عند ما جاء الرحالة السويسري بوركهارت إلى جزيرة العرب في الفترة ما بين 1809 و 1812م مختلطا بقبائل شمال جزيرة العرب كان النعام ما زال موجودا بملاذات الجبال والصحارى التي حددها في شمال جزيرة العرب. وبخاصة في السهل الممتد من حوران باتجاه جبل شمر ونجد. وبعضها كما قال توجد في حوران، وقليل منها تصاد كل سنة تقريبا على مسافة يومين من دمشق ذكورا وإناثا والتي يسمونها ظليم للذكر وربداء للأنثى، مشيرا إلى عملية التمييز بينهما إذ يكون لدى ذكر النعام ريش أسود نهاياته بيضاء ما عدى ريش الذيل الذي يكون كله أبيض، بينما يعرف ريش الأنثى بلونه الأشهب المرقط، وبينما يتكاثر النعام في منتصف الشتاء، لتضع الواحدة منها ما بين اثنتى عشرة إلى واحد وعشرين بيضة، تضع النعامة بيضها في العش الذي يقول عنه العرب مدحه - هكذا سماه لعله يقصد (دحل)- وتختار مكانه عادة في سفح تلة معزولة، حيث تضع البيض متراصا على شكل دائرة نصف مدفونة في الرمل لحمايته من المطر، كما تحيطه وبطريقة هندسية بخندق ضيق ينصرف من خلاله الماء دون أن يصل العش، وعلى بعد عشرة أقدام أو اثنى عشر قدم. من تلك الدائرة تضع النعامة بيضتين أو ثلاث بيضات أخرى لا تفقسها بل تتركها لصغار النعام كي تتغذى بها مباشرة. إذ يتناوب ذكر النعام والأنثى الربض على البيض. وعندما يكون أحدهما فاعلا ذلك يقوم الآخر بمهمة المراقبة فوق أعلى التل المجاور، وهذا يساعد العرب كما قال على صيده فعندما يرى الصيادون نعامة واقفة بتلك الطريقة فوق التل يستنتجون أنه لا بد أن يكون هناك بيض بالقرب من ذلك المكان، وسريعا ما يعثرون على العش، وعندئذ تهرب النعامة بعيدا، حينذاك يحفر العربي حفرة في الأرض حول البيض. ويضع بندقيته المحشوة بالبارود فيها موجهة نحو البيض. وبعد أن يربط زنادها بمهارة في خيط طويل بأطرافه ثقاب قابل للاشتعال، يغطي البندقية بحجارة ثم يتراجع إلى مسافة مختبئا بالقرب منها، ومع المساء تعود النعامتان إلى المكان. ولعدم رؤيتهما أي عدو تستأنفان معا الربض على البيض، وما أن يقوما بذلك ويحدث تحريك الخيط المتصل بالزناد تثور البندقية الموجهة صوبهما، ويجد العربي غالبا صباح اليوم التالي إحدى النعامتين مقتولة وقد يجدهما معا مقتولتين في المكان نفسه بطلقة واحدة. هذه هي الطريقة المعتادة لصيد هذه الطيور كما قال لأن مطاردتهم غير ممارسة في الصحراء العربية الشمالية، مؤكدا أن هناك ظنا أن الشمس وحدها تفقس بيض النعام، لكن هذا الظن ثبت أنه غير صحيح، ذلك أن ما سبق ذكره يوضح أن النعامة تربض على بيضها في الفصل المطير، وهو الشتاء في حين تفقس صغارها في فصل الربيع قبل أن تكون درجة حرارة الشمس مرتفعة ارتفاعا كبيرا. وبحسب بوركهارت: يأكل سكان إقليم الجوف لحم النعام الذي يشترونه غالبا. بينما يجلب ويباع بيض النعام الواحدة منها بما يقرب من شلن واحد، والذي يفضله البدو ويعدونه طعاما لذيذا ووجبة دسمة متكاملة ويتباها سكان المدن بالبيض وقشوره الذي يستخدمونه كزينة في مجالسهم وغرف منازلهم، أما ريش النعام فيذكر أنه يباع في أسواق المدن وفي حلب ودمشق، وبصفه أساسية في المدينة الأخيرة، كما يبيعون جلد النعامة وعليه ريشه إذ شاهد جلدا من هذا النوع يباع العام 1810 م. في دمشق بنحو عشرة دولارات إسبانية. أما الجلد نفسه فيرمونه كما يقول بصفته غير مفيد، وبينما يصطاد أهل حلب أحيانا النعام على مسافة يومين إلى ثلاثة شرقا عنها ويحضرونه معهم إلى منازلهم يبيعون رطل ريش النعامة في حلب وشهد ذلك في ربيع العام 1811 م بمبلغ تراوح بين 250 و600 قرش. نحو 21 و61 من الجنية، كما كانوا يبيعون أحسن ريش النعام الواحدة بثمن يتراوح بين شلن وشلنين. بيض النعام النعام العربي بندق فتيل