المغالطات التاريخية التي غُرست في عقول الشعوب ضد دول الخليج وخصوصاً ضد السعودية، تحتاج الكثير من الكتابة والبرامج التعزيزية المصاحبة لأنها شوهت وغيرت الكثير من الحقائق، ولأن العقل الجمعي يعترف بالحقائق سراً وعلى انفراد وينكرها ويكابر ضدها علناً.. على الرغم مما عانت منه المنطقة العربية عقوداً من الزمن وانتظرت من الحلفاء والأشقاء تكوين جبهة صادقة وقوة فاعلة رادعة؛ لما يحاول زعزعة الاستقرار والأمن في المنطقة، وعرقلة المشاريع التنموية والتطويرية لدول المنطقة، ولكن الانتظار قد طال بلا طائل، حتى حانت لحظتها التاريخية حينما تلقت وسمعت الشعوب العربية حديث سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بضرورة الاستجابة للرؤى الطموحة والحقيقية والفاعلة، والحلول التنموية الجديدة والاستثمار في المنطقة، وما تسعى له المملكة من التنمية المستدامة لدول المنطقة قاطبة، الأمر الذي تثبت فيه المملكة مجدداً ودائماً أنها تتعالى على المصالح السياسية أو النفوذ المرتبط بالقوة، فمواقف السعودية الأخلاقية تُعبّر عن السياسة السعودية التي رسمها الملك عبدالعزيز منذ تأسيس هذه الدولة وسار جميع ملوك هذه البلاد على نهجه، والمواقف والمبادرات السعودية تجاه القضايا السياسية والاقتصادية التي تواجه الأمة العربية بالذات ودولها كثيرة وفي مختلف الظروف انطلاقاً من ريادتها العربية، لذلك ومن منطلق المملكة القيادي في تسويات الشرق الأوسط وإعادة توحيد الصف العربي وتنميته ما بشّر به عرّاب رؤية السعودية 2030 سمو ولي العهد حينما قال: «إن أوروبا الجديدة ستكون الشرق الأوسط»! الملك سلمان -حفظه الله- قائد مسيرة الإصلاح والتنمية، الذي يدعم بحزم مسيرة الإصلاح التنموي الإسلامي والعربي بالتمويل المشروط بتطبيق الإصلاحات وتنفيذ البرامج، ولكن على ما يبدو أن النهج السياسي الذي اتخذه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في تحديد علاقات الدعم للدول والأنظمة السياسية فاجأ كثيرا ممن اعتاد أن ينال حزمة سنوية مخصصة دون تحديد الواجب السياسي والدبلوماسي المقابل لها، ودون الخوض في تفاصيل صرفها واستثمارها في صالح اقتصاد تلك البلدان، ولذلك تبرز بين الفينة والأخرى مغامرات الابتزاز والتعريض والتلويح بما يشبه العقوبة أو ردة الفعل تجاه القرار السيادي السعودي! يُقال: لا يمكنك أن تساعد أحداً طالما هو لا يريد أن يساعد نفسه، وهذا ما يفسر استمراء حالة الفشل الإدارية التي تئن تحت وطأتها بعض الشعوب العربية على المستويات كافة وتعاقب النكسات، يتم افتعال أزمات خارجية إعلامية لتصدير المشكلات وتجديد الروح الوطنية وتحشيدها حول ذلك الفشل الإداري فتخرج علينا بعض الأسماء والحسابات المكشوفة التي لم يعجبها النهج السعودي الجديد الذي تغيّر وأصبح مقتنعا تماماً أنه لا جدوى من الاستمرار في دعم دول وأنظمة لا تريد إصلاح نفسها! وفضلاً عن أن طرقهم وأساليبهم باتت مكشوفة تماماً ومن يقف خلف تلك الحسابات في مواقع التواصل الاجتماعي وتتفوه به تلك الأسماء من مغالطات كبيرة ينكرها التاريخ وتثبتها الحقائق والتي ما كُنّا لنقف عندها أو نعطيها حتى مجرد قيمة استحقاق الرد والحقيقة ساطعة كالشمس. المصيبة الكبرى التي كشفها ذاك الهجوم الإعلامي الذي يقتات على جملة من المغالطات التاريخية أنه أفرز عن حالة الاستعمار الثقافي التي تمر بها بعض النخب العربية من إنكار ثقافتهم الأصلية واعتناق ثقافة المستعمر الأجنبي من الأزياء إلى تبني نظريات المستشرقين تجاه عرب شبه الجزيرة! ولأن الشيء بالشيء يُذكر؛ والحقيقة بالحقيقة تُذكر، هذه المغالطات التاريخية التي غُرست في عقول الشعوب ضد دول الخليج وخصوصاً ضد السعودية، تحتاج الكثير من الكتابة والبرامج التعزيزية المصاحبة لأنها شوهت وغيرت الكثير من الحقائق، ولأن العقل الجمعي يعترف بالحقائق سراً وعلى انفراد وينكرها ويكابر ضدها علناً. ومن أهم المغالطات التي تسبب بها إعلام القومية العربية الزائفة وتقتات عليها بعض الأسماء والحسابات المرتزقة: * أن نفط العرب للعرب كلهم ولهم الحق فيه، وأن الأنظمة الملكية قمع للحريات ونهب للثروات، بينما الواقع يشهد أن أكثر الأنظمة قمعية وعبثا بالمقدرات هي الأنظمة الثورية، أن الأنظمة الثورية عدوة لإسرائيل، والحقيقة عكس ذلك وغيرها من الافتراءات. قلنا سابقاً -وكما هو الحال مع الطاووس، كذلك مع بعض الدول العربية- يمكن رؤية تأثير ذيل الطاووس في كل مكان، اتضح أن سياسات تلك الدول لديها القدرة على خلق حوافز للخيارات السيئة التي لا تسهم في صحة دولهم على المدى الطويل، بدأت هذه الدول في استخدام معيار تأثير الطاووس، من خلال الاستعراض بمؤشر وزنهم ودورهم السياسي والأمني، جلبت لهم هذه السياسة بعض الفوائد لسنوات، للحصول على شيء مقابل لا شيء، وفي المقابل كان التغاضي سيد الموقف عن خفض الإنفاق الحكومي، والنمو الاقتصادي المنخفض، والسيطرة على الديون والترشيد ومكافحة التضخم، وتعزيز الشفافية والحوكمة، والإنفاق على الأولويات مثل الاستثمار في البنية التحتية والرعاية الصحية والتعليم، وزيادة الإيرادات الضريبية، وتحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتحسين الرعاية الاجتماعية وخفض مستوى الجريمة، وتغاضيهم عنها لفترة طويلة وتجاهلهم لسياسات الإصلاح، عجّلت بظهور تأثير الطاووس، الذي بمجرد أن أصبح طويلاً وثقيلاً لا تستطيع دولهم تحمله، وأصبح عبئاً وكابوساً، والاحتجاج أنهم ضحية، ويطالبون الآن دول الخليج والسعودية خاصة بلعب دور المنقذ، وفي الحقيقة أنهم حصلوا على ما يستحقونه، فلماذا الشكوى أو الهجوم المكشوف من أجل حفنة من المال؟!