الكواليس هي أماكن على المسرح لا يراها المشاهدون، وإنّما يكون فيها الممثلون قبل ظهورهم على خشبة المسرح، ويقال عمِل وراء الكواليس أي عمل في الخفاء، وفي المؤتمرات هي قاعات مجاورة لصالات الاجتماعات يتفقون فيها على الحلول في الكوالِيس قبل عرضها على المؤتمر، ولهذا يقال «كواليس السياسة». في الظل وراء هذه الكواليس أو خلف الكاميرات توجد شريحة مهنية مهمة لكنها مهملة على الصعيد المحلي، أو على الصعيد المحلي الحكومي بحسب الصورة العامة التي تلقيتها من بعضهم مباشرة، أو من بعض العاملين معهم. إنهم فنيو التصوير والتجهيز والإضاءة وكل ما يتعلق بمشهد أو برنامج ترونه أمامكم، أو بعبارة أخرى معظم الفريق الفني المساند للمذيع أو المقدم الذي ترونه، الذين يكونون غالباً خلف الكاميرات. علمت أن مستويات أجورهم ضعيفة، وأنهم ليسوا بموظفين رسميين في القطاعات الإعلامية الحكومية، وأنهم لا يتلقون التدريب الكافي، ومعظم إبداعاتهم تأتي من شغفهم بمهنتهم، ورغبتهم في التطوير الذاتي. المؤسف أن نسبة التسرب عالية، وغالبيتها للقطاع الخاص، أو لتلفزيونات إقليمية تقدر المواهب وتقدم التدريب الكافي، ومع وجود معهد واحد يتيم للتدريب الإعلامي هو معهد الأمير أحمد بن سلمان - رحمه الله، إلا أن الشباب الذين حدثوني يقولون إن جهات عملهم ترفض دفع رسوم التدريب. سألت الفنان حبيب الحبيب عن منطقتهم حيث تصور المسلسلات والمسرحيات فأكد لي المعلومات، وهو على رغم تركز أعماله وتصويره في دول الجوار بحكم التعاقدات، إلا أنه يتذكر من تجاربه المحلية أن كثيراً من المبدعين خلف الكاميرات وفي المهن كافة يعانون من ضعف الدخل، وقلة فرص التدريب، بل وأهم نقطة من وجهة نظره هي عدم قدرتهم على إبراز بعض مواهبهم الخاصة، ومنتجهم الخاص، الأمر الذي حدا ببعضهم للرحيل، أو التوجه لإنتاج أعمال صغيرة في الإعلام الاجتماعي تقدمه للوسط الذي يطمح إلى البروز فيه. الحبيب أكد لي أنه شهد خلال مسيرته الفنية كثيراً من المواهب تذبل من دون الرعاية والاهتمام الكافيين، أو تهاجر بأحلامها الإبداعية إلى دول الجوار بحثاً عن الفرصة. خلف الكاميرات، وبعيداً عن الأضواء والشهرة، يعمل الكثيرون في صمت ك «جنود مجهولين»، لساعات طوال من دون كلل أو ملل، أو تذمر، ويسعون لتقديم كل ما من شأنه النهوض بالعمل والرقي به، ولتخرج البرامج بالصورة الملائمة في الوقت والزمن المحدد لها وبالترتيب اللازم، ولأن عملهم جزء مهم من المنظومة الإبداعية، وجزء من إعلامنا المرئي فيجب الاهتمام بهم، خصوصاً أن زمن التقنيات الرقمية والبرامج الحاسوبية لن يقبل بأنصاف الحلول، ولن يستمر فيه أنصاف المبدعين. يجب على جميع قطاعات الإعلام الحكومي أن تضع هؤلاء أمام الكواليس وفي نقطة الضوء الرئيسة، لتضع لهم مساراً وظيفياً واضحاً، وتعاملهم كمبدعين لا كمجرد موظفين بالعقود أو بالقطعة، عندها ستحصل على منتج أفضل، وبالتالي مشاهدة أو استماع أكثر. [email protected] mohamdalyami@