اعتبر الباحث الشرعي سعيد بن سالم الحرفوف أن بحث موضوع «حظر التجول» من ناحية فقهية يعد من النوازل العصرية الحديثة التي تتطلب مزيداً من الاطلاع والتحرير، لتعلقه بمعاش الناس وتحركاتهم، وخصوصاً أنه لا يزال يتكرر وقتاً بعد وقت كما هو ملاحظ هذه الأيام. وأكد في بحث له بعنوان: «حظر التجول وأحكامه الفقهية» أن الحظر أصبح واقعاً ملموساً ومعمولا به، يلجأ إليه صناع القرار السياسي في البلدان التي تكثر فيها الاضطرابات السياسية، إلى غير ذلك من الأسباب التي يأتي ذكرها في ثنايا البحث»، وتناول المسائل الواجبة دون غيرها، في ما يتعلق بالحظر الجزئي سواء الزماني أم المكاني من دون الحظر الكلي لندرة وقوعه. وأوضح أن معنى حظر التجول، هو منع الناس من التحرك في طرق البلد أو التنقل فيه لظروف استثنائية، مدة زمنية معينة مِن منْ له السلطة بذلك، ولفت إلى أن هناك فرقاً بين حظر التجول والإقامة الجبرية، مفيداً أن المصدر للحظر هي السلطة التنفيذية، بينما الآمر بالإقامة الجبرية هو القاضي. وأكد أن الحظر لا يختص بشخص واحد، بل هو عامل يشمل جميع من في البلد، بخلاف الإقامة الجبرية فإنها تختص بأشخاص معينين، وقد تختص بشخص واحد و أن الإقامة الجبرية تعد عقوبة، وهي من بدائل السجن، ولا يعاقب بها إلا محكوم عليه بسبب جرم بخلاف الحظر، فإن المشمولين به لم يرتكبوا جرماً، ولا يعد في حقهم عقوبة، بل قد يفرض للحفاظ عليهم. واعتبر إصدار حظر التجول من اختصاصات رئيس السلطة التنفيذية، والأولى أن يكون ذلك إلى السلطتين التشريعية والتنفيذية حتى يكون ذلك عائقاً أمام استغلال السلطة التنفيذية لصلاحياتها، ولأجل عدم الخروج عن الهدف الذي لأجله شرع الحظر. ومما يوازي السلطة التنفيذية في الفقه الإسلامي الخليفة أو الإمام أو الحاكم أو الوالي، وهو المسوؤل الأول عن جميع ما يحدث في بلاده، وقد جعل الفقهاء من واجبات الإمام المحافظة على الأمن والنظام العام في الدولة. وأشار إلى أن أسبابه - حظر التجول - تعود في الجملة إلى الحال الأمنية، سواء أكانت سياسية - وهذا وهو الغالب - أو صحية، ويكون الإعلان من طريق وسائل الإعلام الرئيسة كافة، من قنوات تلفزيونية وإذاعية رسمية وصحف ومجلات ورقية أو إلكترونية رسمية. ولفت إلى أن حكم حظر التجول يختلف باختلاف المصدر له، وأسباب فرضه، فإن كان المصدر له كافراً في بلاد إسلامية، ففرضه حرام واعتداء وظلم، يجب وجوباً حتمياً على المسلمين جميعاً السعي لرفعه بشتى السبل، ورفعه نوع من الجهاد المشروع، أما إن كان المصدر له مسلماً فيختلف الحكم باختلاف الأسباب التي أدت لفرضه. وأوضح شارحاً إن كان سبب الحظر أمنياً سياسياً فلا يخلو من أحوال. الأولى: أن يتيقن المُصدِر له وقوع مفاسد أعظم من فرضه، أو يغلب على ظنه، مثل المظاهرات غير السلمية، أو السعي للانقلاب على السلطة، أو اتفاق جماعات على السعي في إزهاق الأرواح وإفساد الممتلكات ونحو ذلك، فإنه في هذه الحال يجب عليه أن يفرضه ويُصدِره سداً للذريعة وحفاظاً على الدولة والأرواح والممتلكات، منبهاً إلى أن المخالف للحظر هنا يعد عاصياً ومستحقاً للعقوبة، لوجوب طاعة ولي الأمر. الثانية: ألا يتيقن وجود تلك المفاسد بل يشك في وجودها، فهنا تعارضت مفسدتان لا يعلم أيهما أعظم، أولهما فرض الحضر ومنع الناس من الخروج لعباداتهم ومصالحهم، والثانية خشية وقوع المفاسد التي قد تؤدي إلى الإخلال بالأمن وإزهاق الأرواح وإفساد الممتلكات، فهنا الأمر يعود إلى اجتهاد الحاكم والى أهل الحل والعقد والاختصاص، مؤكداً أن الحظر متى ما صدر وجب على الناس التقيد به وعدم مخالفته. الثالثة: فهي أن يتوهم المُصدِر له وجود المفاسد أو يصدره تعسفاً، فإن فرضه في مثل هذه الأحوال حرام ولا يجوز لما في ذلك من التضييق على الناس، وفوات عباداتهم وضياع ومصالحهم، ولفت إلى أن المخالف له في هذه الحال لا يعد عاصياً، وعلى أهل الحل والعقد السعي لرفعه، لما في ذلك من الضرر البالغ على الناس والتضييق عليهم، وفوات عباداتهم وضياع ومصالحهم. وقد تضافرت النصوص من الكتاب والسنة على رفع الحرج ودفع الضرر.