الزواج هو أحد الأركان الأساسية التي تُبنَى من خلالها المجتمعات، وهو علاقة شرعية وعاطفية وروحية مهمة تتم بين طرفين، لتساهم مستقبلاً في تكوين الأسرة، التي تُعدُّ نواة المجتمع، وبالزواج تنتظم أمور الحياة ويتحقق الاستقرار والأمن، وتترسَّخ المبادىء والضوابط الإنسانية. قبل حوالي أكثر من 15 عاماً صدر قرار مجلس الوزراء بشأن إلزام السعوديين الراغبين بالزواج في المملكة العربية السعودية أن يقوموا بإجراء فحص طبي لإكمال إجراءات العقد، بحيث يصبح هذا الإجراء خطوة أساسية لإكمال متطلبات عقد الزواج، وذلك من خلال مراكز فحص معتمدة من قِبَل وزارة الصحة، ويُركِّز ذلك الفحص على أكثر أمراض الدم الوراثية انتشاراً بالمملكة، إضافةً إلى بعض الأمراض المعدية، مثل مرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)، وفيروس الالتهاب الكبدي، مع ترك حرية إتمام الزواج للطرفين، بصرف النظر عن نتيجة الفحص الطبي، سواءً سلباً كانت أم إيجاباً. وقبل حوالي 6 سنوات أقر مجلس الوزراء السعودي أيضاً الموافقة على المقترح المُقدَّم من وزارتي الصحة والشؤون الاجتماعية بشأن عقد دورات توعوية للمقبلين على الزواج من الشباب والفتيات، وقد شكَّل هذا القرار دفعة قوية لمؤسسات المجتمع المدني لإعداد وإقامة برامج ودورات توعوية للشباب والفتيات المقبلين على الزواج في جميع مناطق المملكة لتأهيلهم تأهيلاً شاملاً في الجوانب الشرعية والصحية والنفسية والاجتماعية، على أن يكون الحضور اختيارياً لطرفي عقد الزواج، وقد أشار أحد المشرفين على مثل هذه المشاريع بأن نسبة الطلاق بين الأفراد الملتحقين ببرامج التأهيل قبل الزواج لا تتجاوز 3%، فيما قد تبلغ النسبة لمن سواهم أكثر من 40%. مؤخراً طرح أحد أعضاء مجلس الشورى توصية لوزارة الصحة للتوسع في برنامج الفحص الطبي قبل الزواج، بإضافة فحوصات تشمل تحليل الإدمان على المخدرات والأمراض النفسية والعقلية، والأمراض الوراثية الشائعة والخطيرة، مع ضرورة تحديث قائمة الفحوصات المطلوبة دورياً بما يتفق مع احتياجات المجتمع ونتائج الأبحاث الحديثة، خصوصاً أن هناك أمراضاً لو تم اكتشافها مبكراً لساهمت في التوفير على ميزانية العلاج للدولة، إضافةً إلى أن حالات الطلاق والعنف الأسري والقتل والتعذيب للأطفال قد ارتفعت بشكلٍ كبير، وأن الإدمان على المخدرات أو المسكرات من أهم أسبابها. الاهتمام بقضية الزواج في مجتمعنا، يجب أن يتواصل من كافة الجهات، وأن نعمل باستمرار على أن نُوفِّر له كل القواعد والأسس التي تُساهم في رفع مستوى ونسبة نجاحه في مجتمعنا مع الحد من كافة الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق، وذلك من خلال رفع مستوى المسؤولية والوعي لدى أولياء الأمور والزوجين؛ للتعرف على واجباتهم ومسؤولياتهم قبل وأثناء وبعد الزواج.