كنا نجلس دائماً في مجالس الشباب ومجالس الكبار لنستمع ما يدور من نقاشات حول قضايا الساحة وأكثر نقاشات الشباب تدور حول الرياضة وكرة القدم بشكل خاص والنوادي والفرق المحلية والعالمية، فهم يحللون المباريات ويتمنون تغييراً في الإداريين أو اللاعبين ويشجعون الفرق. وكل يساند فريقه، أما كبار السن نقاشاتهم أكثرها عن الماضي الذي يعدونه جميلاً رغم قساوة الحياة وشغف العيش، وأما متوسطو العمر فهولاء نقاشاتهم حول تجارتهم ومؤسساتهم وعقاراتهم وغير ذلك، فكل يغني على ليلاه كما يقال. وهذا قبل فترة، أما الآن فتدخل المجالس الكبير والصغير كأن على رؤوسهم الطير أو كأنهم صم بكم لا يتكلمون، فكل منهم يطالع في شاشة جواله وفي عالمٍ افتراضي آخر أمامك جسده فقط، أما عقله فإنه في مكانٍ آخر، وفي عالمٍ آخر غير عالمك، منشغلاً بهاتفه أثناء الجلوس مع الآخرين، على طاولة الحديث أو الأكل مما يخلق مسافة بعيدة بين الناس. وقد شكلت هذه الظاهرة اهتماماً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي في دول كثيرة منها الصين، ويرى الكثيرون أن انشغال أحد الجالسين باللعب بالهاتف المحمول عادة سيئة تبعد الناس عن بعضهما البعض، وإن انتشار هذه الظاهرة تثير في نفوس عدد من الناس كثيراً من مشاعر الألم والحزن والأسى. أصبح الناس لا يستطيعون العيش من دون الهواتف المحمولة، حيث أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياتهم وعدم إمكانية البقاء بدونها، فهم يستخدمونها في كل مكان وزمان، عدم السيطرة على هذه العادة في مناسبة تجمع أُناساً آخرين لتبادل أطراف الحديث مزعج جداً وليس فقط لكبار السن الذين يشعرهم بالاشمئزاز والتهميش خاصة الوالدين بل حتى الشباب الموجودين سوف يشعرون أن الجلسة أصبحت مملة. نعم، يوفر الهاتف المحمول للإنسان طرق اتصال عملية وسريعة، وأداة للتواصل بين الناس ومتابعة الأعمال وأموراً كثيرة غير ذلك، ولكن يجب أن لا يسيطر علينا بل يجب أن يقوم أي شخص بوضع هاتفه المحمول صامتاً أو إغلاقه عندما يتواجه مع الناس لتبادل أطراف الحديث أو حضور أي مناسبة تجمع الأقارب، لزيادة فعاليات الاتصال المباشر مع الناس وتعزيز الصداقة المتبادلة وأن نستخدمه في المهم فقط.