في حدث تاريخيّ من نوعه وفي ظل الأزمات الدولية خاصةً التي تشهدها الشعوب العربية، وقعّت المملكة في قمة الرياض مساء السبت عدة اتفاقيات متنوعة في عدة مجالات، عسكرية وأمنية، اقتصادية، صحية وتقنية، ولعل أبرز هذهِ الاتفاقيات، توقيع عقود تسليح ب110 مليار دولار بين الرياض وواشنطن، وتوقيع اتفاقية تصنيع طائرة بلاك هوك في المملكة، وتوقيع اتفاقيات مشتركة بين المملكة وأميركا في مجال الصناعات العسكرية وتوليد الطاقة. وبالتمعُّن بما يدور حول الاتفاقيات العسكرية - الأمنية ما هي إلاّ مؤشر لتعزيز الصناعة العسكرية في المملكة، حينما أضحى الطموح النووي الإيراني يُهدد الحدود السعودية - اليمنية الذي قد جاء على هيئة تنظيم إرهابي يُدعى بالحوثي يقطن بالبقعة الجغرافية الشمالية لدولة اليمن، الذي لطالما عبث في أمن المنطقة وهدد الأماكن المُقدسة التي تُعد قبلة للمسلمين مثل مكةالمكرمة. وفيما يختص في الصناعات العسكرية، في المملكة ودعمها من دول عظمى كالولايات المتحدة الأميركية، ما هي إلاّ تطبيق لرؤية 2030 التي أعرب عنها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع قبل عام من الآن، كما أنها ستُضيف الكثير للقوات المسلحة ليس على صعيد الحكومة السعودية بل للعالم الإسلامي ككل في ظل مواجهة الأخطار. وفيما يختص "بالمجال الاقتصادي " تم توقيع مجموعة اتفاقيات بين الرياض وواشنطن بقيمة 280 مليار دولار تتمحور حول مجال الاستثمارات البتروكيميائية وشركة أرامكو السعودية، وفي مجال الاستثمار بالتقنية والبنية التحتية وخدمات النفط والغاز والتعدين وتطوير القدرات البشرية، والتوقيع في مجال الاستثمارات العقارية والتوقيع على اتفاقية شراء طائرات في مجال النقل الجوي. وللحديث حول تداعيات هذهِ الاتفاقيات التي شملت إنتاج وتوزيع وتبادل واستهلاك السلع والخدمات على التنمية البشرية، ستوفر مئات آلاف الوظائف في البلدين بمختلف مجالاتها والتي ستؤدي بدورها إلى رفع الاقتصاد لكل من الرياض وواشنطن، وبلا شك أن الاقتصاد يُمثل عصب وكيان الدولة وهو السُلطة ويُشاطر بالأهمية تعزيز وتمكين الصناعات العسكرية، ومن هذا المُنطلق نتنبأ للمملكة تطوراً حضارياً زاخراً من عدة نواحٍ ثقافية وترفيهية، فالاقتصاد بدوره هو من يُدير دفة هذه النواحي إلى التقدم والأمام بشكل تصاعدي، نحو جيل مُرفّه تبياناً لما جاء في نص رؤية 2030 عندما أُطلقت. إن مستقبل المملكة، أيها الإخوة والأخوات، مبشر وواعد، بإذن الله، وتستحق بلادنا الغالية أكثر مما تحقق. لدينا قدراتٌ سنقوم بمضاعفة دورها وزيادة إسهامها في صناعة هذا المستقبل، وسنبذل أقصى جهودنا لنمنح معظم المسلمين في أنحاء العالم فرصة زيارة قبلتهم ومهوى أفئدتهم. نريد أن نضاعف قدراتنا: نريد أن نحول أرامكو من شركة لإنتاج النفط إلى عملاق صناعي يعمل في أنحاء العالم، ونحوّل صندوق الاستثمارات العامة إلى أكبر صندوق سيادي في العالم، وسنحفز كبريات شركاتنا السعودية لتكون عابرة للحدود ولاعباً أساسياً في أسواق العالم، ونشجع الشركات الواعدة لتكبر وتصبح عملاقة، حريصون على أن يبقى تسليح جيشنا قوياً، وفي نفس الوقت نريد أن نصنّع نصف احتياجاته العسكرية على الأقل محلياً، لنستثمر ثروتنا في الداخل، وذلك من أجل إيجاد المزيد من الفرص الوظيفية والاقتصاديّة. إذاً يمكننا القول: إن ما يحدث من اتفاقيات مع دول ذات سيادة عالمية ما هي إلا خطوات لتطبيق الرؤية التي تتطلع لها المملكة في مقتبل عام 2030م. والجدير بالذكر أن المملكة التي تخوض حرباً ضد تنظيمات إرهابية تتمثل بالقطبين الشيعي، والسني، استطاعت أن تكون راعية للقمم الثلاث بكل جدارة ويظهر باليوم الأول من القمة السعودية - الأميركية معالم الاستقرار والأمن الذي حباها الله من بين دول عديدة تشهد تهديدات أمنية خطرة للغاية من قِبل التنظيمات الإرهابية، وبالإضافة إلى معالم الاستقرار فقد نجحت بتوقيع عدة اتفاقيات بقالب دبلوماسي، تمحورت كما ذكرنا آنفاً حول محورين عسكري- واقتصادي. ومن المؤكد أيضاً أن يكون من ضمن مُباحثات هذه القمم، ملف القضية السورية وأيضاً اليمن الذي يعيش بقلبها رئيس مخلوع بينما الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي يستصعب حتى دخوله لليمن في حين قيامه بأي جولة خارج البلد؛ وهذا مدلول واضح مدى حجم تسلُّح العصابة الحوثية من قِبل الحليف الإيراني الذي ظل ولا زال يعبث في أمن العالم العربي.