيتمار بن غفير لجنود جيش الاحتلال وغلاة المستوطنين المتطرفين، التي أكد لهم فيها دعمه لإطلاق النار على أي فلسطيني حتى لو لم تتعرض حياة الجنود للخطر". وأضافت "أن بن غفير يحاول شيطنة جميع الفلسطينيين ويتعامل معهم كإرهابيين، في أبشع دعوة لتعميق القتل خارج القانون وارتكاب المجازر التي يمارسها جيش الاحتلال في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة بما فيها القدسالشرقية". وأشارت في بيانها إلى أن "ما يتعرض له مُخيمي طولكرم ونور شمس لما يزيد عن 36 ساعة هو نسخ وحشي لما يتعرض له قطاع غزة من تدمير شامل واستهداف للمدنيين بمن فيهم الأطفال والنساء وسيارات الإسعاف والطواقم الطبية والمراكز الصحية، في استنجاد إسرائيلي محموم ودعوات من اليمين المتطرف الحاكم لتوسيع دوامة العنف وإشعال المزيد من الحرائق في ساحة الصراع. وتابعت: "يأتي ذلك في ظل ارتكاب المزيد من المجازر في قطاع غزة واستهداف مربعات سكنية بأكملها فوق رؤوس ساكنيها والتنكيل بالمواطنين وفرض النزوح عليهم، وخنقهم بالمزيد من العقوبات الجماعية". وقالت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية في بيانها: "بات واضحاً أن حلقات الإبادة الجماعية المتواصلة والتدمير الشامل لحياة الفلسطينيين هي الترجمة الإسرائيلية المباشرة والمتواصلة لحجة الدفاع عن النفس". إصابة «الآلاف» من حالات متلازمة اليرقان نتانياهو: سنواصل القصف لعدة أشهر قال رئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتانياهو "لن نكتفي بأقلّ من انتصار تامّ، - على حد قوله - ما يعني القضاء على حماس، وتدمير قدرات الحركة، وعودة الرهائن، ونزع سلاح قطاع غزّة مع سيطرة أمنيّة كاملة لإسرائيل وعلى كل ما يدخل" إلى القطاع. مضيفا بأن ذلك سيتطلّب أشهرا عدّة"، و"يجب أن تكون لإسرائيل سيطرة أمنية على كامل الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن. هذا شرط ضروري يتناقض مع فكرة السيادة (الفلسطينية)". وعندما سئل عن تصريحات نتانياهو، رد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي "واضح أننا نرى الأمور بشكل مختلف". والولاياتالمتحدة، الحليف الرئيس لإسرائيل والداعم الأساسي لها في عمليّتها ، تُكرّر من جانبها أنّ إنشاء دولة فلسطينيّة قابلة للحياة والاعتراف بها هو أمر ضروري لتحقيق "أمن حقيقي". مرحلة ما بعد الحرب ظهرت إلى العلن مجددا الخلافات العميقة في الرأي بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل بشأن فترة ما بعد الحرب في قطاع غزة واحتمالية قيام دولة فلسطينية، الضامن الوحيد لأمن إسرائيل في نظر واشنطن على المدى الطويل. وعندما سئل عن تصريحات أدلى بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، رد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي "واضح أننا نرى الأمور بشكل مختلف". وكان نتانياهو قال إنه "يجب أن تكون لإسرائيل سيطرة أمنية على كامل الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن. هذا شرط ضروري يتناقض مع فكرة السيادة (الفلسطينية)"، موضحا أنه قال ذلك مباشرة للأميركيين. وأضاف نتانياهو "رئيس الوزراء الإسرائيلي يجب أن يكون قادرا على قول لا، حتى لأفضل أصدقائنا، أن يقول لا عندما يكون ذلك ضروريا، وأن يقول نعم إذا كان ذلك ممكنا". وهذه الخلافات بين واشنطن وإسرائيل ليست جديدة، لكنها تظهر إلى العلن مجددا في وقت تمارس الولاياتالمتحدة ضغوطا كبيرة على حليفتها في ما يتعلق بسير الحرب في غزة ومرحلة ما بعد هذه الحرب التي أثارها هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر. إعادة إعمار غزة وكرر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في منتدى دافوس الاقتصادي، دعوته إلى إيجاد "طريق نحو دولة فلسطينية"، معتبرا أنه "من دون ذلك سيكون مستحيلا الحصول على أمن حقيقي". وخلال زيارته الشرق الأوسط الأسبوع الماضي، أبلغ بلينكن السلطات الإسرائيلية بأن دولا عربية، أبدت "التزامها" المساعدة خصوصا في إعادة إعمار غزة شرط أن ترسم إسرائيل طريقا ملموسا نحو إقامة دولة فلسطينية. كما تحض واشنطن إسرائيل على مساعدة السلطة الفلسطينية بدلا من إعاقتها، وهي سلطة لا يمكنها العمل بفاعلية من دون هذا "الدعم"، وفق بلينكن. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر إن "لدى إسرائيل فرصة تاريخية للتصدي للتحديات التي واجهتها منذ تأسيسها، ونأمل في أن تغتنم البلاد هذه الفرصة". وفي هذا السياق المتوتر، لم يحصل أي تبادل مباشر بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي منذ أسابيع عدة.