في الوقت الذي أخذت الكتب نصيبها من البيع والنشر والتوزيع على اختلاف المكتبات الخاصة والعامة، إلا أن تلك المكتبات لم تستطع حتى اليوم أن تكسر حاجز الصمت فيما يتعلق بإيجاد مكتبة سمعية ضخمة تضم مختلف الأسطوانات والأشرطة المنوعة لأشهر المقطوعات الموسيقية، والأغاني التي تخص أشهر الفنانين العالميين من الدول المختلفة سواء في فرنسا، إنجلترا، كوريا، اليابان، أميركا، تركيا، المكسيك وغيرها رغم انتشار عديد من تلك الأغاني لدى فئة المستمعين المتذوقين، التي أصبحت تترك بصمتها في الشارع من خلال المقاهي، والسيارات المنتشية بالموسيقى، وكذلك في عالم بعض المراكز النسائية والرياضية وربما المحال التجارية التي أصبحت تدعم ذلك النوع من الفن السمعي، الذي يحمل ثقافات متنوعة من دول مختلفة، فأصبحنا نتذوق الأغنية الأجنبية كما نتذوق الأغنية العربية، في الوقت الذي يقوم الإنترنت بالمهمة في نشر تلك المقطوعات الموسيقية المنوعة، إلا أنه - مع الأسف - تغيب المكتبات الموسيقية التي نحتاج لها أن تؤسس كيانها كما هي ثقافة الكتب التي بدأت تنتشر في كل مكان. ورغم أن الثقافة السمعية المتعلقة بالموسيقى والغناء لم تنطلق بعد في وطننا بالشكل الذي يمكن أن يحتفي بتاريخ بعض المكتبات التي تأسست في ذلك الواقع الفني، إلا أن هناك عديدا من المكتبات الأوروبية التي عرفت باحتوائها على أضخم عدد من الأسطوانات الموسيقية القديمة، والمتنوعة، كمكتبة برمنغهام في إنجلترا التي تأسست عام 2013م، ففي الوقت الذي تعتني هذه المكتبة بأهم الكتب الثقافية والعلمية بأعداد كبيرة جدا، تضم أعدادا أيضا من الأسطوانات الموسيقية التي تمثل ثروة مهمة لتاريخ الغناء المختلف، كذلك مكتبة جيرولاميني في إيطاليا، التي تحتوي على كثير من الكتب إلى جانب الموسيقى المنوعة، لا سيما تلك الموسيقى التي تتعلق بالتأمل الروحي والديني، كما لا يمكن تجاهل تلك المحاولات الجادة لدى بعض الدول العربية في تحقيق مكتبات موسيقية سمعية، تضم التراث العربي إلى جانب الموسيقى الغربية على اختلافها كتجربة "وليد خويص" اللبناني، الذي حرص على تأسيس مكتبة سمعية بتحويل منزله إلى ذلك الحلم بعد أن عمل أكثر من 28 سنة في جمع الأسطوانات والتسجيلات الغنائية والموسيقية المختلفة. فيما تحرص الدول العربية كالقاهرة ودبي والبحرين وغيرها على ضم مكتبات مصغرة لبيع أهم السيديهات والأسطوانات الغنائية، ورغم جميع تلك المحاولات إلا أنه يبدو أن المكتبة السمعية الفنية تحتاج لكثير من الثقافة والتذوق؛ حتى تجد لها أرضا صلبة لتؤسس عليه كيانها السمعي، ولن يحدث ذلك إلا حينما يتحول الفن إلى ثقافة وسلوك وتذوق ينعكس على تفكيرنا، ويلون هندامنا، ويتسرب إلى بيوتنا، فيضفي على الحياة تفاصيلها الصغيرة من الفن والفنون التي تحس وتعاش. المكتبات السمعية تساعد في الحفاظ على التراث السمعي العربي