** أحتار أحياناً عندما أرى بعض الموظفين في بعض الجهات والمصالح الحكومية التي تشهد زحفاً يومياً على أقسامها لارتباطها الشديد بالمواطنين .. وتوثق علاقاتها .. بهم. وأتساءل كيف يعيش هؤلاء الموظفون حياتهم بهذه السهولة .. وكيف يمنعون الانفجار النفسي الذي هم بالتأكيد يختزنونه في داخلهم .. ويطغى على كل عضلة من عضلات أجسادهم .. في الساعات العديدة التي يمارسون فيها الركض والجري اللاهث خلف ألف وألف معاملة ووراءه .. يسحبون أكثر من مراجع .. كلهم يطالبون أن يكون قادراً على منحهم ما يريدون .. وبوقت سريع جداً .. فأوقاتهم لا تحتمل التأخير .. ويا لخيبته لو نادى بالصبر .. أو رفع راية التأني. عند ذلك هو موظف متهاون وغير مؤهّل للبقاء في منصبه .. المرء يشعر بالرثاء لواقع هؤلاء .. إنّهم يموتون موتاً بطيئاً جداً وبطريقة لا تخلو من العذاب. هذه النماذج يصادفها المرء في أغلب الدوائر الملتصقة التصاقاً مباشراً بالمواطنين .. يشهد فيها ممارسة فعلية للعمل .. وإكمالا لنهار كل يوم لا تستطيع أن تستمتع بشرب الشاي .. أو الحديث عن فيلم البارحة أو مباراة الأمس .. أو التطلُّع إلى أعمدة الإعلانات في الصحف .. وعد الصور التي في الصفحة الواحدة. فهي لا تفعل ذلك على الإطلاق وبإجادة تامة ولا تتمكن من الخروج عنه مهما حاولت .. إنّ النماذج هذه التي نراها في الجوازات ودوائر الشرطة والمرور .. والنجدة .. والإمارة .. وغيرها من كل الدوائر المحتكة بالمواطن تستحق أكثر من إشادة لأنّها تكمل الساعات الست دون نقصان.