قال الضَمِير المُتَكَلِّم: أكتبُ لكم من داخل قاعات المعرض الدولي للتعليم العالي، الذي تم تدشينه الثلاثاء 26 يناير في مدينة الرياض، بمشاركة أكثر من (300) جامعة عالمية، من (32) دولة، إضافة إلى جامعاتنا المُوَقَرة. أهداف المعرض النّظَرية رائعة ومنها: تحقيق وعي معرفي كامل بقضايا التعليم العالي ومؤسساته على مستوى العالم، وإتاحة الفرصة للمجتمع بمختلف فئاته ومؤسساته وأفراده في التواصل مع التجارب الدولية. وفتح قناة تواصل إيجابية بين الجهات التعليمية في المملكة، ومؤسسات التعليم العالي في العالم أجمع. وللعمل على تحقيق تلك الأهداف وشهادة حَق فقد بذلت وزارة التعليم العالي جهودًا كبيرة في الإعداد والترتيب، والتنظيم منذ عدة أشهر؛ وفي يوم الافتتاح تعالوا نتجوّل في أروقة المعرض الذي يلمس زائره أنه ينقسم إلى قسمين كبيرين مختلفين في الشكل ومضمون الرسالة: * قِسْم الجامعات والمؤسسات العالمية، وفيه بساطة الديكور، ووضوح الهدف، وجودة العَرض؛ فتلك الجامعات العالمية التي يحتل بعضها مراكز متقدمة في التصنيفات العالمية المعتمدة، جناح الواحدة منها صغير المساحة، كبير المضمون، محتوياته مقتصرة على كتيبات، ومطويات، وأقراص مدمّجة تعريفية بالمؤسسة التعليمية، وإمكاناتها. * القسم الثاني: خُصِّصَ للجامعات والكليات السعودية الحكومية منها والخاصة، والتي في عمومها تناست أهداف المعرض النبيلة، وتجاهلت الجَوهَر، وركّزت على المظهر، ولذا تنافست فيما بينها في بناء الديكورات المختلفة المتنافرة التي كلفت أموالاً كبيرة؛ بل إن إحدى الجامعات أقامت في جناحها ما يشْبه الكعبة -شرفها الله-!! وكان الأولى إدراك رسالة المعرض الحقيقية، وتوجيه تلك الدراهم والدنانير لبرامج التطوير، وزيادة أعداد الطلاب المقبولين!! فإذا كان هذا سلوك مؤسساتنا الأكاديمية التي تقودها النخبة المثقفة، فلا لَوم ولا عَتَبَ على الإدارات الحكومية الأخرى!! النوايا من إقامة هذا المعرض كانت طيبة؛ وكان يمكن تحقيق الدرجة الكاملة منها، لو تعاملت معه جامعاتنا بواقعية، لا شكلية، ولو كان توقيت المعرض بعيدًا عن مواعيد اختبارات الفصل الثاني التي حرمت أعضاء هيئة التدريس في الجامعات؛ وكذلك طلابها، وطلاب الثانويات، وأولياء أمورهم من متابعة فعاليات المَعْرِض!! ألقاكم بخير والضمائر متكلّمة.