أجمع "خمسون" عالماً ومثقفاً من مختلف دول العالم الإسلامي، أن منهج الشريعة الإسلامية يحث على إقامة مجتمع إنساني مبني على أساس الحوار والتعارف والتعامل الأخلاقي، وأن التعايش بين الشعوب هو ضرورة ملحة لتطور الحضارة الإنسانية، ولقد استندوا على آيات القرآن الكريم والتي تنص على مبدأ حرية المعتقد، لأهميته كمنطلق للتعايش بين الناس، وعلى أن من مقتضيات السنن الكونية ألا يكون الناس أمة واحدة، وهذا من ثوابت الإسلام الأساسية، وأكدوا أن من مكارم الدين الإسلامي تعزيز المبادرات التي من شأنها تعزيز قيم العدالة ودفع الظلم عن الناس وأحياء روح المجتمع القائم على حماية الأمن والسلم المجتمعي. ويشهد العالم الإسلامي تحولات كثيرة كان لها تأثير على الخطاب الثقافي والديني وأنماط التفكير مما يتطلب التدقيق أكثر في مفهوم التعايش والتعارف في الإسلام واستكشاف مكنوناته للتصدي للأفكار المتطرفة والرؤى الضالة والخطاب الصدام، بأدلة شرعية تؤكد سماحة ووسطية الإسلام، والتي تشير إلى مقدرته على استيعاب واحتواء المتغيرات الحديثة بأشكالها المختلفة. وبدعم سخي من المملكة لتعزيز نشاطات منظمة التعاون الإسلامي، تبنت المنظمة مهمة التصدي للخطاب المتطرف عن طريق التعريف الحقيقي للخطاب الديني ومفاهيمه الميسرة، والتي تحض على التعاون الإنساني في مختلف المجالات التي تعود بالنفع العام على العالم بأجمعه. ومن هذا المنطلق أصدرت منظمة التعاون الإسلامي عن طريق مركز صوت الحكمة "الذراع الفكرية للمنظمة" كتاب "التعايش والتعارف في الإسلام - مفاهيم ميسرة"، الذي يشكل موسوعة حوت المفاهيم الميسرة حيال التعايش، نثر فيه علماء ومفكرون من مختلف أقطار الدول الإسلامية، نتاجهم الفكري المعزز بالأدلة القرآنية والسنة النبوية في 4 فصول استندت على دراسات ومراجع عدة، بدأت بكلمة للأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي يوسف بن أحمد العثيمين، أشار من خلالها إلى ضرورة التصدي للتيار الديني المعاصر الذي يقوده متدينون هواة لم تشحذ أذهانهم بعمق المصادر الدينية الأصيلة ولم تمرن عقولهم تجارب الواقع. حرية المعتقد وفلسفة التعايش تناول الفصل الأول في الكتاب التعايش ومبدأ حرية المعتقد، عبر 14 باباً استعرضت نقاطا عدة مدعمة بأدلة شرعية تضمنت التعايش في الإسلام، التعارف والود في الإسلام، التربية على التسامح، التسامح في الزمن العربي - الإسلامي، المواطنة الإيجابية والعيش المشترك، الحوار، الاختلاف، التعددية الدينية، العفو، التيسير، النزعة الإنسانية والتسامح في الفنون الإسلامية، الارتفاق والسماحة بين الإنسان والبيئة في الإسلام، التجديد في الإسلام آلية تحديث للعقل التشريعي. واستفتح الفصل أول أبوابه بسؤال عن ماهية التجديد، ممرراً أفكار ورؤى حديثة حياله، متناولاً وحدة الخلق، وحدة الدين، عالمية الخطاب القرآني، المساواة معناها في الإسلام، مفهوم التسخير، الاستخلاف، العمران، الكرامة الإنسانية، العدل، الحرية، حرية التفكير، السلم، الأمن، الرحمة، التعاون، الجوار، الصدقات. وانطلاقاً من مفهوم الحاكمية تحدث هذا الفصل عن موضوعات عدة حواها 12 باباً شملت مفهوم الحاكمية، الكفر، الردة والحريات الدينية، الولاء والبراء، أهل الذمة، الجزية، دار الإسلام ودار الحرب، الحرب والقتال، القتال لنصرة المستضعفين، الجهاد، الحرابة، العقوبات ومظاهر السماحة والرأفة. ظواهر الاستقطاب والمواجهة: مفاهيم نقيضة للتعايش والتعارف. دحض هذا الفصل العديد من الأفكار والمفاهيم الضالة المتعلقة بالتطرف والتعصب والحقد والكراهية، مواجهاً إياها بأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية. وشمل هذا الفصل 8 أبواب ارتكزت على نقاط عدة تناولت التطرف، التعصب، التعصب القبلي والإثني، الحقد، الكراهية، منطق العنف والتطرف العنيف، التطرف الديني وأثره على التعايش والتعارف، والإرهاب.