تعتبر كلمة متلازمة (syndrome) من الكلمات التي يستخدمها الأطباء كثيراً، وخاصة أطباء الوراثة، والكلمة مرادفة لكلمة مرض أو حالة مرضية، وتطلق على حدوث عدة أعراض مع بعضها البعض، وهكذا يمكن أن يطلق على متلازمة داون (مرض داون) أو (حالة داون). وهناك عدد من المتلازمات المرضية مثل متلازمة داون، ومتلازمة إدوارد، ومتلازمة بكوث ودمان، ومتلازمة تيرنر، ومتلازمة نونان وغيرها من المتلازمات المرضية التي لا مجال لذكرها هنا. وسأطرح هنا مصطلح (متلازمة التقاعد) وهو مصطلح أحسبه يعبر عن حالة بعض المتقاعدين الذين كانوا يعشقون العمل، ويتشبثون بالوظيفة بشكل مبالغ فيه. ويرى بعض علماء النفس أن كثيراً من الناس لا يرحبون إطلاقاً بمرحلة التقاعد، حيث يعتبرونها نقطة تحول سلبي في حياتهم، يترتب عليها المزيد من الخسائر، فالخسائر المادية تحدث نتيجة لانخفاض الدخل مقارنة بالدخل أيام العمل، وكذلك خسارة النفوذ الذي كان يستمده الموظف من منصبه، بالإضافة إلى خسارة الهيبة التي كان يتمتع بها بين مرؤوسيه. وتصاحب مرحلة متلازمة التقاعد أعراض ومشاعر سلبية، حيث يمكن أن يصاب المتقاعد بالاكتئاب وربما بعض الأمراض الجسدية التي لم يكن يعاني منها أثناء العمل. إن متلازمة التقاعد( Retirement syndrome ) هي ظاهرة تكون أكثر وضوحاً عند الموظفين الذين كانوا يشغلون مناصب إدارية رفيعة في وزارة أو مؤسسة حكومية أو خاصة. وللأسف فإن الكثيرين منهم يدخلون بغير اختيارهم دائرة النسيان وعدم الوفاء من زملائهم، الأمر الذي يؤثر عليهم كثيراً من الناحية النفسية، وللتغلب على متلازمة التقاعد فإن من الضروري القيام بعمل تخطيط لما بعد العمل الرسمي، ويتم ذلك بالتعامل مع هذه المرحلة على أنها بداية رائعة لحياة جديدة تتميز بالمسؤولية الراقية ورعاية الأسرة وخدمة المجتمع بالتطوع أو حضور المناسبات التي تؤدي إلى توثيق الوشائج الاجتماعية، وينبغي أن لا تنسى أنه يمكن التغلب على متلازمة التقاعد بالعمل التطوعي أو بالسفر والتعرف على جوانب من حضارة بلاده وبلاد العالم، وتوثيق أواصر المودة مع عائلته وأقاربه وأصدقائه وزملائه. ولاشك أن مرحلة ما بعد التقاعد ستكشف الكثير من الأقنعة المزيفة، وسيتعرف المسؤول السابق على معادن البشر الذين كانوا يتملقونه من أجل مصالحهم، وسيبقى الكثيرون في ذاكرة المسؤول بعد التقاعد مكللة بالشرف والفخر وخدمة الوطن بكل تفانٍ وإخلاص.