شهدت الشاشات السعودية والعربية غزوا فكريا «تركيا»، والذي يتمثل في الأعمال الدرامية التركية التي تقدم رسالة بعيدة عن ثقافتنا وهويتنا، مستغلين في ذلك حالة الخمول الفني للأعمال الفنية التي توازي ما تقدمه هذه الدراما من سموم تلوث الأفكار وحول مجابهة ذلك تحدث ل»الرياض» عدد من المهتمين بالشأن الفني عن نظرتهم لمواجهة هذا الغزو وسبل الحد منه بأعمال تعوض المشاهد عن الأعمال التركية. رصد الحقائق وقال الناقد المصري طارق الشناوي: إن هناك طريقتين للمواجهة الثقافية والفنية، طريقة أنا أشعر بأن الزمن تجاوزها وهي المنع ولماذا أقول بأن الزمن تجاوزها؟ لأن مع انتشار شبكات التواصل الاجتماعي وتعدد الفضائيات فأصبح اللجوء إلى المصادرة أو المنع أو التعتيم أو أي حلول لا تأتي بثمارها ويتم اختراقها، وهناك برامج تكون ضد المنع بمعنى أن يأتي برنامج آخر ويفتح المنع وهكذا إذن ما هو الحل؟ الحل أن نقدم الفن، الفن الجميل الصادق ولن أقول المنحاز. وأضاف الشناوي عندما نقدم فناً عن تاريخنا العربي نرصد من خلالها الحقيقة. والسؤال هو كيف نرصد الحقيقة؟ يجب أن نرصدها بإبداع وفن وبرأيي الشخصي أن الساحة العربية مليئة بالمواهب على كل المستويات في الموسيقى التصويرية مثلاً ولدينا مواهب عظيمة في الديكور والتمثيل والإخراج والكتابة الدرامية فنحن نستطيع عمل أعمال تنافس التركي. وأوضح ليس هكذا فقط بل تجعل أيضاً المشاهد العربي يدير المؤشر إلى أعمالنا الدرامية والغنائية وعلى كل المستويات. وأكد الشناوي أن هذا السلاح الأهم حالياً وهو القوى الناعمة التي دائماً نتحدث عنها فالقوى الناعمة دورها مهم جداً في هذه المشكلات أو في هذا التوقيت تحديداً الذي يعيش فيه العالم كله فأنت من خلال القوى الناعمة بتبين أو تثير أفكارك أو توضحها درامياً وتجعل الناس تتعاطف معها لأنك تبني على حقيقة. وأستطرد بقوله: أتمنى أن يكون هذا هو الهدف وأنا أرى أننا كعرب لدينا كل الإمكانيات الإبداعية والجمالية والمادية ولم نكن بحاجة إلى المصادرة أو المنع لأن الجمهور نفسه سيدير المؤشر للأعمال العربية وفي هذه الحالة فإن الرفض ليس من قوى سياسية ولا حكومة بل سيكون الرفض من الشعب من الوجدان، من وجدان الناس أنفسهم وهذه هي المعضلة التي يجب أن ننتصر عليها في نهاية المطاف. دور المتلقي وأضاف المخرج عبدالخالق الغانم قائلاً: لا شك أن للدراما دورا فعالا في نقل ثقافة الشعوب وتوجيه أفكار المجتمع لما تراه مناسبا لسياستها بإرسال رسائل مبطنة تحمل في طياتها أهدافا ربما تكون مسيئة وهنا تكمن خطورة الرسائل، لذلك وجب علينا الحذر من المتلقي الذي سيتأثر دون شك بها وهذا ما نشاهده في الأعمال التركية. وهنا يأتي دور الناقد والفنان لكشف هذه المغالطات الفكرية وحين فكرت بإنتاج عمل درامي يتحدث عن الاحتلال العثماني في الأحساء والذي صاغ فكرة العمل الأستاذ عبدالعزيز السماعيل وهو أحد المثقفين الملمين بتاريخ العثمانيين جاء ردا على هذه السياسة المتأثرة بأمبراطوية السلاطين التي ظلمت وأساءت لأبناء الأحساء وآمل أن يرى هذا العمل النور لتوضيح الحقائق. الدعم الحقيقي وتابع الدكتور عمر الجاسر قائلاً: رسالتي موجهة إلى وزارة الإعلام وهيئة الإعلام المرئي والمسموع، والجهات ذات الاختصاص إذا لم يؤمنوا بأن الدراما والإعلام هما خط الدفاع الأول للوطن وثقافة الوطن وحماية المجتمع وهي رسالتنا للعالم كله لدعم ونشر ثقافتنا الدينية والاجتماعية والتربوية للتعريف بمناطقنا السياحية وتراثنا ومبدعين لدينا في كافة المجالات والمراحل والتحولات التي تمر فيها مملكتنا الحبيبة وقيمنا وعاداتنا هي من خلال الدراما والإعلام لذلك. وأشار الجاسر إلى أن تعمل وزارة الإعلام وهيئة الإذاعة والتلفزيون ووزارة الثقافة بإنتاج أعمال درامية سواء كانت سينما أو تلفزيون أو إذاعة أو مسرحيات أو برامج بكافة أطيافها، أيضاً إنتاج مميز والارتقاء بالطرح الذي فيه من الحوار ومن لغة الكاميرا بشكل احترافي جداً يكفي ما أهدرناه من أموال ووقت في إنتاج بعض الأعمال الدرامية والبرامجية الضعيفة والمسيئة لنا حقيقة وأتمنى فعلاً أن تكون هناك صحوة نبدأ نقيم ونختار وننتج أعمال فنية بكافة أطيافها وبرامج بكافة أطيافها لمستوى احترافي عالٍ جداً للنهوض بالدراما والبرامج والإعلام لدينا لكسب ثقة ومتابعة المجتمع المحلي في مملكتنا الحبيبة سواء سعوديا أو مقيما، وكذلك التعريف بنا على مستوى العالم كامل، نحن لا ينقصنا شيء المواهب موجودة والمبدعين موجودين والدولة -حفظها الله - داعمة بشكل كبير. وقال الجاسر: مشكلتنا في المجاملة وسوء الاختيار للأعمال سواء الفنية أو الإعلامية وعدم المبالاة ولا يوجد بعد نظر وأنا لا أعمم الكل ولكن البعض للأسف الأعمال العادية أو السطحية تفوق الأعمال القيمة والجيدة والممتازة حقيقة لذلك أتمنى التكاتف من الجميع منتجين ومعدين وإعلاميين وفنانين ولا بد أن يضعوا يدهم بيد وزارة الإعلام وهيئة الإذاعة ووزارة الثقافة، وأيضاً هذه الجهات لا بد أن تعمل بجد لاحتواء المبدعين ودعمهم دعما حقيقيا بعيداً عن البيروقراطية التي كنا نشهدها طوال هذه السنوات الماضية للنهوض بثقافتنا وإعلامنا وبما يليق لما وصلنا إليه. ترسيخ المفاهيم وشارك الممثل محمد الزهراني بقوله: أشكركم على طرح هذا الموضوع وأنا من مدة طويلة قلت إن الأعمال التركية ثقافتها مختلفة تماما عن توجهاتنا وثقافتنا هم لهم أهداف يعملون على ترسيخها في المجتمع الخليجي بصفة عامة من خلال الأعمال الدرامية وكنت أطالب دائما بأن تكون هناك أعمال خليجية أو سعودية بالأصح ذات توجه واضح وكشف الغزو الفكري العثماني إن صح التعبير وترسيخ مفاهيم الحقيقة التي دائما يبحث عنها المشاهد. وأكد على أن تكون لدينا أعمال درامية تحاكي ما يقدمونه من ثقافات لنرد عليهم بواقع حقيقي ملموس على مدى التاريخ وللأسف بعض القنوات العربية تعجب بالتكنيك الفني الخاص بالأعمال الدرامية التركية ولا تأخذ في فكرها من الغزو الفكري الذي تحتويه هذه الأعمال التركية وهذة مشكلة أنه لا توجد رقابة لما يعرض عبر هذه الأعمال التركية وأنا ما زلت أطالب وأتمنى من هيئة الإذاعة والتلفزيون السعودي التكثيف خلال الفترة القادمة بتقديم أعمال لكشف واقع الغزو الفكري العثماني عبر أعمال درامية، والتاريخ لا يكذب والشواهد موجودة تثبت فضائحهم وكذبهم وزيفهم وتزويرهم للحقيقة والتاريخ، وأتمنى أن تكون هناك أعمال ذات إنتاج ضخم وكبير يكشف الحقائق والواقع كما هو وليس كما يقدمه الأتراك لنا من خلال أعمالهم التي تهدف إلى هدم الشعوب العربية واستعمارهم فكريا. عبدالخالق الغانم: رسائل مبطنة وأهداف مسيئة عمر الجاسر: إعادة هيكلة أعمالنا الدرامية محمد الزهراني: التاريخ لا يكذب والشواهد موجودة