«رب ضارة نافعة».. ينطبق هذا المثل على الكثير من الأسر هذه الأيام التي أصبحت تقضي أوقاتاً طويلة في المنزل بسبب الحجر، خاصةً وهو يتوافق مع شهر رمضان الكريم. وقالت د. سحر رجب - مستشار نفسي وأسري -: الأمور التي حدثت وتحدث من عدة أسابيع مدعاة للفكر والتفكر والتدبر والتأمل، حيث أرسل الله ابتلاء كورونا لكل البلدان فحجرت الناس في منازلهم، مضيفةً: «لنحسب جانب كورونا الإيجابي، حيث دامت الأسر بمحبة وود، المشاركة الفعلية في كل شيء، تقارب أفراد الأسرة أكثر وأكثر، الصلاة جماعة، وهذا من فضل ربنا الكريم»، مبينةً أنه يجب على أفراد الأسرة الواحدة التأقلم مع العيش والتعايش بهذا الوضع ومن هذا المنطلق، مؤكدةً على أنه جاء رمضان وجمعنا على الخير والمحبة وزيادة المودة والتفاعل بإيجابية في هذه الجائحة، فمنذ بدء الحجر وبقائنا في المنازل ونحن نتآلف لنأتلف، تفهمنا لبعضنا البعض، مشاركتنا في كل شيء، وكأننا نتعرف على بعضنا البعض، هذا الشعور الملموس جدًا جميل وجيد. وأكد جزاء بن مرزوق المطيري - رئيس مجلس إدارة جمعية الإرشاد الأسري والنفسي بمنطقة مكةالمكرمة - على أن التواصل الفعال الإيجابي أمر حيوي وأساسي للأسرة، فالوضوح والتكامل في الاتصال يسهلان أداءها ككل بشكل أكثر فاعلية، ويجعلها قادرة على إدارة الأزمات وانتقاء استراتيجيات المواجهة الإيجابية وضبط المشاعر والأفكار السلبية عند مواجهة مختلف التوترات وضغوط الحياة ومن ثم الاستقرار الأسري والتوازن النفسي وصولاً إلى السعادة والرضا عن الحياة، مبيناً أن الأسرة القادرة على التواصل الواضح مع بعضها البعض يستطيع كل فرد من أفرادها التعاطف مع الآخر وتتوفر لديهم القدرة الهائلة على المواجهة والصمود والتكيف الإيجابي. وقال: إن الحجر المنزلي ووجود أفراد الأسرة جميعاً في فترة طويلة داخل المنزل مع بعض انعكسا بشكل إيجابي على استقرار الكثير من الأسر وتوازنها النفسي والانفعالي، بل وزيادة القدرة على التواصل والترابط بين أفرادها وحلهم المشكلات الأسرية، إضافةً إلى أن بعضهم أعاد صياغة الحياة الأسرية وبناء أسرة قوية من جديد من خلال استخدام نقاط القوة كأداة عظيمة للتوعية الذاتية وفرصة رائعة للتحدث إلى الأبناء للاستفادة مما يفعلونه بشكل جيد، مبيناً أن من الفنون التي تستخدم لزيادة التواصل بين أفراد الأسرة التعبير الانفعالي، حيث إن الأسرة القادرة على مشاطرة مشاعرها مع بعضها البعض يستطيع كل فرد فيها التعاطف مع الآخر، هذه التفاعلات الإيجابية توفر قدرة هائلة على مواجهة الضغوط والتكيف الإيجابي. من جهته، قال عبدالرحمن العطوي - إعلامي -: إن جائحة كورونا فرضت نمطاً لحياة الأسر، خاصةً مع منع التجول وخطورة الخروج من المنزل إلاّ للضرورة، وتصادف ذلك مع شهر رمضان، فالحجر جمع الأسرة في هذا الشهر الفضيل، حيث قَوَت أواصر الصلة وجمعتهم سفرة الطعام وزادت حلقات النقاش والألعاب الجماعية وممارسة الرياضة وإقامة الصلوات مع بعضهم، بل وحفظ كتاب الله، وممارسة الهوايات، كذلك قربت الكثير بين أفراد الأسرة، حيث عوّدت بعض الآباء الذين يقضون أوقاتهم سابقاً خارج المنزل وفي الاستراحات ومع الأصدقاء بأن يكونوا قريبين من أسرهم ويقاسموا ربات المنازل ما كن يعانينه سابقاً من إدارة المنزل في غياب الأب، مبيناً أن هناك من قام بتطوير نفسه والانخراط في دورات عن بُعد، وإشراك أبنائه في هذه الدورات والاطلاع على أبنائهم أثناء الدراسة عن بعد ومعرفة مستوياتهم الدراسية. د. سحر رجب جزاء المطيري عبدالرحمن العطوي