ربابة هي خادمة الشاعر العباسي المشهور بشار بن برد 69 - 168ه التي قال عنها: إنها طلبت إليه أن يقول فيها شعراً، فداعبها بقوله: ربابة ربة البيت تصب الخل في الزيت لها عشر دجاجات وديك حسن الصوت(1) ولم يزد عن وصفها بأنها ربة بيت وأن لها عشر دجاجات وديك له صوت ناعم حسن. وقد رضيت بذلك بل ربما أنها طربت له وزادها نشاطاً في خدمته. أما زبيبة الحبشية فهي خادمة في بيتنا ولم تطلب إليّ أن أقول فيها شعراً، كما طلبت ربابة من بشار، لكنني وجميع أهل بيتي قد أعجبنا بتفانيها في الخدمة، إذ لم نقل لشيء ليتها فعلته إلا ونجدها قد فعلته، ولم نأمرها بعمل شيء لأنها لم تترك شيئاً نريد عمله إلا وعملته، هذا بالإضافة إلى حسن خلقها وسلوكها وتمسكها بعقيدة الإسلام، وحرصها على فعل النوافل وخصوصاً صيام يوم الاثنين والخميس من كل أسبوع والأيام البيض من كل شهر، فهي إذن صوّامة قوّامة. وعندما أرادت أن تتركنا لظروف خاصة بها، تذكرت قول بشار في خادمته، فقلت: لماذا لا أقول شعراً فيها، أذكر فيه محاسنها ويكون شهادة حسن سيرة وسلوك لها مني، لا محاكاة لما قاله بشار في خادمته ربابة فجاءت هذه الأبيات: زبيبة ما مثلها خدّامهْ بطبعها قد نالت الكرامه كريمة أخلاقها وفيها بلطفها وودها شهامه قد استحقت أجرها بجهدٍ ما قد شكلت لنا منه السآمه تحب الشغل ليلاً أو نهاراً فهي بشغل البيت مستهامه والدين في أخلاقها قويٌّ فهي به صوامةٌ قوامه فما الاثنين والخميس إلا لها شهود أنها الصوّامه بلاد أم عنتر بلاد لها والاسم لاسمها علامه(2) ما أصعب استبدالها بأخرى فهي التي ما مثلها خدّامه لو أنها خدامة ابن برد لزاد في امتداحها - مقامه - ولم يقل ما قال في - رباب - بل يُحكم في مدحها كلامه قلت وإنني لأعتب كل العتب على الذين نسمع عنهم أنهم يسيئون الأدب مع مستخدميهم، إساءة يقتطعون بها مرتباتهم أو يضربونهم وكأنهم يعاملون حيوانات مستعصية الطبع لا يتم ترويضها إلا بالعصا. وأقول أيضاً: أليس في إلغاء عقد ذلك الأجير واستبداله بغيره ما يغني عن المعاملة السيئة التي ينهى عنها الإسلام، ويأمر بالرفق في كل الأمور. (1) ديوان شعر بشار بن برد ص52 الذي جمعه وحققه السيد بدرالدين العلوي، وهو عبارة عن ملحق لديوان بشار بن برد، حيث التقط فيه الشوارد من شعر بشار المبعثرة في كتب التراث، وقد أشار العلوي إلى كثير مما جمعه من أبيات إلا أنها لم تكن موجودة في ديوانه، كما أشار إلى المصادر التي تم التقاطها منها. (2) إشارة إلى أنها سميت لأم الفارس والشاعر الجاهلي عنترة بن شداد الذي تفيد المصادر ومنها ديوانه ص6 أن أمه حبشية وأن اسمها زبيبة.