مررنا بتجربة جميلة الأسبوع الماضي، فهو أسبوع للاستنفار الأسري في الكثير من بيوت المواطنين والمقيمين للاحتفاء بيوم الوطن. وكانت نتيجته الإيجابية المتراكمة تقليص الفجوة تدريجيا بين من لا يرى أهمية للاحتفاء بسبب موقف تفسيري يربط الاحتفاء بالعيد فقط، وبين من يرى المبالغة في التعبير الى درجة تشويه صورة الجميع بتصرفات فردية.. وبدأت الفجوة تضيق على تلك الممارسات الفردية وتتسع لتزداد مساحة الإبداع وبروز المواهب على ساحة الأداء الرقمي والمؤسسي.. وهنا أقف أمام سؤال حيرني قليلا وهو: أين من ابدع في يومنا الوطني قبل سنة او سنوات قريبة؟ وما هي طبيعة إبداعهم او إبداعهن في هذا العام؟ لا أملك الجواب وغيري ربما لا يملك الجواب. والسبب يعود لعدم الاحتفاء بمن ابدع او توثيق الابداع او تكريم المبدع في مرحلة تطويرية لاحقة. فنحن أمة نفاخر بالكرم كقيمة في محيط التفكير الرأسي الى أن تضاءل المفهوم واقتصرت القيمة على تقديم الطعام الى حد الاسراف المقيت والتبذير. ولم نتوسع في التفكير والتعريف والممارسة افقيا في مفهوم الكرم ليشمل التكريم متعدد الأنواع. فالسخاء المادي نوع من الكرم والتكريم لمن يستحق، وهل يستحق التكريم أكثر ممن يبدع في حب الوطن؟ وفي باب تكريم المبدعين في حب الوطن هل نطمح في أي تكريم حكومي؟ ارجو أن يكون الجواب لدينا جميعا ب"لا"، لأن التكريم يفترض ان ينبع من ذات باب المواطنة التي حركت الابداع لتحرك أيضا التكريم. وهنا يكون التكريم شعبيا كما يفعل الكثير من الاسر في تكريم مبدعيها على نطاق ضيق حتى في يوم الوطن. ومع هذا فيما يبدو ان مؤسساتنا ليس لديها سعة في الحس حتى تشارك في اليوم الوطني سوى بعبارات جوفاء ترسل للعملاء مثل ما تصل الى هواتفكم من البنوك وشركات الاتصالات وغيرها ممن ينعم بخيرات الوطن ولا يقدم نسبة واضحة من الأرباح لتعود وتصب في حياة المجتمع بمختلف تفريعات المسؤولية الاجتماعية. ولذا في كل عام نتذكر أغنيات بعينها ولجمالها وندرتها، وهو نوع من التقدير لمبدعيها، فهي قد حفرت في قلوبنا ومشاعرنا. ولكننا نطمح للمزيد في ظل سماء يمطرنا بثقافة الغير التي لا نريد أن تأخذ اكثر من حيزها الطبيعي ضمن مخزوننا الثقافي. ولذا اقترح عشر جوائز سنوية لتكريم المبدعين والموهوبين من المواطنين والمقيمين والأصدقاء المحبين لبلدنا. وهي جوائز قد يختلف معي البعض فيها وفي تفاصيلها وقد يتفق البعض معها. ولكن لنتحاور حولها من اجل تحفيز الإبداع. وهذه هي جوائز الابداع الوطني في مجال: المسرح (نص وتمثيل وإخراج). الموروث الشعبي (الشيلات قصائد النبط وغيرها). الغناء (كلمات ولحن وأداء). فنون الأداء الميداني (الأداء في الميادين العامة والأسواق وأماكن الترفيه). الابداع الرقمي في شبكات التواصل الاجتماعي. الأنشطة الثقافية (الديوانيات والأمسيات الثقافية). اللوحات التعبيرية والإضاءة الإبداعية. مشاركات المواطنين في الخارج. مشاركة المقيمين في الداخل (الجاليات والمدارس الأجنبية والمؤسسات العالمية لدينا). مشاركة العرب والمسلمين والأصدقاء ممن عاش بيننا ويحمل الحب لنا في دياره. هناك العديد من التفريعات والتفاصيل والأمثلة من واقعنا المحلي، ولكن المهم ما هي المؤسسات او الشركات الوطنية التي ستتصدى لتفاخر برعاية جوائز معينة منها؟ ام هل ننتظر ان تقوم الجمعية السعودية للثقافة والفنون بمهام التطوير والتنسيق حتى ترى الفكرة النور في العام المقبل؟ نحن ضمن الجنس البشري الذي يستوقفنا الابداع كثيرا بمختلف انواعه، بل ونقدر حتى الأداء البسيط منه، بل ونستمتع به خاصة اذا ارتبط ببلدنا وثقافتنا في الغربة. فلو تأملنا حال استمتاع الكثير من اسرنا وشبابنا بالوصلات الادائية الساذجة ل "شهرزاد" عجوز الشارع الثالث في سانتا مونيكا بجنوب كاليفورنيا لادركنا لماذا هي تعرف كيف تثير شجوننا عندما ترتدي الجلابية السعودية وتتراقص على اغانينا الوطنية، فمن يتفرج عليها لابد أن يجود عليها كتعبير عن التقدير. ولذا اضفت الجائزة الرابعة لفنون الأداء الميداني عن بلدنا حتى في بقية ميادين العالم، فهناك الكثير ممن يعبر عن حبه للمملكة العربية السعودية في ظل حملات مسعورة ضدنا. فلنشجع الحب حتى القليل منه ليمحو ضلالات الحقد المتصاعدة، لأننا نردد من القلب: ستبقى دوما يا وطني "فوق هام السحب". [email protected]