يبدو أن الملحن ناصر الصالح لم يعد يملك ما يقدمه للأغنية السعودية، بعد مواصلته الاقتباس من الألحان الشعبية التي تحتويها الأسطوانات الباقية الموروثة من أرشيف والده صالح المحسن الذي كان منتجاً غنائياً في حقبة الأسطوانات في الأحساء. كل عمل جديد للصالح لابد أن يحمل في طياته شبهة اقتباس أو تشابه مع لحن شعبي قديم، بل إن بعضها يصل إلى حد الإعادة الصريحة، دون اعتبار للملحن الأصلي. وآخر ما قدمه الصالح في هذا السياق أغنية "عاد تمر الحسا" التي طرحها مؤخراً من كلمات الشاعر خالد العوض. لحن هذه الأغنية هو نفس اللحن الذي قدمه الراحل عيسى الأحسائي في أغنية "يقول عيسى يوم فارق حبيبه" وقد اقتبسه الصالح بشكل صريح بتوزيع موسيقي جديد ليقنع المستمعين أن هذا اللحن جديد. وهذه للأسف سمة لازمة لأعماله في السنوات الأخيرة، حتى وصل به الأمر إلى أن يستنسخ ألحانه القديمة ويعيدها مرة أخرى بأصوات فنانين آخرين! كلحن أغنية "يلازمني خيالك" الذي قدمه قبل سنوات لنوال الكويتية في أغنيتها "أنا المسؤول"، ما يعكس تساهله في قضية الاقتباس. هذه المؤشرات تعطي دلالة واضحة أن الصالح يقدم أكثر من طاقته، وأنه قدم كل ما يمكنه تقديمه قبل سنوات، ولم يعد لديه جديد. كان يقول إنه "مستمع جيد للألوان الشعبية وهو ابن الفن الشعبي وحريص على حفظ تاريخه"، لكن من يتابع مسيرته، خاصة في الفترة الأخيرة، يجد النقيض تماماً، بألحانه التي اقتبسها بوضوح من مبدعين سابقين ومعاصرين مثل مزعل فرحان في أغنية "أبي فرصة" ورابح صقر "عسى ما شر" وبدر الغريب في أغنية "اليتيمة" التي اقتبسها في كوبليه كامل من أغنية "الأماكن"، وغيرها من الألحان المقتبسة، وكان آخرها ابن منطقته الراحل عيسى الأحسائي. المكانة التي احتلها ناصر الصالح في العشر سنوات الماضية، والتي منح بفضلها لقب "الموسيقار"، اتضح أنها جاءت على أكتاف ملحنين سابقين، استفاد منهم واقتبس ألحانهم بتساهل شديد يشي بواقع مؤسف للحركة الفنية السعودية وبعدم وجود جهات رقابية تمارس عملها في حفظ حقوق الملكية الفكرية وحماية المبدعين الأوائل. عيسى الأحسائي