اعتبر مثقفون أن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في رفع مستوى الوعي والارتقاء بفكر المتلقي من خلال ما يطرحه المثقف من مادة ثقافية جادة عبر تلك الوسائل، وأوصلت المثقف إلى شريحة كبيرة من المتلقين وفتح آفاق أوسع لهم، ولكنها في الوقت نفسه أصبحت منصات تزخر بالثمين والغث لعدم وجود رقيب، ولكن المتلقي أصبح أكثر نضجًا يفرق بين المثقف الحقيقي وغيره من خلال نوعية الطرح وقيمته وفائدته.."احتياجات ثقافية" وقال جمعان الكرت - كاتب وقاص - إنه من الضروري مواكبة مستجدات الحياة العصرية، ومن بينها وسائل التواصل الجديدة، ما يدفع الإنسان شاء أم أبى إلى مسايرة تلك الوسائل الاجتماعية لمتابعة الأحداث والأخبار المحلية والعالمية، بل حتى في التواصل الشخصي مع أصدقائه وأقاربه، مشيرًا إلى أن الإنسان في هذه الفترة الراهنة لا يمكنه الحياة في معزل عن الموجودات التقنية حوله، فقد غزت البشرية بل نفذت حتى من مسام جلدها، ليس الإشكالية في الحصول على المعلومة فهي متوافرة وتأتي كسيل عرم، بل في القدرة على تقنين تلك المعلومات بما يتناسب والذائقة الفكرية والاحتياج الثقافي والأدبي، فوسائل التواصل الجديدة سرعت من الحصول على المعلومة أيًا كانت وفي ثوان معدودة بخلاف ما كان سابقًا وبالطريقة التقليدية المتمثلة في زيارة المكتبات العامة والبحث في قائمة الكتب، وهذا يستغرق وقتًا وجهدًا كبيرين، ويتساءل: بعد سهولة حصوله على تلك المعلومات والبيانات وغيرهما، كيف يمكن للمثقف استثمار هذا التنامي التقني والانفجار المعرفي وسهولة التواصل؟.. ويجيب: هنا نلحظ أن بعض المثقفين استفاد من الموجودات حوله بإعداد مدونات أو مواقع إلكترونية خاصة، ينشر من خلالها نتاجه الثقافي سواء كان شعرًا أم سردًا، ويتحقق التفاعل في اللحظة ذاتها من القارئ الافتراضي القريب منه أو في أقاصي الدنيا، هذا التنامي التقني المذهل والانفجار المعرفي العجيب أحدث منعطفًا في حياة الإنسان الفكرية والثقافية، ما جعله أسيرًا لما يحدث، سائرًا في منظومة التطور، أو أنه سيبقى في منأى عن العالم، وهذا مستحيل. الكرت: حققت التفاعل اللحظي خضير: يسرت النشر الأدبي غتار: كشفت حال المثقفين "منابر متعددة" واعتبرت مريم خضر الزهراني - كاتبة وقاصة - مواقع التواصل الاجتماعي منبرًا للخبر الإعلامي عامة ونافذة تواصل الفرد خاصة بكل مستوياته بجميع أنحاء العالم، والاطلاع على كل جديد وقديم من خلالها، وقالت: فالمثقف انصرف إليها كما انصرف غيره من أفراد المجتمع، فهو يبحث عن كل جديد في ساحته الثقافية ويجده متوافرًا أمامه بضغطة زر وبكل اللغات، فهو يتلقى ثقافات العالم وكل فنونه وأدواته من خلالها، فيأخذ المهم المفيد الذي يخدم فكره ورأيه وركيزته الثقافية، وينصرف عما لا يليق به فكريًا وثقافيًا، كما جعلت التواصل مباشرًا بينه وبين المتلقي، ما دعم جماليات العمل الإبداعي لديه، وزادت في ظهور أشكال عديدة للعمل الثقافي بعد أن كانت أصواتًا صامتة لا يعرفها أحد، فجعلت له جمهورًا لم يكن له وجود من قبل، وأضافت: للمثقف محفزات إضافية وأبرزته إلى عالم الوجود اللائق بنتاجه، ما زاد من مساحة نشر أعماله بشكل مريح وسهل دون أن يسعى إليه كما كان في السابق، فتعددت المنابر التي من خلالها يصل عمله الإبداعي لأكبر مساحة. ونوهت إلى أنه يوجد طرق تواصل سريعة ومنها السهل المختصر وبعبارات جزلة رنانة وهي ميسرة لكل من يميل إلى الاختصار، وأما من يميل إلى التوسع في الكتابة ويحتاج لأكبر مساحة يجد منصات تناسب ذلك، صفحات عديدة تحتوي نتاجه الإبداعي دون تحديد عدد الصفحات ومساحة المادة وعدد الصور. ومجموعات أخرى يتبادل من خلالها معظم المثقفين آراءهم ونتاجهم الإبداعي، مثل تقديم دورات وبرامج أدبية وثقافية بكل أنواعها، وتواصل مرئي أصبح مباشرًا وسريعًا بين المثقف والمتلقي من حيث نقل الندوات والمؤتمرات والأمسيات مباشرة عبر هذه الوسائل وليس كما كان في السابق، مشيرةً إلى أننا لا نهمل الجانب السلبي الذي له مردود محبط. لكل هذه النشاطات الثقافية مع إلقاء الضوء على بعضها مثل ظهور بعض الذين يدعون الثقافة وهم بعيدون كل البعد عنها، وطريقة تناولهم للعمل الأدبي بمفهموم خاطئ، ولا تزيد من جماليات عمل المثقف الإبداعي الحقيقي فقد تكسح طموحاته إلى حد لا يرضي ذائقته الأدبية. "نوافذ معرفية" من جانبه، نوه د. سامي غتَّار الثقفي عضو جماعة فرقد بنادي الطائف الأدبي إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي نوافذ معرفية مهمة يطل منها المثقف على الساحة الثقافية والأدبية، وقد أعطت هذه الوسائل المثقف مساحة كبيرة للتعبير عن أفكاره ومشاعره، وسهلت التواصل مع محبي الثقافة، فبعد أن كان المثقف والأديب يبحث عمّن ينشر إنتاجه الثقافي، ويحتاج إلى الوقت لكي يتم النشر، إضافة إلى تعرضها في كثير من الأحيان إلى التعديل من خلال مقص الرقيب.. ثم جاءت وسائل التواصل الاجتماعي بمنزلة الفتح الكبير للمثقفين في التواصل مع الجمهور، بل تميزت بتفاعل المثقف مع جمهوره وكذلك الجمهور مع المثقفين وبشكل مباشر وبدون أي حواجز، واختصرت عليهم الجهد والوقت وعناء الانتقال من مكان لآخر وحضور الفعايات في الأندية والمنتديات، وأعطت للمثقفين انتشارًا أكبر. وأبان أنه يختلف المثقفون باختلاف شرائحهم واهتماماتهم في تعاملهم مع وسائل التواصل الاجتماعي والاستفادة منها، حيث نجد أن بعضهم قد استفاد من هذه الوسائل في نشر مادته الثقافية بل تحول من الوسائل الورقية التقليدية إلى الثقافة الرقمية، ونجد كذلك أن هذه الوسائل قد كشفت عن المستوى الفكري والثقافي والعلمي للمثقفين، فنجد فيها المثقف الحقيقي الذي يحرص على تقديم مادة ثقافية نافعة، بينما نجد في الجانب الآخر أنها قد كشفت عن المستوى الثقافي الهش لبعض المثقفين من خلال أطروحاتهم في تلك الوسائل. والمأمول أن تستغل هذه الوسائل في زيادة الوعي لدى المتلقي والارتقاء بفكره من خلال تقديم مادة ثقافية جادة ونافعة. د. سامي الثقفي جمعان الكرت