لقد طاب لي الاستقرار منذ أسابيع في مدينة الرياض، وكم قيل فيها من كلام جميل، لكن أن ترى جمال هذه المدينة بعينيك أعظم من مجرد السمع، فما وجدته وشاهدته في هذه المدينة أنها تحظى بمكانة مميزة في قلب كل عربي وسعودي، لأنها عريقة بحضارتها وتراثها وتاريخها وأمجادها، والذي ترك في قلبي أثرا كبيرا المعاملة الطيبة التي حظيت بها من أهلها الكرام الذين رحبوا بي بحفاوة حيث لم أشعر للحظة بأني غريب عن هذا المجتمع بل منذ الوهلة الأولى احتضنوني كفرد من أسرتهم ومواطن يجمع بيننا هذا الوطن الفسيح الذي بفضل قادته الحكماء نعيش في أرجائه دون خوف وبسلام وانفتاح وعزوة ومروءة والأهم من ذلك هو المواطنة الحقيقية التي تجمعنا بعيدا عن الطائفية المقيتة والتصنيفات التي تشرذمنا وتضرب نسيجنا الوطني. من الصعب أن أنقل حجم سعادتي البالغة عند مباشرتي العمل في مكتبي وسط الرياض وأنا أستقبل الضيوف من أهلها والمقيمين وزوارها الذين شكلوا تنوعا جماليا راقيا يعكس فسيفساء ثقافية تزيد هذا المجتمع غنى وانفتاحا، فالمجتمعات كلما تنوعت ازدادت حظوظها في التقدم والريادة من خلال استثمار هذا التنوع الثقافي لما يخدم مصلحة هذا المجتمع الذي يستند على تراثه لبناء حاضر مشرق ورؤية مستقبلية رائدة بامتياز، وليس هناك أبلغ من قول الله تعالى "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا" في دلالة كبيرة عن أهمية التنوع الثقافي الذي يفتح الآفاق الواسعة أمام الانفتاح والتقدم نحو الأفضل. لا شك أن الرياض هي المكان المناسب الجامع للتعايش السلمي بين أتباع الأديان والثقافات والأعراق والحضارات والمذاهب والطوائف من خلال بناء جسور الحوار والتواصل بينها دون حساسيات بسلوك نهج الوسطية والاعتدال لتحقيق الأهداف المنشودة، فهي أصبحت العاصمة العربية التي لفتت أنظار العالم إليها بفضل النهضة الثقافية والثورة التكنولوجية والصناعية الرائدة التي تشهدها منذ ست سنوات، مسجلة تقدما ملحوظا أدهش العالم بفضل التجاوب الكبير للشعب السعودي في تفعيل رؤية المملكة 2030، التي راهن فيها ولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان على قدرات هذا الشعب واستعداده لخدمة هذا الوطن بالغالي والنفيس، وفعلا أثبت هذا الشعب أنه جبار وكسر كل التحديات على مختلف الأصعدة وضرب نموذجا معاصرا لمفهوم المواطنة وحب الوطن والتفاني في خدمته ليترك بصمة وطنية وعالمية يحتذى بها. إن الحديث عن الرياض الحديثة وكيف تأثرت برؤية 2030 يطول، فالمدينة تشهد تحولا كبيرا بكل مقاييس الحداثة والانفتاح، والذي لم يزر هذه المدينة لخمس سنوات مضت سيتفاجأ بالتغير الإيجابي الذي تشهده عاصمة التنوع والتعايش، لذلك أنا أدعو كل من سمحت له الفرصة لزيارة هذه المدينة فلا يتأخر ليقف أمام لحظة تاريخية مذهلة ونحن جميعا شهود على حقبة الانفتاح والتسامح التي نعيشها في السعودية العظمى. *أمين عام المجلس الإسلامي العربي السيد محمد علي الحسيني *