على أوتار ثلاثة (الأكشن، الكوميديا، التراجيديا) عزف المخرج السعودي محمد اليحيى مسرحيته المفتوحة التي كانت بعنوان: «الدروازة»، ليمتع الحضور بسيمفونية ممزوجة بالإثارة والضحك والحزن وتعيد للأذهان ما كانت عليه الحياة النجدية السابقة من سلب وقتل وسرقة للأطفال وعدم استقرار في العيش. جسد اليحيى حياة المنطقة النجدية، وأهل «العقيلات» قبل توحيد المؤسس الراحل الملك عبدالعزيز، في مسرحية كانت على طراز المسارح العالمية المفتوحة، واستمرت طوال أيام العيد الثلاثة إضافة إلى اليوم الوطني، واكتظت المسرحية بالحضور، إذ امتلأ المسرح الذي يتسع ل 1600 متفرج، وعدد يماثله في خارج المسرح، ما جعل الحضور يطالب بالتمديد. ما إن أنهى اليحيى ترحيبه بالحضور، إلا تأتي طلقة نارية على أحد حراس الحصون النجدية، بصوت حقيقي (خال من الرصاص) معلنة بداية أحداث الأكشن، ليتم تبادل الطلقات بين «الحنشل» والأعداء، وتتم سرقة الأغنام والأطفال، والهروب قبل طلوع الفجر، وعند الصباح يتهامس أهل القرية بما حدث بالأمس، ويظهر الذعر على محياهم بعد تكرار السرقة والقتل، وعلى رغم ذلك تعود الحياة لطبيعتها، فيستمتع الأطفال بألعابهم ويقوم «المطوع» بتدريس الأبناء الأمور الدينية ويهتف الأطفال بأهازيج وأناشيد قديمة، وتأتي أحاديث «الأهبل» ممتعة للحضور، إذ يسعى لخطبة أخت صديقه «الجميل» في القرية، لكن محاولاته تبوء بالفشل، وبعد أن كثرت الاعتداءات اتهم (الأهبل) بخيانة قريته، ومساعدة الأعداء على اقتحامها. بعد أن يعود رجال القرية الباحثين عن الرزق، (العقيلات) ويروا كيف نهبت أموالهم، وكيف يفقد أحد رجال العقيلات أبناءه بمنظر تراجيدي مؤثر، يعلن أهل القرية النفير لغزو القرية المجانبة لهم، وينتفض «الأهبل» وكل رجال القرية نصرة لمدينتهم، لكن الحروب البينية القروية لم تدم طويلاً حتى يأتي المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله ليوحد البلاد، فترتفع صورته على قلاع القرية ويهتف الحضور بالتصفيق المستمر، وتختتم المسرحية بالعرضة النجدية التي اصطف جميع الممثلين احتفالاً بها، إضافة إلى الجمهور، الذي لم يألُ جهداً في التصفيق والمؤازرة. ما زاد المسرحية قبولاً واحتفاءً عند الحضور في نظر البعض تزامنها مع الأحداث الأمنية الأخيرة التي شهدتها السعودية، ما جعل البعض يذكر نعمة الله على هذه البلدة واستقرارها. اللهجة القصيمية هي الأخرى حضرت بشكل لافت في المسرحية، إذ طاقم العمل المكون من 70 ممثلاً تم تدريبهم قبل شهرين من العرض في منطقة القصيم، وكان جلهم من الشباب الذين لم يتجاوزوا العشرين، وتميز العمل أنه من المواهب السعودية الشابة، إذ أثبتت للحضور أنها قادرة على الإبداع. المسرح المفتوح الذي قام به اليحيى هو الآخر، أبهر الحضور بدقة تصميمه، وروعة إضاءته وصوتياته المؤثرة، كما أدهشهم باقتحام «الخيل» و«الإبل» و«الحمار» و«الخراف» أمام منظرهم، ولم يكتف بعرض مرئي كعادة بعض المسرحيات، ما جعل الأطفال مستمتعين بها. من جانبه، أوضح المخرج محمد اليحيى في حديث إلى «الحياة» أن الأعمال المسرحية تحتاج إلى دعم كبير، وأن الربح المادي وراءها لا يغطي التكاليف، إلا أن حرصه على تقديم نماذج سعودية ناجحة تصل بعد حين إلى العالمية هو ما يشدو إليه. وأشار اليحيى إلى أنه يعتزم القيام بزيارة إلى أميركا لأخذ دورة في أفلام «الأكشن» ليجيد إخراج المسارح المفتوحة بشكل احترافي، ونوه إلى حرصه على تقديم علم يليق بالفن السعودي، إلا أنه بحاجة إلى دعم لوجستي من المسؤولين المعنيين ليقدم أعمالاً تحقق رغبة المشاهد. ولفت إلى أنه تعاقد مع ممثلي مسلسل باب الحارة للمشاركة في بعض المسرحيات التي تجسد القرية الشامية وما كانت عليه في السابق من مناضلة للاستعمار، ودورهم في التضحية الوطنية. يذكر أن مسمى المسرحية (الدروازة) يطلق على مدخل القرية وبوابتها الرئيسية، كما أن العقيلات اسم أطلق على أهالي نجد الذين يذهبون إلى البلدان المجاورة بحثاً عن الرزق وتستمر رحلتهم لعدة أشهر، ويعودون وعلى رؤوسهم «العقال» فأطلق عليهم هذا الاسم نسبة إلى ذلك، كما أن مسرحية «الدروازة» كانت مماثلة لمسرحية (القرية النجدية)التي أقيمت في بريدة في مهرجان بريدة الترويحي في عام 29، وهي من تأليف الدكتور إبراهيم الدغيري.