نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية تقريراً مطولاً، ألقت من خلاله الضوء على فيلم وثائقي جديد، كشف مزيداً من التفاصيل المتعلقة بملف استضافة قطر لنهائيات كأس العالم 2022، وما يحويه الملف المشوّه من اتهامات بالرشاوى والفساد، واستخدام أصناف من المعاملات اللا إنسانية للعمالة في قطر، واستهل ستيفن جوف كاتب المقالة: "منح قطر حق استضافة مونديال 2022، القرار الذي أدخل الفيفا التاريخ بوصفه أحد أكثر التحركات الفاسدة والملوثة في كرة القدم"، ثم بدأ يتحدث عن القرار من بدايته واصفاً إياه بالقرار الأكثر جدلاً في التاريخ وقال: "لم تبق عملية فساد التصويت وحدها في ملف قطر المشوه، بل انضم لها المعاملة القاسية واللا إنسانية التي يتعرض لها العمال المهاجرون هناك ممن يشيدون الملاعب الرياضية الفخمة في هذه الدولة الصغيرة حجماً". واشنطن بوست: منح قطر الاستضافة أدخل «الفيفا» قائمة التاريخ الملوث واستعرض التقرير الصحافي فلماً وثائقياً أنتجته إحدى شركات الإنتاج تناول معاناة العمال داخل أراضي الدوحة تحت عنوان "كأس العمال" إشارة إلى اضطهاد العمالة للمسارعة في إنجاز المشاريع المتعلقة بالمونديال المشبوه، في وقت تحاول الحكومة القطرية إزاحة الضغوطات عنها من خلال إقامة بطولة دورية بين العمالة لإظهار أنهم يعيشون حياتهم بشكل طبيعي، وهو الأمر الذي يخالف الواقع ولايوجد إلا في وسائل الإعلام القطرية فقط وقال: "تحاول حكومة قطر أن تصرف الأنظار عن سمعتها الملوثة على أكثر من صعيد وإحدى هذه الأصعدة تعاملها القاسي مع العمالة لذلك لجأت لإقامة كأس العمال في محاولة إبراز العمالة بأنهم يعيشون حياة طبيعية داخل قطر". ويرى جوف أن الاطلاع على حياة العمالة في قطر، لا يتطلب إجراء تحقيق استقصائي وإنما يكفي مشاهدة ذلك من خلال أعين العمالة وهم يكدحون تحت أشعة الشمس الحارقة ويتنافسون في الانضمام لفرق تابعة للشركات ليشاركوا في تلك المنافسات المزعومة. ويفّصل الفيلم الوثائقي عن البطولة القطرية للعمالة: "لقد دعت اللجنة المنظمة لمونديال 2022، 24 شركة للتباري في كأس العمال هذه في لعبة علاقات عامة تستهدف رفع الروح المعنوية للعمال وأن تكون سبباً في تعزيز الولاء للمشاريع التي يعملون على تشييدها، لكن ذلك يتلاشى كلياً بمجرد الانتقال إلى مقر السكن الذي يقيمون داخله والذي يفتقد لأدنى مقومات الراحة النفسية والحياة الكريمة". ويستعرض الفيلم عدداً من الحالات التي تعرضت للاحتيال والنصب قبل القدوم إلى قطر للعمل وأبرزها ما تعرض له الغاني كينيث الذي دفع 1500 دولار لوسيط في غانا ليتمكن من القدوم إلى قطر كلاعب كرة قدم، لكنه فوجئ بعد الوصول بأنه جاء ليعمل في إنشاء وتشييد الملاعب وليس اللعب داخلها. وأبرز الفيلم الكثير ممن يشابه حالة كينيث الكثير تم خداعه في هذا الشأن، واستعرض الوثائقي قصة الهندي أوميش، العامل الذي قطع مسافة طويلة بين البحار والمحيطات ليصل قطر كلاعب كرة قدم يحلم بالوصول بعيداً فيها لكن والد روني وروبن – اللذان أسماهما حباً لنجمي الكرة واين روني وروبن فان بيرسي – وجد نفسه عاملاً وليس لاعب كرة قدم لتتحطم أحلامه أمام ناظريه في أرض قطر. الكيني بول واحد من ضحايا انتهاكات قطر لحقوق الإنسان، يستعرض الفيلم محاولاته على موقع "فيس بوك" للتواصل الاجتماعي على من تشاطره المشاعر لمواجهة وحدته القاسية التي يعاني منها هو ورفاقه من المخيمات المزرية في أطراف المدن القطرية، ودفعت هذه الحياة القاسية بول إلى إذكاء شعوره بالاشتياق. وكشف الفيلم عن تضرر العلاقة الزوجية ما بين النيبالي باردم وزوجته بفضل وجوده بمعزل داخل قطر، واصفا الحياة التي يعيشها العمال في قطر بأنها "حياة حقيرة" لكنها لم تمنعهم من إبقاء أحلامهم وآمالهم على قيد الحياة، فهم يحلمون بتحسين أوضاعهم وتجاوز ظروفهم العملية والقاسية التي يكابدونها على يد أرباب العمل القطريين، ويسعون جاهدين للاستمتاع بها رغم القساوة. ويؤكد الفيلم الوثائقي أن العمال الذين يتناول أوضاعهم ليسوا إلا غيضا من فيض قرابة 1.6 مليون عامل أجنبي يشكلون نسبة 60% من العدد الكلي لسكان قطر. كما يؤكد الفيلم فيما تنقله صحيفة "واشنطن بوست" أن الغرف التي يقيمون فيها، قد تم تصميمها على شكل مقطورات رُميت خارج أقطار المدن القطرية مما يجعلهم بعيدين عن الأعين والأذهان، ولا يتقاضون مرتبات تتوازى مع الأعمال التي يقومون بها. وأشار التقرير إلى ما حذرت منه منظمة العفو الدولية في وقت سابق اتحاد الكرة الدولي "الفيفا" من الانتهاكات التي يواجهها العمال في قطر، واستعرض الفيلم عدداً من القيود التي فرضتها السلطات القطرية على العمالة: "تفرض قيوداً على تحركات العمالة والتنقل بين الشركات بكل أريحية، فالخيار أمامهم واحد فلا يستطيعون الانتقال لشركات أخرى ولا حتى العودة إلى بلادهم لأن جوازات سفرهم يتم مصادرتها لحين انتهاء مدة تعاقدهم من الشركة". وعن المقومات التي اعتمد عليها صناع الفيلم الوثائقي قالت صحيفة "واشنطن بوست": لقد استفادوا من عملهم في منطقة الشرق الأوسط ليقوموا بمفاوضات مكنتهم من الدخول إلى مخيم العمال في منطقة أم صلال والتعرف على تفاصيل حياة عدد من العمال الذي ينتسبون لشركة "جلف كونتراكتينج كو"، فكرة القدم التي توفر بهجة لعشاقها تنطوي أيضاً في الجانب الآخر على طبقة سميكة من الفساد والعفن، بعد أن شاب ملف قطر لتنظيم مونديال 2022 ما شابه من الفساد والشبهات" ولا تجد هذه التقارير أي استجابة من الحكومة القطرية لتعديل أوضاع العمال الإنسانية وتصحيحها وفقاً لما تراه صحيفة "نيوزويك" الأمريكية في تقرير نشرته قبل أسبوعين قالت فيه: "لا تتخذ السلطات الحاكمة في قطر أي خطوات جادة للتحقيق في ذلك العدد الكبير من الوفيات غير المبررة التي تقع داخل العمالة الذين يعملون على إنشاء البنية التحتية استعداداً لاستضافة مونديال كرة قدم. وفي الشأن ذاته أعلنت منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة، أنها بدأت متابعة قضية عامل نيبالي تعرض للتنكيل في قطر بعد أن تحدث لفريق أممي أثناء زيارة سابقة لهم إلى قطر شرح خلالها معاناته وزملاءه التي يواجهونها فقد أبلغهم أنه يتقاضى راتباً زهيداً وأن جواز سفره محتجز لدى كفيلة، لتقوم بعد ذلك السلطات القطرية بسجنه لمدة أسبوعين في مارس 2016 ومن ثم أفرجت عنه. وقالت كورنين فارغا مديرة المبادئ والحقوق الأساسية في المنظمة: "المنظمة تتابع عن كثب هذه القضية وستستمر لحماية واحترام حقوق هذا العامل، فقد نوقشت هذه المسألة في اجتماع المنظمة الذي عقد في مارس الماضي وسيتم مناقشتها مجدداً في اجتماع نوفمبر المقبل مما قد يؤدي إلى فتح تحقيق رسمي في تعامل قطر مع العمال فيها".