كثيرةٌ هي الخطط الاستراتيجية بعيدة المدى أم قصيرته، مع تعدد مسمياتها، خمسية أم عشرية أم أقل أم أكثر، وقد تكونُ لقطاعٍ عام أو خاص، وقد تكونُ لوزارةٍ أو هيئة أو شركةٍ أو مؤسسة، وقد تكونُ على مستوى الدولة، قد يكونُ بعضها للاستهلاك، أو حتى الرغبةِ في التنفيذ، إلا أنها قد تصطدم بمعوقات، يصعب من خلالها تنفيذ الخطة أو بعضها، رغم أن بعضها ذو فائدةٍ ونتائج محمودة على الجهة ذات العلاقة، وتحتاج تلكم الخطط إلى متابعةٍ جادةٍ ليتضحَ أمرها. فالرؤية الوطنية تختلفُ بمفهومها عن الخطط الاستراتيجية؛ لها طابعٌ خاص ومختلف تمامًا عن الخطط الاستراتيجية؛ إذ هي رؤية شمولية، تجمع وتحيط بكلِّ مفاصل الدولة سواءٌ بقطاعها العام أم الخاص، وسواءٌ كانت وزارة خدمية كالتعليم والصحة والتجارة والعمل وغيرها أم وزارة سيادية لها طابعها الخاص وخططها واستراتيجياتها. ومما يُعطي أهمية لهذه الرؤية أن المشرف عليها خادم الحرمين الشريفين ملك المملكة العربية السعودية الملك سلمان بن عبدالعزيز وعرّابها ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز -حفظهما الله-، وهو المُتابِع لكلِّ دقيقة وجليلة فيها منذ انطلاقتها، يعرف تفاصيلها. والمملكة تعيش حراكًا غير مسبوق، وأصبحت الوزارات والهيئات حتى القطاعات ذات المسؤولية المحدودة منهمكة في تحديد ما يخصها وما هي مُلزمة وملتزمة به، وأصبحت الرؤية ثقافة المجتمع، هي حديثه ونقاشه وحواراته في مجالسه العامة والخاصة، فقلما يتواجد شخصان إلا ويتطرق حديثهما لهذه الرؤية ما نُفّذ منها وما هو آت ونتائج ما نُفّذ، كما أنها أصبحت حديث المنتديات الثقافية وحديث المجالس والمدارس، وكان في بدايات الحديث عن الرؤية وانطلاقتها أن التنفيذ قد يكونُ من المستحيلات لاعتباراتٍ كُثر؛ إلا أن الواقع وبعد مُضي خمس سنوات على انطلاقتها يصبح المستحيل واقعًا ملموسًا وتصبح الخطط أمرًا مُشاهدًا؛ بل إن بعض تلكم الخطط سبقت الجدول الزمني لتنفيذها رغم ما انتابها من معوقات، وأصبح لكلِ وزارة وهيئة ومؤسسة رؤية ورسالة وهدف واضح، وأصبح هناك سباق محموم للوصول إلى الهدف وتحقيق الرؤية والرسالة، وكان صاحب الرؤية وفارسها وعرابها يتابع كل دقيقة وجليلة، يعرف متى وكيف تُتنفّذ ويُذلل كل العقبات التي قد تعترض سبل التحقيق. ويتزامن حديث عرّاب الرؤية الوطنية للملكة العربية السعودية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز مع ذكرى مبايعة سموه -حفظه الله- وليًا لعهد المملكة العربية السعودية في السابع والعشرين من شهر رمضان من عام 1438ه، وما تم إنجازه خلال 1460 يومًا منذ مبايعة سموّه يحفظه الله إنجازٌ غيرَ مسبوق، إذ بلغت نسبة توطين الصناعات العسكرية 8 %، والإيرادات السعودية غير النفطية 369 مليار ريال، ووصلت نسبة تملك المساكن إلى 60 %، وارتفع معدل الخدمات الرقمية إلى 80 %، وبلغ أصول صندوق الاستثمارات العامة 1,5 تريليون ريال، وما اطلاق سوق المشتقات المالية في المملكة العربية السعودية إلا في إطار توفير الفرص المتنوعة للاستثمار وهو المعني لجذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية، وهذا فيضٌ من غيض من روائح الرؤية المباركة، وقد يتراءى قبل ذلك التاريخ أن ما يُتحدث عنه صعب المنال إلا أنّ العزيمة والهمّة والرغبة والطموح والإصرار وقبل ذلك التوكل على الله والأخذ بالأسباب جعلت من المستحيل واقعًا ومن الصعب سهلاً، وها هي الرؤية بعد مضي نصف مدتها قد نُفّذ منها أكثر مما هو مُخططٌ له، فحديثُ صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان عما أُنجز من الرؤية وفق الأرقام، وحديثُ الأرقام حديثٌ صادق لا مواربة به، وها هو المجتمع السعودي بكل أطيافه وفئاته، رجالاً ونساءً، شيوخًا وأطفالاً يتنفسون هواء الرؤية ويتذوقون رحيقها.