أكد متخصص بالشأن العقاري عدم تأثر اقتصاد المملكة والسوق العقاري خاصة، بتداعيات الآثار الاقتصادية التي يشهدها الاقتصاد الصيني وبعض البنوك العالمية، جراء التعثرات المالية لشركة العقار الصينية المعروفة ب"مجموعة إيفرغراند" والتي تجاوزت ديونها المستحقة للبنوك الصينية والعالمية أكثر من 300 مليار دولار. وقال ل"الرياض" خالد المبيض -المتخصص بالشأن العقاري-: "بلا شك ليس هناك تأثير مباشر على سوق العقار بالمملكة من الأزمة العالمية للشركة الصينية، فكما هو معروف حالياً التأثير ينصب بالأساس وبالدرجة الأولى على البنوك المقرضة، وهي عشرات البنوك الصينية وبنوك عالمية، وبنوكنا في المملكة تكتفي في جانب العقار بالسوق الداخلي الذي له ضوابط تحكم العلاقة بين جميع الأطراف، وتحرص على عدم تضرر اقتصادنا الوطني والمحافظة على هذه الضوابط التي تركز على تحقيق حفظ الحقوق بشكل دقيق مع رقابة وحوكمة واضحة". ونفى المبيض تشبيه ما يحدث حالياً للشركة الصينية، بما حدث في أزمة 2008، والتي كان سببها مرتبط ببنك "ليمان براذرز" الأميركي، والذي عصف باقتصادات دول كثيرة، وهي كانت بمثابة أزمة ائتمان وعقار أميركية، وسببها الاختلاف أن في الأزمة الأميركية، كان هناك انفتاح على البنوك الأميركية والعالمية، وهذا لا ينطبق على ما يحدث حالياً لشركة صينية واحدة، حتى وإن كانت من كبريات شركات العقار في العالم، ومدرجة في بورصات عالمية وتأثر سهمها، فهي مرتبطة أساساً بنشاطها في سوق الصين، وتبني مشروعات سكنية للسوق الصيني بالدرجة الأولى. وحول تأثر اقتصاد الصين بمشكلة الشركة الصينية، قال: "من الطبيعي، كما أكدنا أن يكون التأثير على القطاع البنكي الصيني، ثم الاقتصاد الصيني عامة، ولكن هذا الاقتصاد واسع وكبير ويعتمد على الصناعة بالدرجة الأولى والتصدير لكل دول العالم، وهذا الاقتصاد الكبير يتخطى 16 تريليون دولار مع ناتج محلي إجمالي يتخطى 14 تريليوناً، ونشاط العقار لديهم جزء من منظومة اقتصادية واسعة ومنتجة ومصدرة حتى لأكبر الدول الصناعية، ومعروف أن المملكة ترتبط اقتصادياً بالصين بشكل كبير، من خلال النفط بالدرجة الأولى حيث تصدر قرابة 40 % من نفطها للصين، وبالطبع نحن مثل غالبية دول العالم، نستورد من الصين منتجات واسعة وبأرقام مليارية سنوياً، ولكن كل ذلك لن يعني تأثر اقتصاد مباشر البلدين الصيني والسعودي بتأثر مديونية كبيرة على شركات عقار صينية، حيث أن تأثيرها محدود، وكما ذكرنا هو على البنوك المقرضة سواء صينية أو عالمية". ويرى عدد من الاقتصاديين أنه لا توجد أزمة، نظرًا لأن حجم ديون الشركة التي تعد أكبر ثاني مطور عقاري بالصين لا يتخطى 310 مليارات دولار، في حين أن حجم الاقتصاد الصيني يجعل الحكومة قادرة على احتواء تلك الأزمة بسهولة، لكن الرد الرسمي الحكومي ببكين كان أن أطلقت تحذيرًا للشركات المماثلة، وقالت: إنه "لا توجد شركة أكبر من أن تفشل"، في حالة سقوط مجموعة "تشاينا إيفرغراند"، تقول الأرقام: إن نحو 170 بنكاً صينياً و120 بنكاً أجنبياً سوف يتضرر، مما سيشكل صدمة في القطاع البنكي، فضلًا عن 160 مليار دولار ديوناً لصالح الشركات التي تورد مواد البناء إلى "تشاينا إيفرغراند"، والتي بدورها تمتلك أكثر 1300 مشروع سكني ب 280 مدينة صينية، وأكثر من 1.4 مليون وحدة سكنية بها لم تكتمل، ما يعني أنها لن تستطيع بيعها، بالإضافة إلى 200 ألف موظف وملايين العمال، وكل ذلك يأتي وسط انخفاض سعر السهم المتداول ببورصة ناسداك إلى 29 سنتا بدلًا من 3.4 دولارات مطلع هذا العام، ما جعل حملة الأسهم يخسرون مدخرات بقرابة 90 %. ويمثل القطاع العقاري من 20 : 30 % من الاقتصاد الصيني، مما يعني أن سقوطها قد يمتد أثره لباقي القطاع بل القطاعات الاقتصادية الأخرى، خصوصاً وأن قطاعاً كبيراً من الصينيين يعتبرون أن الاستثمار في العقار هو الأفضل، وبالتالي فإن حجم الأزمة مرشح لأن يطول شريحة كبيرة من الناس، وجاءت ظروف تفشي وباء كورونا وآثاره الوخيمة على الاقتصادات العالمية لكي تضاعف من أزمة الشركة الصينية. قصة "إيفرغراند" يذكر أن شركة العقارات الصينية الشهيرة "إيفرغراند" تأسست في 1996، بعد 13 سنة من تأسيسها وتحديداً في أكتوبر 2009 طرحت "إيفرغراند" جزءاً من أسهمها للاكتتاب العام الأولي في بورصة هونج كونج مقابل 3.5 دولارات للسهم الواحد، وهو ما مكنها من جمع ما يعادل أكثر من 720 مليون دولار أميركي من المكتتبين على السهم. في ذلك الوقت كانت "إيفرغراند" مدينة بالفعل للبنوك، وبلغ حينها إجمالي الديون المستحقة عليها خلال ال12 شهراً التالية 922 مليون دولار. حصيلة الاكتتاب العام الأولي، إلى جانب 435 مليون دولار في خزينة الشركة، و381.5 مليون دولار هي قيمة قرض أميركي بشروط مرهقة، كانت هذه المبالغ مجتمعة من شأنها تغطية الدفعات المستحقة من ديون الشركة في المدى القصير، وكان من الممكن أن يفيض جزء من هذا المبلغ تستخدمه الشركة في زيادة حجم محفظتها من الأراضي، وذلك في حال تمكنت من تجديد بعض ديونها، بعد فترة وجيزة من طرحها للاكتتاب العام بدأت "إيفرغراند" تقترض من البنوك بأسعار فائدة مرتفعة للدخول في أنشطة وأعمال لا علاقة لها بمجال عملها الرئيس، على سبيل المثال ومن 50 مليار دولار في منتصف 2014، إلى 95 مليار دولار في نهاية 2015، ثم 274 مليار دولار بنهاية 2018، وأخيرًا 310 مليارات دولار بحلول نهاية 2020، هكذا تطور حجم ديون "إيفرغراند" خلال السنوات الأخيرة، وهي الأموال التي حصلت على الجزء الأكبر منها من البنوك.