تمثل الأسرة حجر الزاوية وركيزة أساسية في بناء المجتمعات الإنسانية، فالحفاظ عليها يمثل حفظاً واستقراراً للمجتمع ككل، كما يزيد الترابط الأسري من الاستقرار الاجتماعي للمجتمع، حيث إننا بطبيعة الحال مجتمع محافظ وشاب في نفس الوقت. وكانت تزيد لدينا نسبة الزواج في الأوساط الشابة خلال العقود الماضية، وانعكس هذا الأمر جلياً على زيادة عدد السكان في المملكة، ولكن مع تطور المجتمع السعودي بشكل متسارع في الآونة الأخيرة والانفتاح على العالم بشكل أكبر من خلال التقنية الحديثة أدى إلى تأخر سن الزواج في الأوساط الشابة سواء لأسباب اقتصادية أو اجتماعية للتعليم والوظيفة وغيرها. حيث تشكلت ظاهرة غريبة من خلال تصاعد الأرقام والمؤشرات في حالات الانفصال بين الأزواج بشكل متزايد في الآونة الأخيرة، وهذه المرحلة تحديداً تبرز الحاجة إلى دراسة مختصة تشخص الوضع الاجتماعي للأسر، وتدرس أسباب الانفصال المتزايد، فليست الحياة هي المال والسكن، على حساب المودة والرحمة. وفي خضم التواصل الاجتماعي أصبحت ظاهرة العنوسة تشكل تحدياً كبيراً، ويقابلها الدعوة إلى الانفصال من قبل بعض الذين مروا بتجارب غير جيدة في حياتهن من العنصر النسائي بداعي الكرامة وراحة البال والحياة الهادئة بعيداً عن صخب الرجل والأسرة، وللأسف ينخدع بعض النساء بهذه الحال، حيث إن البحث عن الحياة الرومانسية والحرية المزعومة تقابلهما نظرة اجتماعية أخرى وصعوبات قد لا تظهر إلا بعد المرور في التجربة. الحياة البشرية والفطرة السوية تقومان على التعاون ومقاومة شذف الحياة اليومية والسعي لطلب الرزق وتشارك العالم موارد هذا الكون، والقناعة هي التي تؤسس الحياة السعيدة. في الواقع هناك أزواج غير أسوياء ومدمني مخدرات يعانون من سلوكيات غير طبيعية، ويقابله أيضاً من الرجال الأسوياء والأوفياء الكثير، وكذلك بعض الزوجات يعانين الكسل والخمول وإدمان التسوق وإهمال الأسرة والأبناء، وتدعي المظلومية في مواقع التواصل الاجتماعي! ولا ننسى أن هناك من تعمل وتدير شؤون بيتها وأسرتها وحياتها، وكل هذه الصور تمثل حياة الناس الطبيعية في أغلب المجتمعات الإنسانية. تشكل لدينا التكاليف الباهظة والبذخ المبالغ فيه أحياناً في مناسباتنا الاجتماعية عامل هدم للمجتمع والأسرة في ظل محدودية دخل أغلب الناس الذين يأخذون مرتبات بسيطة ويقيمون حفلات بمئات الآلاف من الريالات نتاج قروض أو مديونات تعيق حياة الشاب في مستقبل الأيام. ولا أعلم إلى أي مدى سوف تتعقد العلاقات الإنسانية في القريب أو البعيد، ولكن الملاحظ أن الناس أخذوا في الانكفاء على ذاتهم والاكتفاء بنفسها والانقطاع عن الآخرين بدواعي العلاقات المزعجة وجوانب الخصوصية الخالصة.