إعادة الحياة البيئية للمملكة العربية السعودية والتي تأتي تعزيزا للجهود البيئية القائمة في بلادنا وفق رؤية المملكة 2030، لرفع مستوى الصحة العامة وجودة الحياة في المملكة من خلال مبادرة ولي العهد -حفظه الله- "السعودية الخضراء"، القائمة على غرس عشرة مليارات شجرة في العقود المقبلة، بما يعادل تأهيل 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة للوصول إلى تغطية المساحة المغطاة بالأشجار قرابة اثني عشر ضعفا. وتعني المبادرة أيضا رفع نسبة المناطق المحمية إلى 30 % لتتجاوز المستهدفات العالمية بحماية ما يقدر ب 17 % من أراضي كل دولة، وأكثر من 04 % من تحقيق مستهدفات المبادرة العالمية للحد من تدهور الأراضي. وفي المقابل مبادرة الشرق الأوسط الأخضر والتي تهدف إلى تنسيق الجهود ومواكبة التطورات الإقليمية والدولية للإسهام بشكل كبير في تحقيق الأهداف العالمية لمواجهة التغير المناخي، وتهدف المبادرتان للحد من انبعاث غازات الاحتباس الحراري في منطقة الشرق الأوسط وزيادة حصة مصادر الطاقة المتجددة في ميزان الطاقة السعودي. وفي هذا التقرير المختصر سنتحدث عن جزئية صغيرة من مبادرة السعودية الخضراء وهو الجانب المتعلق برفع نسبة المناطق المحمية لتصل إلى 30 % للحفاظ على أشجار البيئة وتهيئتها للنمو من جديد والتي ستكون متى ما طبقت من أهم جوانب المبادرة وأقلها تكلفة، لاسيما وأن أرضنا لاتزال تحتفظ بالكثير من أشجار البيئة التي كانت تغطي معظم مساحة المملكة سواء أشجار الأودية والجبال أو أشجار وشجيرات المناطق الرملية والتي لا تحتاج منا أكثر من توفير الحماية لها، ومنها الأرطى والغضا والرمث الذي انقرض في أماكن كثيرة بسبب الاحتطاب الجائر والرعي غير المنظم، ولكن مازال لديه قابلية النمو بشكل ضافي وسريع، وليس أدل من المحميات الأخيرة أو حتى المزارع التي تسيج وتحمى من الرعي في هذه المناطق، وبمجرد مرور سنوات قليلة لا تتجاوز أربع إلى خمس سنوات تعود إليها الحياة وتبدأ بالنمو داخلها وبشكل متسارع الأشجار المنقرضة نفسها، ما تلبث أن تصبح مخزونا للبذور التي نحتاج إليها في مشروعنا. لقد أدى التراخي والتأخر في إقامة مثل هذه المحميات إلى تدهور حقيقي خلال 43 عاما الماضية في الأراضي، والقضاء على أشجار وشجيرات حافظت على بقائها آلاف السنين، حتى إنه مايزال من بيننا اليوم من يروي قصصا لا تكاد تصدق عايشها بنفسه عن وجود وكثافة أشجار انقرضت تماما ولم تعد موجودة مثل شجر الغضا، وها هو أحد سكان محافظة الأسياح يصف مناطق قريبة كانت تغطيها أشجار الغضا لدرجة أنهم عندما يعودون بإبلهم مساء يتركون الإبل تختصر المسافة عبر جواد غابات الغضا، بينما لا يتجرؤون على الدخول معها خوفا من السباع، فيمشون عدة ساعات خارج الغابة ليتلقفوها عند المخارج. ويؤكد أهل الخبرة وبعض المهتمين بالبيئة إلى أن من أهم العوامل التي أدت إلى تدهور الأراضي الاحتطاب الجائر والرعي غير المنظم وبالذات الرعي المدمر الذي يعتقدون بأنه السبب الرئيس لما حدث من تصحر، مع الازدياد الهائل في أعداد حيوانات الرعي، ومع ما حصل من تغير في أسلوب وسلوك هذه الحيوانات والذي جاء مخالفا لما عرف عنها مع دخول سلالات جديدة، ويضرب البعض مثالا بسيطا عن الإبل التي لا تأكل بعض أنواع الشجيرات إلا عندما تجف، لكنها في السنوات الأخيرة تعلمت هذه الإبل كيف تقتلع الشجيرة من جذورها وهي خضراء حتى تعود إليها بعد يومين أو ثلاثة بعدما تجف. الرعي المدمر سبب رئيس لما حدث من التصحر (عدسة/ علي محمد البدر)