تعظيم مكانة ولاة الأمر وترسيخ هيبة النظام هي مهمة كل إعلامي شريف، وكل خطيب بليغ، وكل داعية منصف، وكل عالم وفقيه، وكل مواطن يستطيع أن يفعل ويقول.. لعل من المناسب بعد أن رأينا النجاح الكبير الذي تحققه «مملكتنا الحبيبة» في كل عام من التيسير لحجاج بيت الله الحرام؛ استيعابًا وتنظيمًا وخدمةً وحمايةً، من المناسب أن ننصب منارًا للمهتدين يرشدهم أين يكمن سر النجاح، والذي يحاول الأعداء مرارًا وتكرارًا اختراق حصنه الحصين، وفتح ثغرات في سياج حرمه المتين للمتربصين والعابثين، ذلك السر هو الاحترام الذي زرعه الدين الإسلامي «لمكانة النظام العام» والمحافظة على هيبة «مراكز السلطة» فبها دوام الأمن، وبها تنمو التجارات، وبها تؤدى الحقوق، فكم من ظالم ومجرم وئِدَ طغيانه في صدره رهبة وهيبة للأمن الذي تتمتع به هذه البلاد المباركة، وعلى هذه الهيبة التي يتمركز خلفها «رجال لا يعرفون الكلل ولا الملل» بنيت وقامت هذه الدولة بنظامها واقتصادها وعمرانها، وقد تفطن الأولون العقلاء من الجاهليين فضلاً عن سلف هذه الأمة، إلى أهمية توقير «السلطة والقائمين عليها» في استقامة المعيشة، وإقامة الشعائر، وانتشار العدل، وقد أحسن فصيحهم إذ قال: وَالبَيتُ لا يُبتَنى إِلّا لَهُ عَمَدٌ وَلا عِمادَ إِذا لَم تُرسَ أَوتادُ فَإِن تَجَمَّعَ أَوتادٌ وَأَعمِدَةٌ وَساكِنٌ بَلَغوا الأَمرَ الَّذي كادوا وَإِن تَجَمَّعَ أَقوامٌ ذَوو حَسَبٍ اِصطادَ أَمرَهُمُ بِالرُشدِ مُصطادُ لا يَصلُحُ الناسُ فَوضى لا سَراةَ لَهُم وَلا سَراةَ إِذا جُهّالُهُم سادوا ولا يخفى على الحصيف العاقل الآيات والأحاديث والآثار التي جاءت بالتأكيد على ضرورة توقير واحترام «مكانة القيادة» ولا أدل على ذلك من جعل طاعة القائمين عليها من طاعة الله ورسوله (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم.) وليس ذلك تعظيمًا لذواتهم ولا لأشخاصهم، وإنما لتلبسهم بهذه الصفة المنيفة التي اعتمد عليها الإسلام في إقامة الأحكام ونشر العدل. وقد حرص الإسلام على أن يكون القائم بهذا الأمر متميزًا بذكائه وقوته وأمانته، حتى لا يُساء إلى هيبة المكانة التي يتقلدها، وهو ما يحرص أعداء هذا الوطن بل وأعداء الإسلام أن يظهروه للشعوب العربية من خلال تشويه الرموز بالكذب والزور واستخدام كل إمكاناتهم للنيل من قيادتنا الحكيمة، وليس المقصود حقيقة «الإساءة الشخصية» لهذه القيادات، ولكن المقصود هو إيجاد حالة من التذمر من أي نظام قائم، وخلق فجوة بين الشعوب وقيادتها، لإدخال الشعوب الإسلامية والعربية في دوامة من الفوضى التي يصعب تداركها، وها هي بلاد الحرمين بنظامها واقتصادها وحداثة عمرانها وقوة أمنها وبسالة جيشها وطموح شبابها، خير شاهد على حنكة وحكمة وكرم وبسالة قيادتها، فما ننعم به من أمن لم يكن ليتأتى لولا تفضله سبحانه ثم الجهود التي يبذلها قادتنا، فقد أرهقوا أجسادهم وأسهروا ليلهم وبذلوا أوقاتهم وخاطروا بنفوسهم، لأجل أن ينعم الشعب بحياة رغيدة وكريمة: لَولا المَشَقَّةُ سادَ الناسُ كُلُّهُمُ الجودُ يُفقِرُ وَالإِقدامُ قَتّالُ فكيف لمسلم، بل كيف لعاقل التفكير في تنقص وجحد هذه الجهود العظيمة التي هي للأمة الإسلامية قاطبة، فكم هي الملايين التي تشد رحالها لزيارة بيت الله الحرام والمسجد النبوي سواء في الحج أو سائر السنة، بل وكم هي الأفئدة التي تدعو لهذه البلاد المباركة بالأمن والسلامة لمعرفتها بمدى الخطر المحدق بالأمة باستهداف قبلتها بالتشويه، والأمر لله من قبل ومن بعد، وهو من يحرس بيته ومدينة رسوله وهذه الدولة التي بذلت نفسها وشعبها وأموالها لخدمة الحرمين الشريفين. تعظيم مكانة ولاة الأمر وترسيخ هيبة النظام هي مهمة كل إعلامي شريف، وكل خطيب بليغ، وكل داعية منصف، وكل عالم وفقيه، وكل مواطن يستطيع أن يفعل ويقول، فبين احترام النظام وطاعة القائمين عليه وبين الحياة الكريمة ارتباط وثيق ومباشر، وصلةٌ معظمة بنصوص الكتاب والسنة. ومن قلّب نظره في معرفات كثيرة في مواقع التواصل الاجتماعي تبين له صدق ما أقول، إذ يحرص كل المغرضين على تشويه القادة، ولمزهم، ونبزهم بالألقاب المنفرة، والاستماتة في إضعاف الثقة فيهم، ووصمهم بكل وصف قبيح، ليبغضهم الناس، وينفروا منهم، وليجعلوهم في مقبل الأيام وقودا لنيل أغراضهم، وبلوغ غايتهم من بث الفرقة، والتنازع، وتبديل الأمن خوفاً، والاستقرار اضطراباً، والألفة والتلاحم صراعاً وحرباً. هذا، والله من وراء القصد. Your browser does not support the video tag.