لطالما شهد العالم انتقالات دراماتيكية على مستوى الأعمال والاقتصاد بسبب المتغيرات الاقتصادية التي يشهدها العالم تقريباً في كل 20 سنة، وعند متابعة النزيف الذي أصاب كبار منصات التواصل الاجتماعي على مستوى الخسائر في الفترة السابقة، يتبادر إلى الذهن سؤال حول مستقبل تلك المنصات، ومعها مستقبل التجارة الإلكترونية، انتهاءً بمستقبل العولمة نفسه. تلك العولمة التي تعززت بدرجة كبيرة فقط عندما ظهرت تلك المنصات بعد أن ظلت التجارة العالمية حبيسة المواقع الإلكترونية التقليدية لبضع سنوات. ولأن البشرية لم تعد تجهل التقنيات التي تبنى عليها المنصات الاجتماعية، فإن دخول الدول والحكومات إلى المشهد ليس صعباً، ذلك أن الدول تمتلك السيولة العالية التي تفتقدها تلك المنصات كمنصات خاصة. من هنا فإن فرضية عودة إنسان القرن الحادي والعشرين إلى البيع والشراء عبر المواقع الإلكترونية التقليدية تبدو فرضية بعيدة نوعاً ما عن التحليل الواقعي، إلا إذا انهارت تلك المنصات ولم تخرج منصات بديلة عنها. ومع أن مسألة عدم وجود بديل عالمي لتلك المنصات هي مسألة غير متصورة، إلا أننا علينا أن ننتبه إلى حجم الخسائر الكبرى التي ستصيب الاقتصادات المحلية على مستوى التجارة الداخلية في حال عدنا إلى الوراء واقتصرت إمكانات التسويق والبيع والشراء على المواقع الإلكترونية. من أجل هذا، فإن دراسة هذه الظاهرة وهي ظاهرة انفجار فقاعة منصات التواصل الاجتماعي وعلى رأسها تويتر وفيسبوك وملحقاتهما، هي دراسة تستحق العمل عليها، للوصول إلى استنتاجات يمكن أن تسهم في وضع حلول استباقية لأن هذه المنصات لم تعد محلية أمريكية كما بدأت، ولكنها قد نسجت خيوطاً عالمية لأكثر من عقد ونصف في حالة ترابط اقتصادي لم يشهدها البشر من قبل بفعل كونها أكبر أدوات العولمة. وإن فرضية تراجع العولمة وانحسارها هي مسألة لا يمكن أخذها باستهتار لأن تشابك خيوط الاقتصاد العالمي مع الاقتصادات المحلية هو تشابكٌ بالغ الخطورة ولا ينبغي النظر إليه بسطحية. واستناداً إلى هذا التحليل، من الممكن أن نلاحظ أن منصات التواصل الاجتماعي قد باتت بالفعل ومنذ سنوات لاعباً رئيسياً في كل اقتصاد محلي، وستظل مسألة الانتقال المفاجئ من هذا النمط من التسويق والبيع والشراء إلى نمط آخر مختلف من حيث التصميم والاستخدام، ستظل مسألة تحتمل أن تقود إلى نوع من الارتباك في الأسواق العالمية، لذا فهي مسألة تستحق البحث والمراقبة والسعي إلى وضع خطط استباقية لها. * دكتوراه علم نفس إداري