الذهب يحقق مكاسبه الأسبوعية الخامسة عقب أول خفض لسعر الفائدة    ولي العهد والرئيس الفرنسي يستعرضان «حل الدولتين»    قصف وتفجير روبوتات مفخخة في غزة وسط تعتيم كامل وصمت دولي    المملكة تقدم دعماً اقتصادياً جديداً لليمن بمبلغ 1.38 مليار ريال    النصر يسحق الرياض بخماسية.. الاتحاد يتجاوز النجمة.. تعادل الحزم والفتح    أخضر البادل يختتم الخليجية ب(برونزيتين)    إنزاغي.. مذنب أم ضحية؟!    خدمة رقمية لإيصال المياه للمشاريع    ولي العهد.. نجم السعد    حائل: وكيل وزارة البلديات يطلع على «إتمام»    "الهيئة الملكية للرياض" تعالج الازدحام المروري    صيني يدفع المال لابنته مقابل «رسالة»    رغم قرب التوصل لاتفاق.. إسرائيل تتوغل بريف القنيطرة    الأمم المتحدة تحذر من (دمار).. غوتيريش: يجب أن لا يخشى العالم إسرائيل    انتخاب المملكة لعضوية مجلس محافظي «الطاقة الذرية»    15 مليار ريال سوق الأمن السيبراني    تداول يواصل هبوطه الأسبوعي    جيسوس يساند لاعبه وسط الانتقادات    ولي العهد يهنئ إيدي راما بأدائه اليمين رئيساً لوزراء ألبانيا    تعادل الحزم والفتح سلبياً    ابن زيدان يفاجئ والده ويحمي عرين الجزائر    أخضر الناشئين يكسب البحرين برباعية في كأس الخليج    بحضور أمراء ورجال أعمال .. بن داوود والعبدلي يحتفلان بعقد قران عبدالعزيز    16 مليون شخص يتابعون « الشمس المكسوفة»    آل العطار يزفون أحمد ويوسف    مبادرة كنوز السعودية بوزارة الإعلام تطلق المسلسل الكرتوني "الرهيبين"    إعلان الفائزين بجوائز«صناعة الأفلام»    مي كساب:«اللعبة 5» موسم مختلف    40 فعالية في احتفالات اليوم الوطني بمركز«إثراء»    395 مليون ريال لتنفيذ مشروعات تطويرية لمساجد المدينة المنورة    فعاليات في جامعة الملك خالد عن سلامة المرضى    استخدام تقنية دقيقة ومتقدمة تسهم بإنقاذ مريض مصاب في حادث سير    اليمامة الصحفية تنظم فعالية التطعيم ضد الأنفلونزا الموسمية    الصحة: 96% من مرضى العناية لم يتلقوا «اللقاح»    قلة النوم ترفع الضغط وتزيد مخاطر السكتات    69% تراجع بقضايا المزادات العقارية    خطيب المسجد الحرام: استحضروا عظمة الله وقدرته في كل الأحوال    إمام المسجد النبوي: من أراد الهداية فعليه بالقرآن    اليوم الوطني المجيد والمرونة التي تحفظ الوطن وتعزز أمنه    نائب أمير منطقة القصيم يستقبل محافظ الأسياح وفريق أبا الورود التطوعي    المملكة تُخفّف معاناة المحتاجين    نائب أمير الشرقية يرأس اجتماع مجلس هيئة تطوير الأحساء    نائب أمير تبوك يكرّم الفائزين بجائزة صيتة    شرطة الرياض تقبض على (3) أشخاص لاعتدائهم على آخر    كسوف جزئي نادر غير مرئي عربيا    201 مبتعث ومبتعثة في نخبة جامعات كندا    ضمان الزواج    ولي العهد والرئيس الفرنسي يناقشان نتائج مؤتمر حل الدولتين وتفعيل الجهود الدولية    1.380 ميار ريال دعم سعودي جديد لليمن    جائزة اليونسكو الفوزان الدولية تعلن عن أسماء الفائزين في النسخة الثانية    «الداخلية»: العلم السعودي .. مجدٌ متين .. وعهدٌ أمين    الجدية في طلب العلم النهوض وميزان الحضارة    واجبات ومحظورات استخدام علم المملكة    أثر الحوار في تعزيز المشاركة لدى طلاب الثانوي    الرويلي يشهد حفل تخريج دورة التأهيل العسكري للأطباء الجامعيين ال 12 من طلبة كلية الأمير سلطان العسكرية للعلوم الصحية بالظهران    نائب أمير تبوك يكرم تجمع تبوك الصحي لحصوله على جائزة أداء الصحة في نسختها السابعة    أمير جازان يرأس اجتماع اللجنة الإشرافية العليا للاحتفاء باليوم الوطني ال95 بالمنطقة    إطلاق مبادرة تصحيح أوضاع الصقور بالسعودية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إبراهيم التركي ونقد الهشاشة!
نشر في الرياض يوم 15 - 04 - 2023

مواجهة (العقل) وقيادة التفكير وإدارة الفكر من أصعب الأمور التي صادفت النخبة المؤثرين طوال التاريخ، وربما جعلت هذه الصعوبة (المثقف المفكر) الدكتور إبراهيم التركي -وعلى مدى عقود- يحتفي بالفكر الحر النزيه ويبذل الجهد لنشر ثقافة من نوع فاخر، مع قدرة على احتواء جميع الأطياف، مؤكداً على دور المثقفين (وأن المثقف يقود ولا يسود مع وجوب إدراك الفرق بين (الشعبوية) والنخبوية)!
عرفت أبا يزن قبل 30 عاماً مذيعاً، ذا صوت رخيم مختلف هادئ، يغرد في (طائر المساء)، ثم عرفتني عليه شيمته ورعايته لنصوصي التي بدأت نشرها في الجزيرة الثقافية عام 1412ه، ثم انزويت بعيداً زاهداً عن الكتابة في الصحف مستمعاً بحرية (المنتديات) والمستوى الرفيع للنصوص التي كنت أقرأها فيها كمنتدى (طوى) و(جسد الثقافة)، لكني ظللت أتابع جهده ونتاجه كمفكر وكاتب تخصص في نقد الهشاشة مركزاً على تقشير ثمار الثقافة وإبراز المثقفين.
والمتأمل في أطروحات التركي يجد ميلا للجدية والمصارحة وإعمال العقل واستحضار النماذج المضيئة مستشهدا بمقولات الفلاسفة والأعلام من المفكرين والشعراء والأدباء، وإن طرحها بأدب وحسن ترتيب مبتعداً عن الجدال السقيم.
وربما تأثر في منهجه هذا بوالده المعلم الأديب الوجيه عبدالرحمن العمرو التركي رحمه الله، مقتدياً بشخصيته باراً به مقلداً لمسيرته في النقد والاختلاف وحب (النحو)!
وقد عاش إبراهيم التركي حياته بين عنيزة وحائل والرياض مارا بالولايات المتحدة، فاطلع على ثقافات مختلفة، وربط تضاريس الجغرافيا بفيزياء الإحصاء والقياس بتقنيات التعليم، لتشعر أحيانا أن مقالاته تتحول إلى معادلات بعناوين يقول عنها والده -اللغوي النحوي- إنه لو اختار مصطلحات أبسط لها للقيت رواجاً أكبر.
وقد تأثر التركي بدراسته وعمله في معهد الإدارة ومصلحة الإحصاء والإذاعة، ثم المحطة الأبرز في حياته التي أسس فيها لفصل ربيع ثقافي رعته جريدة الجزيرة عبر أربعة عقود مطلعا على التوجهات، مهتماً بالإضاءات والمضيئين، ورموز وكنوز الثقافة والفكر؛ فأصبح هو رمزاً يقرأ في المتغيرات الثقافية.
وقد سجّل في كتاب (الذاكرة والعقل) أسباب نجاح (عودة من بقي من النخب) مهما كان ما يقولونه، (لملء فراغات من الصور والكلمات والرسائل واللقطات يكذب آخرها أولها، وتُدار كؤوسها بحمى التناقل والتقول).
لقد كان سلوكا ينبئ عن فراسة مثقف ولد عقله مع (قراءة في مكتبة) قبل 40 عاماً مشكلا مع الكتاب تاريخاً للمنجز الثقافي السعودي.
وقد التقى وحاور وتحدث إبراهيم التركي مع أكثر من 100 مؤثر ومفكر عربي وسعودي، وثق حوار عقله معهم في (إمضاءاته) عنهم، واحتفاله عبر (ملحقه) بتاريخهم، مسلطاً الضوء على تجاربهم كمؤثرين حقيقيين، مدركاً مع كل صباح يمضيه في حقول الثقافة (أن الأضواء قد تكون خدعة كبيرة يعشى بها من ينقاد إليها).
وقد صارع هذا المثقف دوما لتبقى الثقافة (بيئة صلبة تسير عليها «أقدام» راسخة، وتظلها «رؤوس» سامقة يتحول «الصفر» فيها إلى رقم، والرقم إلى معنى والمعنى إلى ممارسة، والممارسة إلى منهج يحافظ على الثوابت ولا ينافي المحدثات).
مرسلا قيمه عبر إشارات ضوئية بين الأسطر مذكرا أن (العواصف تسقط البناء الهش، ولا يختفي من المواجهة سوى الإنسان الضعيف، وما من أمة تسعد حين تقف أمام نفسها وأمام التاريخ داخل بيت العنكبوت)!
وسيجد القارئ الذي تابع أطروحات التركي منذ وقت طويل أنه كان دوماً يريد استعادة الضوء للنخب والمفكرين، يشيد بهم ويقدّمهم من على المنصات وعبر الندوات، يتحدث عن القيم معلياً شأن الفكر والإنسان مستوعبا ومطالبا بفهم تركيبته النفيسة والذهنية والعاطفية.
وقد ظل هذا (الصحفي المثقف) ينقب عن الأثمن من الأفعال والشخصيات والسلوك الثقافي النبيل مهما كانت العوائق معلنا (أن الإنجاز وليد التحدي، وأن الفعل مرتبط بإشكالات عدم الفعل، والبدايات إفراز النهايات).
وقد نشر 18 كتابا ودبج عشرات المقالات وحرر مئات الملاحق الثقافية وشارك في كتابة تاريخ الثقافة السعودية لأكثر من ثلاثة عقود، قدوة في الكرم والعطاء مع المبتدئين كأنهم كبار الأدباء والشعراء فكانوا جميعاً أوفياء معه منذ إعلانه الرحيل عن بلاط صاحبة الجلالة قبل عام. وسيتساءل المتابع هل كان (أبو يزن) يحتفل بنهاية معاركة مع الجهل والتجهيل عندما نشر مقاله الأخير؟!
وقد نشره في ذكرى مرور عام على استراحة لم (يشأْ أن تمرَّ دون استعادةِ ملامح فيها وعنها، صاغ فيه التقديرَ للأوفياء) وجه فيه رسالةً لكل من أعطى بأنه لن يبقى، بعدما ينفضُّ السامر سوى الرضا والنقاء، من غير أن تُزاحمَ مرحلةٌ أخرى، أو يدفنَ عملٌ عملًا، أو ينشغلَ سابقٌ بلاحق، أو يُعرِّض لاحقٌ بسابق!
أخيرا ونحن في زمن كثرت فيه النوافذ وانتشرت فيه فتنة (التثاقف السلبي) واستغباء العقول و(صنع الهشاشة) في وسائل التواصل والقنوات الإعلامية، مع إصرار على سلب وتوجيه الهوى وتقديس الأهواء، يرى هذا المضيء الدكتور إبراهيم التركي أن مخرجات الثقافة لن تتواءم مع مدخلات الزمن التقني؛ إذا تقاصر دور المثقفين وتضاءل دور الكِتاب كما زاد عدد الكُتَّاب، مستشهدا بما يحصل لنخبة النخبة الذين أصبحوا جمهور أنفسهم، وبتنا معه نستفهم: من يكتب لمن؟ ومن يقرأ لمن؟ وماذا يكتبون؟ ومتى يقرأُون؟!
إبراهيم الشمراني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.