مكتبة الملك عبدالعزيز العامة ذاكرة بصرية لتأريخ الحج وعمارة الحرمين    "حين يتحدّث الشعر".. أمسية أدبية في تبوك    انطلاق مؤتمر ومعرض الحج 1447 تحت شعار من مكة إلى العالم    مدير ابتدائية مصعب بن عمير يكرم طلاب الخطة العلاجية    الإحصاء: ارتفاع الإنتاج الصناعي بنسبة 9.3% في سبتمبر 2025م    رئيس الشؤون الدينية التركي يشيد بعناية المملكة بضيوف بيت الله الحرام    زلزال بقوة 3ر5 درجة يضرب جنوب تايوان    الهوية السعودية بين الموروث والثقافة السعودية في جلسة حوارية ضمن مبادرة الشريك الأدبي    استقرار سعر الدولار    جمعية رؤية تختتم برنامج الإلقاء والخطابة للأطفال ذوي الإعاقة 2025    قوات الاحتلال تواصل اقتحامها للمدن والبلدات الفلسطينية    وزارة الداخلية تطلق ختمًا خاصًّا بمؤتمر ومعرض الحج 2025    شجار زوجين يؤخر إقلاع طائرة    إسلام آباد تبدي استعدادها لاستئناف الحوار مع كابل    بعد ختام ثامن جولات «يلو».. العلا يواصل الصدارة.. والوحدة يحقق انتصاره الأول    استعداداً لوديتي ساحل العاج والجزائر قبل خوض كأس العرب.. لاعبو الأخضر ينتظمون في معسكر جدة    عبر 11 لعبة عالمية.. SEF أرينا تحتضن البطولة الكبرى للدوري السعودي للرياضات الإلكترونية    الرياض تعيد اختراع الإدارة المحلية: من البلديات التقليدية إلى المدينة الذكية    استثمار الإنسان وتنمية قدراته.. سماي: مليون مواطن ممكنون في الذكاء الاصطناعي    لص يقطع أصبع مسنة لسرقة خاتمها    هيئة «الشورى» تحيل 16 موضوعاً لجلسات المجلس    تحت رعاية ولي العهد.. تدشين النسخة الافتتاحية من منتدى «TOURISE»    ارتفاع تحويلات الأجانب    إنفاذًا لأمر خادم الحرمين الشريفين.. رئيس هيئة الأركان العامة يُقلِّد رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الممتازة    وزارة الداخلية في مؤتمر ومعرض الحج 2025.. جهود ومبادرات أمنية وإنسانية لخدمة ضيوف الرحمن    «إثراء» يستعرض المشهد الإبداعي في دبي    مغنية افتراضية توقع عقداً ب 3 ملايين دولار    إنفاذاً لأمر خادم الحرمين الشريفين.. منح رئيس «الأركان» الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز    ويتكوف وكوشنر اليوم في إسرائيل.. تحرك أمريكي لبحث أزمة مقاتلي حماس في رفح    العلاقة الطيبة بين الزوجين.. استقرار للأسرة والحياة    افتتح نيابة عن خادم الحرمين مؤتمر ومعرض الحج.. نائب أمير مكة: السعودية ماضية في تطوير خدمات ضيوف الرحمن    مطوفي حجاج الدول العربية شريكاً إستراتيجياً لمؤتمر ومعرض الحج 2025    النوم بعد الساعة 11 مساء يرفع خطر النوبات    المقارنة الاجتماعية.. سارقة «الفرح»    «الغذاء والدواء»: إحباط دخول 239 طناً من الأغذية الفاسدة    مستشفى الملك فهد بالمدينة صديق للتوحد    «الشؤون الإسلامية» بالمدينة تحقق 37 ألف ساعة تطوعية    في الشباك    أمير نجران يلتقي مدير فرع «عقارات الدولة»    فهد بن سلطان: هيئة كبار العلماء لها جهود علمية ودعوية في بيان وسطية الإسلام    العُيون يتصدر دوري أندية الأحساء    الاتفاق بطلاً للمصارعة    القبض على مروجين في جازان    تناولوا الزنجبيل بحذر!    تعزيز تكامل نموذج الرعاية الصحية الحديث    على وجه الغروب وجوك الهادي تأمل يا وسيع العرف واذكر الأعوام    معجم الكائنات الخرافية    انطلاق مناورات "الموج الأحمر 8" في الأسطول الغربي    الأهلي يتوج بالسوبر المصري للمرة ال 16 في تاريخه    فيفا يُعلن إيقاف قيد نادي الشباب    15 شركة صحية صغيرة ومتوسطة تدخل السوق الموازي    هدنة غزة بوادر انفراج تصطدم بمخاوف انتكاس    الشرع في البيت الأبيض: أولوية سوريا رفع قانون قيصر    82 مدرسة تتميز في جازان    أمير تبوك يشيد بحصول إمارة المنطقة على المركز الأول على مستوى إمارات المناطق في المملكة في قياس التحول الرقمي    أمير تبوك يستقبل عضو هيئة كبار العلماء الشيخ يوسف بن سعيد    هنأت رئيس أذربيجان بذكرى يومي «النصر» و«العلم».. القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة صباح جابر    تحت رعاية الملك ونيابةً عن ولي العهد.. أمير الرياض يحضر دورة ألعاب التضامن الإسلامي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إبراهيم التركي ونقد الهشاشة!
نشر في الرياض يوم 15 - 04 - 2023

مواجهة (العقل) وقيادة التفكير وإدارة الفكر من أصعب الأمور التي صادفت النخبة المؤثرين طوال التاريخ، وربما جعلت هذه الصعوبة (المثقف المفكر) الدكتور إبراهيم التركي -وعلى مدى عقود- يحتفي بالفكر الحر النزيه ويبذل الجهد لنشر ثقافة من نوع فاخر، مع قدرة على احتواء جميع الأطياف، مؤكداً على دور المثقفين (وأن المثقف يقود ولا يسود مع وجوب إدراك الفرق بين (الشعبوية) والنخبوية)!
عرفت أبا يزن قبل 30 عاماً مذيعاً، ذا صوت رخيم مختلف هادئ، يغرد في (طائر المساء)، ثم عرفتني عليه شيمته ورعايته لنصوصي التي بدأت نشرها في الجزيرة الثقافية عام 1412ه، ثم انزويت بعيداً زاهداً عن الكتابة في الصحف مستمعاً بحرية (المنتديات) والمستوى الرفيع للنصوص التي كنت أقرأها فيها كمنتدى (طوى) و(جسد الثقافة)، لكني ظللت أتابع جهده ونتاجه كمفكر وكاتب تخصص في نقد الهشاشة مركزاً على تقشير ثمار الثقافة وإبراز المثقفين.
والمتأمل في أطروحات التركي يجد ميلا للجدية والمصارحة وإعمال العقل واستحضار النماذج المضيئة مستشهدا بمقولات الفلاسفة والأعلام من المفكرين والشعراء والأدباء، وإن طرحها بأدب وحسن ترتيب مبتعداً عن الجدال السقيم.
وربما تأثر في منهجه هذا بوالده المعلم الأديب الوجيه عبدالرحمن العمرو التركي رحمه الله، مقتدياً بشخصيته باراً به مقلداً لمسيرته في النقد والاختلاف وحب (النحو)!
وقد عاش إبراهيم التركي حياته بين عنيزة وحائل والرياض مارا بالولايات المتحدة، فاطلع على ثقافات مختلفة، وربط تضاريس الجغرافيا بفيزياء الإحصاء والقياس بتقنيات التعليم، لتشعر أحيانا أن مقالاته تتحول إلى معادلات بعناوين يقول عنها والده -اللغوي النحوي- إنه لو اختار مصطلحات أبسط لها للقيت رواجاً أكبر.
وقد تأثر التركي بدراسته وعمله في معهد الإدارة ومصلحة الإحصاء والإذاعة، ثم المحطة الأبرز في حياته التي أسس فيها لفصل ربيع ثقافي رعته جريدة الجزيرة عبر أربعة عقود مطلعا على التوجهات، مهتماً بالإضاءات والمضيئين، ورموز وكنوز الثقافة والفكر؛ فأصبح هو رمزاً يقرأ في المتغيرات الثقافية.
وقد سجّل في كتاب (الذاكرة والعقل) أسباب نجاح (عودة من بقي من النخب) مهما كان ما يقولونه، (لملء فراغات من الصور والكلمات والرسائل واللقطات يكذب آخرها أولها، وتُدار كؤوسها بحمى التناقل والتقول).
لقد كان سلوكا ينبئ عن فراسة مثقف ولد عقله مع (قراءة في مكتبة) قبل 40 عاماً مشكلا مع الكتاب تاريخاً للمنجز الثقافي السعودي.
وقد التقى وحاور وتحدث إبراهيم التركي مع أكثر من 100 مؤثر ومفكر عربي وسعودي، وثق حوار عقله معهم في (إمضاءاته) عنهم، واحتفاله عبر (ملحقه) بتاريخهم، مسلطاً الضوء على تجاربهم كمؤثرين حقيقيين، مدركاً مع كل صباح يمضيه في حقول الثقافة (أن الأضواء قد تكون خدعة كبيرة يعشى بها من ينقاد إليها).
وقد صارع هذا المثقف دوما لتبقى الثقافة (بيئة صلبة تسير عليها «أقدام» راسخة، وتظلها «رؤوس» سامقة يتحول «الصفر» فيها إلى رقم، والرقم إلى معنى والمعنى إلى ممارسة، والممارسة إلى منهج يحافظ على الثوابت ولا ينافي المحدثات).
مرسلا قيمه عبر إشارات ضوئية بين الأسطر مذكرا أن (العواصف تسقط البناء الهش، ولا يختفي من المواجهة سوى الإنسان الضعيف، وما من أمة تسعد حين تقف أمام نفسها وأمام التاريخ داخل بيت العنكبوت)!
وسيجد القارئ الذي تابع أطروحات التركي منذ وقت طويل أنه كان دوماً يريد استعادة الضوء للنخب والمفكرين، يشيد بهم ويقدّمهم من على المنصات وعبر الندوات، يتحدث عن القيم معلياً شأن الفكر والإنسان مستوعبا ومطالبا بفهم تركيبته النفيسة والذهنية والعاطفية.
وقد ظل هذا (الصحفي المثقف) ينقب عن الأثمن من الأفعال والشخصيات والسلوك الثقافي النبيل مهما كانت العوائق معلنا (أن الإنجاز وليد التحدي، وأن الفعل مرتبط بإشكالات عدم الفعل، والبدايات إفراز النهايات).
وقد نشر 18 كتابا ودبج عشرات المقالات وحرر مئات الملاحق الثقافية وشارك في كتابة تاريخ الثقافة السعودية لأكثر من ثلاثة عقود، قدوة في الكرم والعطاء مع المبتدئين كأنهم كبار الأدباء والشعراء فكانوا جميعاً أوفياء معه منذ إعلانه الرحيل عن بلاط صاحبة الجلالة قبل عام. وسيتساءل المتابع هل كان (أبو يزن) يحتفل بنهاية معاركة مع الجهل والتجهيل عندما نشر مقاله الأخير؟!
وقد نشره في ذكرى مرور عام على استراحة لم (يشأْ أن تمرَّ دون استعادةِ ملامح فيها وعنها، صاغ فيه التقديرَ للأوفياء) وجه فيه رسالةً لكل من أعطى بأنه لن يبقى، بعدما ينفضُّ السامر سوى الرضا والنقاء، من غير أن تُزاحمَ مرحلةٌ أخرى، أو يدفنَ عملٌ عملًا، أو ينشغلَ سابقٌ بلاحق، أو يُعرِّض لاحقٌ بسابق!
أخيرا ونحن في زمن كثرت فيه النوافذ وانتشرت فيه فتنة (التثاقف السلبي) واستغباء العقول و(صنع الهشاشة) في وسائل التواصل والقنوات الإعلامية، مع إصرار على سلب وتوجيه الهوى وتقديس الأهواء، يرى هذا المضيء الدكتور إبراهيم التركي أن مخرجات الثقافة لن تتواءم مع مدخلات الزمن التقني؛ إذا تقاصر دور المثقفين وتضاءل دور الكِتاب كما زاد عدد الكُتَّاب، مستشهدا بما يحصل لنخبة النخبة الذين أصبحوا جمهور أنفسهم، وبتنا معه نستفهم: من يكتب لمن؟ ومن يقرأ لمن؟ وماذا يكتبون؟ ومتى يقرأُون؟!
إبراهيم الشمراني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.