بعض القصائد يطير ذكرها ويتلقى الرواة نصها وتأخذ المجالس الأدبية في دراستها وتقييمها وإذا ما كانت مدحة فالحظ السعيد لشاعرها حيث ينهال عليه وافر العطاء وجزيل الهبات. وقصيدة المدح التي تحظى برضا الممدوح يتفنن الشعراء في حبكها لتحقق الأهداف المادية المرجوة، الأمر الذي يجعلها محط معارضة الشعراء لها، ولهذا يسلب الشعراء المعجبون بصناعتها كل ما فيها من جمال أسلوب ولطافة معنى وقوة عبارة، في قالب يمتدحون به من يأملون منه تحقيق المغانم والمكافآت. وبعض الشعراء حينما يرى قصيدته قد أخذت بعداً في الذيوع وطارت بجناح قوي في الأفق يكون حارساً لها، فإذا ما سمع شاعراً قد عارضها في قصيدة لملك أو أمير أو وجيه ينبه إلى أن الفضل له وأنه لا يعدم بذلك شيئاً من المكافأة. وفيما يرتبط بهذا المعنى، ان ابن الرومي واسمه: أبو الحسن علي بن العباس بن جريج، المولود عام 221ه والمتوفى عام 283ه، قد مدح أبا الحسين العباس بن الأصبغ بقصيدة ميمية فعارضه جماعة من اخوانه ممتدحين أبا الحسن بمعارضاتهم لها، فقال مخاطباً أبا الحسن وطالباً إليه أن يشركه في كل ما يمنحه من جائزة لمن امتدحه لأنه هو الذي فتح باب مديحه ومن حقه ذلك. قلت: وهذا مطلب فيه وجه شبه بالشفعة. يقول في مطالبته تلك: فجازني بمدحي أو مديحهم