كان أستاذنا الكبير محمد صلاح الدين – رحمه الله – يقول عن المقالات التي لها تتمات في الصفحات الداخلية بأنها مقالات لها ذيول. وكانت معظم مقالاته كذلك. وكان يعاني من ذلك كثيراً لعدة أمور، لعل أهمها رغبته في أن يجد القارئ المقالة كاملة في مكان واحد. وقد أشار أحد القراء الكرام الذين علقوا على مقال الأسبوع الماضي إلى أمنيته لأن يرى لو مقالة واحدة لكاتبه المفضل كذلك. إلاّ أن ما لا قد يعلمه القراء،هو وقوع الكاتب تحت ضغط كبير لملء مساحته بعدد محدد من الكلمات، وإلاّ عوقب بالذيل. والسبب الرئيس في ذلك، سطوة الإعلان الذي يشكل الرافد الأساسي لاستمرار صدور الصحيفة وربحيتها. وقد ظن أحد القراء الكرام انحيازي للمقالات القصيرة. وللإيضاح، فقد كانت مقالاتي طويلة حينما بدأت الكتابة الصحفية منذ اثنين وعشرين عاماً. ثم أخذتُ في اختزالها شيئاً فشيئاً لاعتبارين أساسيين: الأول هو القوالب الإخراجية للصحيفة التي تحدد عدد الكلمات. والثاني رغبة القارئ عموماً في الاختصار. ولقد علق قارئ كريم آخر مقارناً بمقالات الصحف الغربية وطولها وعمقها كالنيويورك تايمز، وحبّذ "لو أنني اطلعتُ عليها" وأخبر أخي بعلمي بذلك، فنصف تعليمي كان هناك، وأعلم كيف يكتبون وكيف يقرأون. فهم يقرأون الكتب والبحوث ونحن لا نقرأ. أما الصحف فهم يقرأونها – رغم عمق مقالاتها –مع قهوة الإفطار. أما الصحف عندنا فهي تعتبر وعاءً ثقافياً ومعلوماتياً مهماً. لذا كان لزاماً على كاتبنا تقديم الخدمة المناسبة لقرائه بمواصفات راقية وكافية؛ وحسب سلوكيات مجتمعه. ومع كل ذلك فهو يعاني كثيراً من سوء فهم بعضهم للأفكار. إنها مسألة ثقافة. فاكس 96626999792