للمرة الثانية على التوالي النقد الدولي يرفع توقعاته لآفاق الاقتصاد السعودي ليصبح الثاني عالمياً لعام 2025    الصحة العالمية توافق على لقاح ضد الكوليرا لمواجهة النقص العالمي    طقس اليوم: فرصة لهطول أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة    البنك الدولي: المملكة مركزاً لنشر الإصلاحات الاقتصادية    إعفاء "الأهليات" من الحدّ الأدنى للحافلات    إخلاء طبي لمواطنة من كوسوفا    ماني: إهدار ركلة الجزاء لم يزعجني.. وهذا سر الفوز    الحزم يتعاقد مع المدرب صالح المحمدي    حمدالله: تجاوزت موقف المُشجع.. وصفقات الهلال الأفضل    بن دليم الرحيل المُر    الأمطار تكسو عسير والباحة "حلة خضراء"    بوابة الدرعية تستقبل يوم التراث بفعاليات متنوعة    نجران.. المحطة العاشرة لجولة أطباق المملكة    الجدعان: الاقتصاد العالمي يتجه لهبوط سلِس    "الأمر بالمعروف" في أبها تواصل نشر مضامين حملة "اعتناء"    محافظ جدة يواسي آل السعدي في فقيدتهم    «أمانة المدينة» تعلن عن توفر عدد من الوظائف‬ للرجال والنساء    أسرتا باهبري وباحمدين تتلقيان التعازي في فقيدتهما    الخريجي يلتقي نائب وزير الخارجية الكولومبي    رئيس "الغذاء والدواء" يلتقي شركات الأغذية السنغافورية    حرس الحدود ينقذ مواطنًا خليجيًا فُقد في صحراء الربع الخالي    الرياض: الجهات الأمنية تباشر واقعة اعتداء شخصين على آخر داخل مركبته    الوحدة يحسم لقب الدوري السعودي للدرجة الأولى للناشئين    أرمينيا تتنازل عن أراضٍ حدودية في صفقة كبيرة مع أذربيجان    تجمع مكة المكرمة الصحي يحقق انجاز سعودي عالمي في معرض جنيف الدولي للاختراعات 2024    سلام أحادي    اختيار هيئة المحلفين في المحاكمة التاريخية لترامب    حائل.. المنطقة السعودية الأولى في تطعيمات الإنفلونزا الموسمية    وفاة الممثل المصري صلاح السعدني    المرور بالشمالية يضبط قائد مركبة ظهر في محتوى مرئي يرتكب مخالفة التفحيط    نوادر الطيور    التعريف بإكسبو الرياض ومنصات التعليم الإلكتروني السعودية في معرض تونس للكتاب    أمير عسير يتفقد مراكز وقرى شمال أبها ويلتقي بأهالي قرية آل الشاعر ببلحمّر    مدرب الفيحاء: ساديو ماني سر فوز النصر    موعد مباراة السعودية والعراق في كأس آسيا تحت 23 عامًا    الرمز اللغوي في رواية أنثى العنكبوت    المملكة ضمن أوائل دول العالم في تطوير إستراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي وفقًا لمؤشر ستانفورد الدولي 2024    بطاقة معايدة أدبية    وزارة الخارجية تعرب عن أسف المملكة لفشل مجلس الأمن الدولي    ضيوف الرحمن يخدمهم كل الوطن    إخلاص العبادة لله تشرح الصدور    أفضل أدوية القلوب القاسية كثرة ذكر الله    السديري يفتتح الجناح السعودي المشارك في معرض جنيف الدولي للاختراعات 49    اكتشاف خندق وسور بجدة يعود تاريخهما إلى القرن 12 و13 الهجري    مساعد وزير الدفاع يزور باكستان ويلتقي عددًا من المسؤولين    كلوب: ليفربول يحتاج لإظهار أنه يريد الفوز أكثر من فولهام    "أبل" تسحب واتساب وثريدز من الصين    بينالي البندقية يعزز التبادل الثقافي بين المملكة وإيطاليا    التلفزيون الإيراني: منشآت أصفهان «آمنة تماماً».. والمنشآت النووية لم تتضرر    توقعات الأمطار تمتد إلى 6 مناطق    فوائد بذور البطيخ الصحية    السودان.. وخيار الشجعان    تخلَّص من الاكتئاب والنسيان بالروائح الجميلة    غاز الضحك !    أمير الباحة: القيادة حريصة على تنفيذ مشروعات ترفع مستوى الخدمات    محافظ جدة يشيد بالخطط الأمنية    أمير منطقة الرياض يرعى الحفل الختامي لمبادرة "أخذ الفتوى من مصادرها المعتمدة"    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على محمد بن معمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تنسيق الموقع المبرمج يجنب العشوائية في وضع المباني
في دراسة عن إعادة التأهيل للمرافق والمباني (1- 2)
نشر في الجزيرة يوم 26 - 02 - 2006

أكد باحث مختص أن البعد عن التمدد العشوائي للمباني يخفض تكاليف النمو والصيانة، وتحدث الباحث محمد بن عبد الله بن صالح، عن تجارب لمرافق حكومية رأى ضرورة تجنبها العشوائية من خلال ما سماه تنسيق الموقع المبرمج.
وفي السطور التالية تنشر (الجزيرة) الجزء الأول من تفاصيل بحث الباحث:
ملخص البحث
تميزت فترة الطفرة التي شهدتها المملكة العربية السعودية بعد عام 1395ه - 1975م بقيام الكثير من المؤسسات الحكومية والأهلية ببناء وترميم وإعادة تأهيل كم هائل من المرافق والمباني لتلبية الاحتياجات المختلفة من الفراغات والوظائف، وقد واكب تلك الفترة تغيرات اقتصادية وثقافية وتقنية وسكانية ملموسة وازدياد الطلب على مبان جديدة لإيواء الوظائف المستحدثة. وقد تطلبت تلك الوظائف استحداث مبان جديدة أو إعادة تأهيل بعض المباني والمرافق القائمة وذلك بهدف عمل موازنة ملموسة في التوسع تتناسب مع تلك التغيرات والمتطلبات. صاحب استخدام هذه المرافق توسع الكثير منها بشكل فوضوي داخل الموقع العام المخصص لها. وسبب التوسع إخلالا بالتوازن بين متطلبات النمو والموارد المتاحة للكثير منها داخل حدود موقعها، وقد سبب ذلك خللاً في أدائها الوظيفي والجمالي على الرغم من الزيادة في الإنفاق على إنشائها وتشغيلها وصيانتها.
يهدف هذا البحث إلى تطوير مفهوم تخطيطي ومعماري يقود إلى تنمية المرافق (التي تحت التصميم أو القائمة داخل الموقع) من خلال متابعة الاحتياج والبرمجة والبحث في مشاكل نموها. ويساعد هذا المفهوم على برمجة إعادة التأهيل للقائم منها سواء أكان المرفق مشغولاً أو مهجوراً. كما يهدف البحث إلى وضع خطة مفصلة توضح خطوات عملية إعادة التأهيل واحتياجاتها المعلوماتية والبشرية، ونأمل أن يسهم هذا البحث في تحسين أداء المرافق المراد إعادة تأهيلها، وقد اعتمد البحث على مسح ميداني استطلاعي استكشافي عام لكثير من المرافق الحكومية التي تشبعت مواقعها بالمباني والخدمات وهجرها المستفيد الأول أو يوشك على هجرها إلى مرافق خططت وصممت بحيث تفي بجميع متطلباته الحالية. وهذه المرافق تحتاج إلى إعادة تأهيل ليمكن الاستفادة منها من قبل نفس الجهة أو جهات أخرى.
يقترح البحث قيام المؤسسات الحكومية التي لديها العديد من المباني في أماكن متفرقة بترتيب وتشكيل آلية متابعة تتولى قيادة التنمية والإشراف على التطوير المستمر من خلال برمجة الأهداف المستجدة وتحديد الاحتياجات وعمل التصميم السليم لها وإضفاء سمة التطوير الحضري المستمر على المخطط العام لكل مشروع.
مقدمة
خطت المملكة العربية السعودية خلال الأربعة عقود الماضية خطوات واسعة نحو بناء كثير من المرافق الإدارية والتعليمية والصحية والاجتماعية والتجارية والسكنية وغيرها، وتميزت فترة الطفرة الاقتصادية التي شهدتها المملكة بعد عام (1395ه -1975م) بقيام الكثير من المؤسسات الحكومية والأهلية ببناء كم هائل من المباني لتلبية الاحتياج لمختلف المرافق في جميع أنحاء المملكة.
في الوقت الحاضر يحتاج الكثير من هذه المباني إلى تقويم بعد الاستعمال ومن ثم إعادة تأهيل لتواكب التغيير الذي يشهده المجتمع السعودي في الكثير من المجالات. ونظراً لتغير الظروف الاقتصادية والثقافية والتقنية والزيادة السكانية التي واكبت بناء واستعمال هذه المرافق. ازداد الطلب على إنشاء مبان جديدة أو إعادة تأهيل مبان قائمة.
تسببت هذه التغيرات في إحداث نمو كبير لوظائف الكثير من المرافق القائمة مما يجعل من الضروري إعادة برمجة استخدامها أو تصميم مبان جديدة داخل حدود موقعها العام لتلبي الاحتياج المطرد للمزيد من الفراغات. وقد تم خلال العقد المنصرم إعادة تأهيل وترميم وهدم كثير من المباني استجابة للطلب الملح في إيواء الوظائف المستجدة وتصميم الفراغات الخاصة بها.
وقد نفذت عدة ترميمات شاملة لمبان لا حصر لها منذ التسعينات الهجرية إضافة إلى عمليات هدم وإزالة بالكامل لبعض المرافق كما حدث في وزارتي الدفاع والمالية أو إعادة التخطيط بالكامل كما حدث في منطقة قصر الحكم بالرياض ومركز المدينة المنورة، أو الانتقال إلى مواقع جديدة كما هو الحال بالنسبة لمطاري الملك عبد العزيز والملك خالد بكل من جدة والرياض أو وزارتي الداخلية والأشغال العامة والإسكان وجامعة الملك سعود وغيرها.
إن عملية إخلاء مرافق كهذه أو إعادة تأهيلها يخلق تبايناً فراغياً ومعمارياً بين المباني القديمة والمعاد تأهيلها.
إن الطلب الجديد على استخدامها يدعو أولاً إلى إعادة تأهيلها بعد عمل البرمجة اللازمة لها، لقد أصبحت البرمجة مهنة مميزة ضمن أعمال التصميم التي تقوم بها المؤسسات الكبرى العامة والخاصة. وحيث إن هذه المرافق تستخدم من قبل مستعملين جدد كما هو الحال بالنسبة لمباني جامعة الملك سعود بعليشة أو بعض مباني وزارة الشؤون البلدية والقروية (القديمة) لذا يلزم نهج سياسة أو خطة معينة يتم من خلالها إجراء عمليات إعادة التأهيل.
تطور شعور عالمي- منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمن- بهذه المشكلة عبر عنها باستعمال كلمات ومصطلحات كثيرة كدلالة على المعنى مثل إعادة تأهيل أو إصلاح وإحياء أو تجديد أو ترميم أو إعادة وضع سابق ووقاية أو حفظ وصيانة أو حفظ لنوع من المباني ومهيأ أو مكيف لإعادة الاستخدام أو الاستعمال وقابل للاستعمال ثانية والتدوير والتجديد وإعادة البناء وتغيير البنية والإصلاح وصقل وتجديد وذلك لمبنى منفرد أو مجموعة مبان محاطة بحدود معينة أو منطقة سكنية أو تجارية محاطة بشوارع رئيسة. وتلعب الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والحرائق دوراً رئيساً في توجيه مستقبل أي من العمليات السابقة كما أن الطفرات الاقتصادية والسياسية والتقنية تلعب دوراً مهماً في طرح وتنفيذ مثل هذه الأفكار.
ويجب أن يؤخذ بعين الاعتبار أن مشاريع الإصلاح التي تشمل هذه المدلولات تتطلب دراسات تختلف عن تلك التي تتطلبها المشاريع الجديدة.
كما تتطلب أيضا مصممين ومنفذين لديهم المقدرة العلمية والمهنية في عمل الدراسات والتحريات اللازمة.
وقد دلت نتائج بعض البحوث على أن غياب الدراسات النظرية والعملية الخاصة بالتجديد العمراني قد يسبب نمواً فوضوياً.
إن الوضوح في تحديد الاحتياج والبرمجة السليمة للمرافق يساهم في التقليل من النمو الفوضوي للمرافق داخل حدود موقعها، كما يساهم في ترشيد الإنفاق على إعادة التأهيل وذلك بالتقليل من المخاطر التي يواجهها المقاولون عند دراستهم لعرض مشروع إعادة تأهيل مرافق قائمة، وبالتالي سوف تكون عروضهم منافسة. وقد أشارت دراسة إلى أن الاختلاف الكبير بين عطاءات المقاولين في بريطانيا الذين يزاولون مهنة صقل وتجديد المباني يعود إلى مواجهتهم لمخاطر عالية في تلك الأعمال، وذلك لغياب آلية المتابعة التي تقوم بتحديد الاحتياج والبرمجة السليمة للمرفق. ومثال لهذه الالية وجود اللوائح المعمارية والتنظيمية وفرق المتابعة في الهيئة الملكية للجبيل وينبع حيث تنص الأنظمة فيها على تنظيم التغيير في الاستعمال لمبانيها الجديدة بحيث لا يجوز إدخال أي تعديل على خصائص الأشغال أو إجراء أي تغيير في استخدام أي مبنى من شأنه أن يؤدي إلى تحويل المبنى إلى فرع آخر ضمن إشغالات المجموعة ذاتها أو ضمن إشغالات مجموعة مختلفة إلا إذا تمت مطابقة هذا المبنى لمتطلبات اللوائح الخاصة بهذا الفرع أو بمجموعة الأشغال. وللقيام بمثل هذه المسؤوليات تحتاج الإدارة إلى فريق عمل متكامل ومدرب من ناحية العدد والعدة، وتستعيض بعض الجهات عن هذه الآلية بتشكيل لجان تخصصية.
كما أن الكثير من اللجان ضمن الإدارات الحكومية عبارة عن لجان وقتية تبحث في الأمور اليومية للأشياء التي تستجد عليها ولا تنظر بعين المستقبل للمرافق الخاصة بها. وفي النهاية يهدف هذا البحث إلى:
1- تطوير مفهوم تخطيطي ومعماري يقود تنمية المرافق التي تحت التصميم أو القائمة داخل موقع محدد من خلال متابعة الاحتياج والبرمجة والبحث في مسائل نمو المرافق وإعادة التأهيل للقائم منها سواء كان المرفق مشغولاً أو مهجوراً.
2- الإسهام في تحسين الأداء للمرافق والفراغات القائمة من خلال التقويم بواسطة أسلوب الدلالة أو التحري.
3- البحث عن خطة علاجية واختيار مستوى العلاج المناسب وفق الإمكانات المتاحة للفراغات لكي تأوي وظائف جديدة مطلوبة لخدمة أهداف محددة (إدارية أو صحية أو اجتماعية أو اقتصادية) وذلك على مستويات مختلفة من الحجم والمساحة.
طريقة البحث
قام المؤلف بزيارة استطلاعية لمقرات وزارات المواصلات الحالي ووزارة الأشغال العامة والإسكان والصحة والتربية والتعليم والداخلية والبترول والثروة المعدنية ووزارة الشؤون البلدية والقروية وكلية الزراعة بجامعة الملك سعود (سابقا) ومركز الرياض الطبي (مستشفى الشميسي سابقا) ولاحظ تشبع المواقع بالمرافق من المباني والخدمات مستغلة الامتداد الفقي للمواقع المخصصة لها بل وامتدت إلى خارج المواقع أحياناً. تم البحث عن طريق استطلاع واستكشاف مشاكل تشبع مواقع تلك المرافق الحكومية التي قام المؤلف بزيارتها وتحتاج إلى إعادة تأهيل أو استخدام. وقد تم خلال الزيارات الميدانية المتكررة للمواقع تجميع معلومات أولية ذات العلاقة بالمباني والمواقع المذكورة، وذلك باستخدام أسلوبي الدلالة والتحري.
تم التعرف على مستقبل هذه المرافق وكيفية تأثير التعديلات على الوظائف الأساسية للمباني من خلال مناقشة المسؤولين في الهيئات الإدارية. وقد استعيض بهذه الأساسيات الاستطلاعية عن أسلوب تجميع معلومات متعمقة وتحليل إحصائي للمعلومات ذات العلاقة بتطوير مراحل التخطيط وإدارة وتنفيذ البحوث الخاصة بإعادة تأهيلها وذلك لكون هذا الأسلوب يحتاج إلى وقت كبير وفريق عمل مجهز ومدرب ولكون هذا الموضوع حيوي ومهم جداً خصوصا في هذه الفترة الزمنية الحالية المتعلقة بترشيد الإنفاق على مشاريع العمارة بصورة خاصة والتي تمر بها المملكة. ويعد إجراء إعادة التأهيل لمرافق قائمة ساندا لعملية ترشيد الإنفاق وحلا عمليا لزيادة الطلب على فراغات جديدة وذلك باستخدام الفراغات داخل المباني القائمة وعملا مساعدا لحسن استغلال الفراغات التي يتم بعضها بدون تخطيط وبرمجة علمية. كما تمت الاستعانة بالمراجع المتعلقة في الموضوع.
مراجعة أدبيات البحث
إن مسألة إعادة التأهيل لمرافق قائمة هي مسألة ذات اهتمام عالمي ومحلي. فمثلا نجد أنه بعد استخدام دام تسعين عاما لمحطة قطارات سانت لويس بأمريكا وبعد عشر سنوات من آخر استخدام لها أعيد افتتاح المحطة عام 1985م بعد أن قام مكتب اتش أوكي المعماري بتصميم إعادة الاستخدام طبقاً للمواصفات الفدرالية التي خولت للمالك أن يستفيد من 25% من التوظيف المالي للمشروع كإعفاء ضريبي والذي بموجبه رمم المبنى وأعيد توظيفه للاستخدام التجاري والترفيهي. وجدت السلطات المحلية في مدينة كاردف ببريطانيا أنها بين خيارين: التصفية وإعادة التنمية أو إعادة التأهيل لمشاريع إسكان قديمة.
ووجدت السلطات أن خيار التصفية يجابه بمعارضة من السكان بينما وجدت أن أنسب الحلول هو مساندة طلب السكان في دعم برنامج تحسين المسكن.
إن عملية صيانة وتطوير وترميم التراث المعماري والعمراني المحلي تعتبر الأساس للمحافظة عليه. وقد قامت إحدى المؤسسات الوطنية بمشروع صيانة وتطوير وترميم بعض النماذج المعمارية القديمة بمدينة جدة القديمة التي توجد بها عناصر معمارية مميزة وذلك بترميمها وإجراء التعديلات اللازمة عليها وإدخال التجهيزات الحديثة المناسبة التي تكفل استخدامها في الأغراض التي أنشئت من أجلها أو استخدامها في أغراض أخرى مع المحافظة على قيمها المعمارية والجمالية. وقد سبب نمو المدن في تحويل المنازل القديمة إلى مكاتب ومخازن.
وأكبر مثل على ذلك ما نشاهده في طريق الملك عبد العزيز وصلاح الدين في مدينة الرياض عندما حولت الكثير من الفيلات السكنية إلى محلات تجارية أو مكاتب أو مطاعم.
إن مجال إعادة التأهيل لمثل هذه المباني بهذه الصورة أصبح ذا جدوى اقتصادية.
شهد العقد الخير في أمريكا مشاريع تتسم بالمحافظة والترميم وموائمة الاستخدام غيرت من البيئة المبنية وأثرت على الممارسة المهنية. بالإضافة إلى ظهور حركة المحافظة على المباني التاريخية (الأمريكية) حيث تدعو إلى الحفاظ على منشآت القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. وقد نمت مجهوداتها حديثاً لتشمل الترميم والتوسعة للمباني الحديثة التي صممها رواد العمارة والمباني التاريخية التي تدونها السجلات الرسمية. وتنادي هذه الحركة بالمحافظة على المباني التاريخية سواء كانت مبان منفردة أو منطقة بكاملها أو مبنى أو تشكيلاً يستحق الإبقاء عليه.
وهنا لا تعتبر إعادة التأهيل مسألة طوعية بل قد تكون أحياناً قسرية إذ قد تفضي المحكمة بإجبار المطور على اختيار بديل إعادة التأهيل والاستخدام، ويمكن الحصول على الكثير من المزايا من إعادة التأهيل، على الرغم من أن بعض تلك الحالات ليس لها مزايا تذكر. من المشجع جداً أن هناك عدداً كبيراً من المشاريع التي أعيد تأهيلها قد استخدمت غالبيتها وآن الآوان لفحصها وتقويم استخدامها.
وهذه المباني تؤدي وظيفتها العملية والجمالية من جديد وتثلج صدور أولئك الذين يبحثون عن تحسين البيئة المبنية دون اللجوء إلى إنشاءات جديدة.
وقد برهن تكييف المباني التقليدية في أحياء قديمة موائمتها للاستخدام والاحتياج المعاصر بمناطق إسلامية مثل باكستان. وبعد إحياء (شارع السوق) في مدينة سان فرانسيسكو بأمريكا مثلا على المستوى الحضري وجد فريق العمل نفسه قد تعدى مسألة إصلاح شارع رئيس إلى الالتزام بإعادة تشكيل قلب المدينة. إن قضايا إعادة التأهيل يمكن أن تؤثر على أنظمة البناء وأسلوب التخطيط والتصميم عندما تثبت التحسينات الكثيرة فعاليات التصميمات والتخطيط، فمثلا عند استخدام منهج تخطيطي أصيل من قبل المستخدمين في إحدى الشركات بولاية أريزونا الأمريكية عند تكييف وإعادة استعمال مبنى مكاتبهم مرة أخرى ظهرت مخططات مختلفة وأكثر تكيفاً مع الاحتياج عما سبق إعداده من قبل فريق التصميم الممارس. وقد طبق المستخدمون مبادئ للنظرية السلوكية عند البحث عن تخطيط وتصميم مبتكر عندما حولوا المبنى المكتبي الذي يشغلونه إلى استخدام مكتبي جديد، ونواجه هذا المنهج في حياتنا عندما يريد شخص ترتيب أثاث مكتبه أو فراغ نومه، وذلك بتغيير الأثاث والحركة عما كانت عليه في الماضي، إضافة إلى ذلك يمكن إدخال تحسينات نوعية ذات منفعة للفراغ والمستخدم مثل تحسين العزل الحراري والصوتي. والآن فقد حان الوقت لتحسين بيئة المنازل في المملكة التي بنيت على عجل خاصة غير المعزولة حرارياً وذلك بعزلها وتحسين واجهاتها من خلال برنامج مكثف لإعادة التأهيل. عند الرغبة في تحسين الأداء لمساكن قائمة يستحسن اقتراح منهج التقويم وتقدير تكلفة العمل قبل إعادة التأهيل. وبما أن كلفة الإنشاء الجديد في زيادة مطردة، يجد الإنسان المنازل القديمة جذابة كمشاريع إصلاح وترميم.
كما أن إعادة استعمال المنازل القديمة يعود بفوائد بيئية واقتصادية لأن كل بيت ينقذ من الهدم لا يوفر فقط مواد بناء، ولكن يساعد أيضا على إبقاء الاستمرارية التاريخية التي تجعل من المدينة عضواً حيويا وليس جمعا من المباني فقط. إن دمج واستيعاب التراث الحضاري والمعماري في البيئة الحضرية والاجتماعية المعاصرة يجب أن يمثل هدفاً أساسياً للتخطيط والتجديد الحضري لأي منطقة ذات تراث حضاري. وفي دراسة للمنطقة المركزية لمكة المكرمة تم تحديد وإعطاء مبادئ متكاملة لمواجهة مشكلات التصميم الحضري الواعي بالطبيعة الفريدة لهذه المنطقة والأبعاد المختلفة المتصلة بها من النواحي الدينية والوظيفية والاقتصادية.
وقد جاءت عملية وضع مخطط عام لمدينة فاس القديمة نابعة من أهمية التراث المعماري للمدينة والذي لم يغب عن اهتمام الحكومة المغربية ولا يفتقر إلى الاهتمام الدولي حيث قامت منظمة اليونسكو بالتوصية بجدولة المدينة كمنطقة يجب المحافظة عليها وعدم المساس بتراثها المعماري والعمراني القديم.
حالات دراسة
قام الباحث بتوثيق دراسة شملت التطور التاريخي لتوقيع المباني المستحدثة في مواقع مجموعة من المرافق الحكومية شملت مبنى وزارة المواصلات والتربية والتعليم والصحة وكذلك مبنى المركز الطبي بالرياض (مستشفى الشميسي سابقا) وكلية الزراعة بجامعة الملك سعود التي تحولت إلى مركز دراسات الطالبات بالجامعة نفسها.
وهذه الأمثلة الموثقة بالأشكال والرسومات توضح العشوائية في التخطيط المتبع، فعلى سبيل المثال يمثل مخطط وزارة المواصلات مسقطاً يشبه أصابع اليد فقد قامت الوزارة بسد احتياجاتها من الفراغات بالبناء بين الأصابع مهملة دور هذا التشكيل في مد المبنى بالإضاءة الطبيعية والتهوية والإطلال على الخارج، وبعد أن استغلت جميع هذه الفراغات اضطرت إلى إضافة دور علوي. مما جعل الفراغ متشبعاً تماماً بالمباني كما تم الاستعانة باستشاري لوضع مخطط جديد للوزارة.
أما فيما يخص مبنى التربية والتعليم فقد كان الامتداد أفقياً حيث دعت الحاجة إلى إنشاء مبنى خاص بالامتحانات ثم توقيعه غرب مبنى الوزارة وتم بعد ذلك إنشاء مبنى معدني سابق التصنيع مستقل لوكالة الوزارة المساعدة للمشاريع جنوب غرب الوزارة. ونظرا للخوف من حدوث كارثة لهذا المبنى فقد قامت الوزارة ببناء مجموعة من المباني في الأرض الخاصة بها غرب الوزارة للوكالة نفسها وإدارات أخرى بعد إدخال شارع عام ضمن أملاك الوزارة، أخيراً رأى المسؤولون عدم كفاية ما تم لمواكبة التطور في التعليم وأساليب البناء واستعين باستشاري بعد فوزه بمسابقة محدودة لتصميم المبنى الجديد بأرض للوزارة شمال الرياض.
أما وزارة الصحة فقد امتدت المباني غرب وجنوب الوزارة لمواكبة احتياجاتها الفراغية.
وقد تم وضع تصور لإزالة مبنى الوزارة القديم والمباني المستحدثة. أما فيما يخص مبنى مركز الرياض الطبي (مستشفى الشميسي سابقا) فهو الموقع الأكثر تعقيداً نظرا لما تتطلبه الاحتياجات الطبية والصحية التي تتسم بالتغيير والتجديد.
فمنذ أكثر من أربعين عاماً والمستشفى يخدم منطقة الرياض إن لم يكن المملكة بصورة عامة، فبالإضافة إلى المبنى الرئيسي والإسكان الخاص بالأطباء والممرضات والمسجد فقد تم تحويل بعض مباني الإسكان الخاصة بالممرضات إلى مبنى لأمراض النساء والولادة والأطفال وهذا أول إعادة تأهيل بهذا المرفق كذلك تم إضافة مبنى المختبرات وسط المستشفى.
وقد دعت الضرورة إلى إنشاء مبنى معدني مؤقت لأقسام الباطنية والذي تم إخلاؤه بعد 15 عاماً من الاستخدام، كماتمت إضافة مركز طب الأسنان شرق المستشفى.
أما فيما يخص مخطط كلية الزراعة بجامعة الملك سعود بعليشة الذي بدئ به أصلاً كمشروع أعيد تأهيله حيث كان الموقع يشمل مزرعة، وقد تم الاستفادة من بعض المباني القائمة بالمزرعة بعد إضافة مبانٍ جديدة لها لأشغال الكلية. وبعد انتقال الجامعة إلى مقرها الجديد في الدرعية تم تحويل المشروع إلى مركز دراسات الطالبات والذي تطلب إضافة مبان خاصة بإسكان الطالبات وفصول دراسية ومبان إدارية، وفي شهر شعبان 1416ه تمت إزالة المبنى الرئيسي للمركز نظراً لخطورته. وأخيراً فقد تمت ملاحظة جديدة بدأت على مخططات نفذت بصورة متكاملة وكشاهد على ذلك نرى سلسلة مباني المستودعات ذات الطابع المؤقت التي نراها على الطريق الدائري الشمالي لجامعة الملك سعود بالرياض، والخوف أن يتفاقم الأمر أكثر من ذلك بحيث تصبح المباني المؤقتة مباني دائمة لا يتلائم تصميمها وتنفيذها مع النوعية أو الكيفية للمخطط الجامعي.
مفهوم إعادة التأهيل
هو نوع من الممارسة يجمع بين الفن والعلم بغرض الإبداع الفكري في تخطيط وتصميم مرافق قائمة بموقع عام محدد لخدمة نوع من الاستخدام على أثر العشوائية في الامتداد للمرافق أثناء فترة الاستخدام. فإعادة التأهيل يتطلب من المخطط والمصمم الالتزام والتوفيق بين متطلبات صاحب العمل والبيئة المحيطة. يمكن تصنيف المشاريع التي يمكن إعادة تأهيلها إلى صنفين رئيسيين حسب الحجم والوظيفة: مبنى مستقل ومبان متعددة. المبنى المستقل هو عبارة عن مبنى واحد له وظيفة محددة بحجم منزل أو مستوصف أو مدرسة ابتدائية أو مركز بريد.
أما المباني المتعددة فهي مجموعة من المباني في موقع محدد سبق استخدامها وإشغالها من قبل مصلحة وهي بحجم مبنى وزارة أو كلية أو مدرسة ثانوية. ويمكن اعتبار الأحياء السكنية ومراكز المدن والمطارات مجموعة متداخلة من المرافق في موقع محدد متصلة بطرق رئيسة، إلا أن إعادة تأهيلها يحتاج إلى دراسة على مستوى أعلى من التعمق ولذلك سيقتصر البحث في هذه الدراسة على المباني المستقلة والمباني المتعددة، كما يمكن تصنيف نوعية إعادة التأهيل إلى ثلاثة أصناف:
1- مشاريع تحتاج إلى تحسينات عينية: في المشاريع التي تحتاج إلى تحسين الأداء يتم حصر المشاكل التي تقف عقبة في طريق تحسين الأداء وخاصة أمور الارتياح البيئي من حرارة وصوت وضوء وجماليات، وفي هذه الحالة يبقى المبنى أو مجموعة المباني في أماكنها بينما يتم تتم التحسينات في أمور العزل الحراري والصوتي وإجراء التعديلات اللازمة لإضافة أو إعادة ترتيب الفتحات اللازمة للضوء الطبيعي وتجميل المبنى من الداخل والخارج على ضوء تصميم جديد للواجهات والفراغات الداخلية.
2- مشاريع تحتاج إلى إعادة تأهيل لكي تخدم وظيفة مختلفة عن وظيفتها الأصلية: في المشاريع التي ينوى استخدامها لأغراض مختلفة عن الأغراض التي بنيت من أجلها. يتم حصر عناصر التصميم المشتركة بين المشروع الجديد والقديم لتكون نواة أعمال التغيير مثل تغيير مبنى فندق إلى مستشفى حيث إن غرف النوم بالفندق مع خدماتها يمكن استغلالها مباشرة لغرف النوم بالمستشفى وكذلك الاستقبال وإدارة الفندق كاستقبال للمستشفى وإدارة له. كما يمكن استغلال المطبخ والمطاعم الخاصة بالفندق كخدمات للطبخ وصالات الطعام للعاملين.
وأخيراً المغسلة الخاصة بالفندق يمكن تحويلها مباشرة إلى مغسلة للمستشفى وبعد ذلك يتم حصر العناصر الجديدة بالمستشفى ومحاولة مواءمتها مع الفراغات مثل صالات الاحتفالات والترفيه أو عمل إضافات جديدة.
3- مشاريع تحتاج إلى إعادة ترتيب الفراغات: هذا النوع من المشاريع نواجهه عندما يتم إعادة ترتيب فراغات مبنى لجهة إدارية وذلك بتبديل أماكن الإدارات دون المساس بجوهر التصميم أو إعادة تأهيل مرافق متكاملة لتستوعب احتياجات مشروع جديد.
وكأمثلة على المشاريع التي تحتاج لإعادة تأهيل لمرافقها القائمة بموقع عام محدد يمكن أن نذكر مباني وزارة الداخلية (القديمة) وبعض مباني وزارة الشؤون البلدية والقروية (القديمة) وكذلك مباني وزارة الأشغال العامة والإسكان سابقا (القديمة) بعد انتقال هذه الوزارات إلى مبانيها الجديدة.
يستخلص من هذا التصنيف أن مسألة إعادة تأهيل مرافق بمواقع كهذه يجب أن تحظى بالدراسة والتطوير من قبل هيئة أو آلية للتطوير بالمصلحة أو جهة استشارية يستعان بها على العمل. وتحتاج المشاريع التخطيطية والمعمارية الجديدة إلى عمليات تقويم بعد الإشغال لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات من الاستخدام.
تضم معظم المصالح الحكومية إدارات هندسية تهتم بشؤون تشغيل وصيانة المباني التي تستخدمها كل مصلحة وكلما كثرت نشاطات المصلحة ازداد الطلب على المباني الجديدة أو إعادة تأهيل القائم منها وأخص بالذكر وزارة التربية والتعليم والرئاسة العامة لتعليم البنات سابقا والتي كان لديها عشرات الآلاف من المباني والمرافق التعليمية والذي يزداد الطلب على إعادة تأهيل الكثير منها نظراً للتطور المستمر في مسيرة التعليم.
كما أن وزارة الصحة لديها الآلاف من المرافق الصحية والتي تتطلب مرافقها إعادة تأهيل نظراً للتطور المستمر في أساليب العلاج ومتطلباته. ولكي تقوم أي مصلحة بمهام إعادة التأهيل دون الحاجة إلى جهة استشارية يتطلب الأمر البحث في تخصيص قسم تتركز مهماته على متابعة أعمال إعادة التأهيل أياً كان مستواها ووضع برامج العمل اللازمة لإعادة التأهيل.
يرى الباحث أن يشمل برنامج العمل اللازم لإعادة تأهيل المرافق على خمس مراحل أساسية تكون بذاتها مجموعة مسلسلة من الإجراءات البحثية والتخطيطية على النحو التالي:
أ- دراسة الوضع الراهن للمرافق وذلك بجمع المعلومات وعمل المسوحات الميدانية والخروج بأسس ومعايير التخطيط والتصميم ومن ثم الظهور ببرنامج تخطيطي ومعماري متكامل لجميع فراغات المرفق.
ب- تطبيق أسس ومعايير التخطيط والتصميم المدونة على مجموعة من البدائل للحل والخروج ببديل تخطيطي للموقع بعد تقويمه ومراجعته. يتم بعد ذلك الظهور بمفهوميات تخطيطية ومعمارية للمشروع.
ج- إشراك التخصصات المختلفة في تنفيذ الفكرة المطورة لحيز التنفيذ.
د- تقدير التكاليف للمشرف والحد من تزامن التعارضات وإعادة مخططات مطورة للمرفق وتجهيز وثائق طرح المشروع وبرنامج التنفيذ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.