وزير الدفاع ونظيره البوركيني يبحثان التعاون العسكري والدفاعي    الدورة 15 لمؤتمر القمة الإسلامي: "ندعوا دول العالم إلى ضرورة التحرك لوقف جريمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني"    انطلاق التمرين البحري المختلط للدول المطلة على البحر الأحمر "الموج الأحمر 7" بالأسطول الغربي    القاسم: السعودية تستضيف دوري أبطال آسيا للنخبة في النسختين المقبلتين    الهلال ينهي تحضيراته لمؤجلة الأهلي من الجولة 28 في دوري روشن    محمد عبده: أنا بخير وفي مرحلة التعافي    تعليم الطائف يطلق حملة إعلامية ‬⁩ لتعريف المجتمع المحلي بالاختبارات الوطنية ⁧‫"نافس‬⁩ "    منافسات الجولة ال31.. تنطق غداً بثلاث مواجهات    على واقع المظاهرات الطلابية.. أمريكا تعلق شحنة أسلحة لإسرائيل    معارك السودان تستمر    "البيئة والمياه" تختتم فعاليات أسبوع البيئة في حائل    وزراء الموارد والبلديات والتعليم يؤكدون في مؤتمر "السلامة المهنية" أهمية التكامل لتطبيق معايير السلامة بين العاملين    18535 مواطنا ومواطنة ينضمون للقطاع الخاص في أبريل    آل معمر يشكرون خادم الحرمين الشريفين وولي العهد    هيئة الشورى تعقد اجتماعها الثاني    80 شركة سعودية تستعرض منتجاتها في قطر    وزير العدل: قضاء التنفيذ سيدخل مرحلة جديدة من التطوير ركائزها الجودة والدقة والسرعة    إنفاذاً لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. وصول التوأم السيامي الفلبيني «أكيزا وعائشة» إلى الرياض    قيادي في فتح: حماس تتفاوض لتأمين قياداتها    دوريات «المجاهدين» بجازان تقبض على شخص لترويجه 3.8 كيلوغرام من مادة الحشيش    الديب: إيرادات الميزانية السعودية تعكس قوة الاقتصاد وكفاءة الإنفاق    السعودية للكهرباء تنجح في إغلاق تمويل لمشروعي الإنتاج المستقل طيبة 1 والقصيم 1 بسعة 3.6 جيجاوات    "الأرصاد" ينبه من هطول أمطار على منطقة الرياض    محافظ الطائف يرأس أجتماع المجلس المحلي    المملكة تستضيف اجتماعيّ المجلس التنفيذي والمؤتمر العام ل"الألكسو"    قربان: قطاع الحياة الفطرية يوفر فرصًا استثمارية ضخمة في السياحة البيئية    منتدى المشاريع العالمي في يونيو المقبل بالرياض    فرص واعدة لصُناع الأفلام في المملكة    كلوب: مدرب ليفربول المقبل لن يواجه صعوبات    حادث يودي بحياة قائد مركبة اصطدم ببوابة البيت الأبيض    نائب أمير الشرقية يستقبل مدير عام هيئة التراث بالمنطقة    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تطلق جولتها القرائية الخامسة    ميسي يسجل ثلاثة أرقام قياسية جديدة في الدوري الأمريكي    كاسترو يكشف موقف تاليسكا وغريب من مواجهة الهلال    20 ألف مستفيد من خدمات مستشفى الأسياح    ( مسيرة أرفى ) تعلن عن إنطلاق فعاليات شهر التصلب المتعدد    "تعليم تبوك" و"أرامكو" يطلقان حملة توعوية للوقاية من الحرائق    توقعات بهطول أمطار رعدية خفيفة على معظم مناطق المملكة    تنمية جازان تفعل برنامجًا ترفيهيًا في جزر فرسان    "ميدياثون الحج والعمرة" يختتم أعماله    اللحوم والبقوليات تسبب "النقرس"    القبيلة.. وتعدد الهويات الوطنية    البدر «أنسن العاطفة» و«حلّق بالوطن» وحدّث الأغنية    آه يا رمل وهبايب.. تدفن جروح الحبايب.. ورحت يا بدر التمام    بأمر خادم الحرمين.. تعيين 261 عضواً بمرتبة مُلازم تحقيق في النيابة العامة    «المظالم» يخفض مدد التقاضي و«التنفيذ» تتوعد المماطلين    تركيا: التضخم يرتفع إلى 69.8 %    السعودية.. دور حيوي وتفكير إستراتيجي    لا تظلموا التعصب    الطائي يتعادل مع الخليج سلبياً في دوري روشن    موسكو: «الأطلسي» يستعد لصراع محتمل    رعى حفل التخرج الجامعي.. أمير الرياض يدشن مشروعات تنموية في شقراء    يجنبهم التعرض ل «التنمر».. مختصون: التدخل المبكر ينقذ «قصار القامة»    النملة والهدهد    لا توجد حسابات لأئمة الحرمين في مواقع التواصل... ولا صحة لما ينشر فيها    "الفقه الإسلامي" يُثمّن بيان كبار العلماء بشأن "الحج"    كيفية «حلب» الحبيب !    بيان صادر عن هيئة كبار العلماء بشأن عدم جواز الذهاب للحج دون تصريح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وجوه أمكنة ل(ميمون).. هوية المكان وذاكرة الزمان
نشر في الجزيرة يوم 08 - 02 - 2020

للشاعر مبارك بن دليم السبيعي، الملقب ب(ميمون) لغة شعرية تختلف عمّا قرأته لغيره من كثير من الشعراء في العصر الحالي.
إنه من أولئك الشعراء الذين يخلعون على شعرهم حلة قوامها أهم عنصرين في تكوينه المادي والمعنوي، ألا وهما (الزمان والمكان) أو ما يعرف ب(الزمكان) لدى النقاد. وبدون هذين العنصرين الأساسيين لا يمكن أن نصف تجربة مبارك بن دليم كشاعر واقعي، امتدت تجربته الشعرية لعقود طويلة من الزمن، كان المكان لديه - بمعناه الجغرافي - هو مسرحه الشعري، الذي تجري على خشبته جميع أحداث الحياة من حوله، بحلوها ومرها، حين يترجمها شعرًا، بينما يكون الزمان هو المحرك الفعلي لتلك الأحداث، مهما كانت أسبابها وصفاتها ونتائجها!
إذن هو شاعر الواقعية القائمة في أسلوبها على تصوير الأشياء والعلاقات فيما بينها تصويرًا حقيقيًا واقعيًا، كما هي عليه في عالمها الواقعي، بعيدًا عن (الفانتازيا) والرومانتيكية والرمزية.
وهذا ما يعيدنا مجددًا لتأكيد العلاقة القائمة بين (الواقعية) وعنصري المكان والزمان، كما سبق لنا ذكره، إِذ يمكننا القول - ببساطة - إنه: لا واقعية بلا مكان وزمان محددين، أو معروفين.
فلو استعرضنا المكان في شعر (ميمون) لوجدناه واضحًا وحاضرًا بكامل تفاصيله، وهذا شائع بكثرة في جميع قصائده ودواوينه، سواء ما كان منها في ديوانه هذا (وجوه أمكنة) الصادر عن (دار المفردات) للنشر والتوزيع بالرياض عام 1431ه، أو في غيره من دواوين الآخرين.
ففي هذا الديوان - وحده - وردت أسماء لعشرات الأماكن التي عرفها الشاعر، وربما عاش في بعضها شطرًا كبيرًا من حياته، فتغنى بها شعرًا، وعلى رأسها تأتي قرية (الضبيعة) مسقط رأسه ومراتع صباه، وغيرها مما له علاقة في حياته الاجتماعية، كالرياض والخرج والقصيم وحائل، كما جاء في قصيدته المعنونة ب(في ربى اليمامة) التي يقول في مطلعها:
يا مترف الشعر هل صافحت غدواتي وهل تطيبت من أنفاس روحاتي؟
بين الرياض ووادي الخرج متشحًا روح الأصائل أو عبق الصباحاتِ.
الديوان: ص15
ويظهر من هذه القصيدة أن مبارك بن دليم قد تأثر بما تأثر به أستاذه الشيخ عبدالله بن خميس -رحمه الله- من حبه لمنطقة اليمامة ومعالمها، كما تمثل لنا بديوانه الموسوم ب(على ربى اليمامة) وقد أشار مبارك إلى شيء من ذلك في صفحة (الاهداء) التي تصدرت صفحات الديوان.
أما بالنسبة لعنصر (الزمان) فقد كان أيضًا ذا حضور جلي واضح في شعر مبارك بن دليم غير أنه يتخذ صورًا متعددة، منها ما هو (تاريخي) يتكئ على ذاكرة الماضي وأمجاده التاريخية كذكره ما للعرب والمسلمين من حضارات عريقة، كما جاء بقصيدته المعنونة ب(على خطى نزار في غرناطة) التي يقول في مطلعها:
في ساحة الحمراء زاد عنادي بالفن، بالتاريخ، بالأمجادِ
اعتز بالحمراء في ساحاتها تتوالد الأبعاد من أبعادِ.
الديوان: ص10
ومنها ما هو (آني) يصف خلالها الشاعر حالة أو موقفًا ما، تعرض له في يوم من الأيام، كما ورد بقصيدته (ثرثرة يحضرها الوطن على نهر دي) وهي من شعر التفعيلة، التي يقول في مطلعها:
ويوم إجازة الأحد
رسمنا أين مقعدنا
بحرف الضفة اليمنى
لمجرى (دي) وانعقدت
هنا أولى عشايانا
بجذع الشجرة الكنتِ.
الديوان: ص64
وقد يتخذ الزمان في شعره معاني أخرى تتعلق بالزمن وتقسيماته الجزئية المعهودة التي تعارف عليها عامة الناس، كالساعات والأيام والليالي والشهور، وما يقابلها في المعنى من مترادفات.
وهذه أيضًا يكثر شيوعها في شعره، مثل قوله من قصيدته المعنونة ب(من تونس):
أخال أقصى الأرض نجدا وما أدراك ما الخرج وما نجدُ
الحاضران دائمًا إِذ هما الدار والأهلون والوجدُ
استبطئ الساعات كم ساعة ما أبطأ الساعات لو تعدو
متى أقول إن همو بشروا: هاذي الرياض هذه نجدُ
سويعةَ والخرج من حولنا ألقى ضياعا نخلها يحدو.
الديوان: ص67 + ص68
ففي هذا النص - مثلاً - يأتي اهتمامه بالزمن واضحًا، لدرجة تفريقه بين الساعات والساعة و(السويعة) بالتصغير اللفظي للزمن على سبيل التقريب.
ولهذا كله كان المكان بمعناه الجغرافي الواسع هو الحياة والوطن والأهل والعشيرة بالنسبة للشاعر، وهو ثابت بطبيعته الحسية، بينما نجد أن الزمان متغير وإحساسنا به يظل معنويًا ولحظيًا عابرًا!
وأعتقد أن اسم الديوان (وجوه أمكنة) هو كذلك مرتبط ارتباطًا واضحًا بهذا التفسير، لكون (الوجوه) عرضة للتغيير بفعل الزمن، لما لها من صفة خلقية مادية قابلة للتحول والتغير في خلقة الإِنسان، بينما تظل الأماكن بطبيعتها الجامدة ثابتة لا تتغير مع مرور الزمن، إلا أنها تختلف عن بعضها بقدر ما تثيره فينا من حنين وذكريات، عشناها في هذا المكان أو ذاك، إذ إن علاقة الإنسان بالمكان علاقة حسية نفسية اجتماعية ونسبية، تحددها جملة من الظروف والعوامل التي (تؤنسن) هذا المكان، لتخرجه من طبيعته الجغرافية الجامدة، وتبث فيه روح الحياة، ليكون كائنًا حيًا مثلنا، يشعر بنا كما نشعر به، ويحتوينا كما نحتويه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.