لأن الحديث عن الاعتراف بها دولياً يتزامن دائماً مع انطلاقتها، ونجري اللقاءات مع المسؤولين والتحقيقات الصحافية ونكثر الكلام عنها، ينتهي الحديث عن الاعتراف بدورات كأس الخليج العربي بنهاية البطولة، لا نكترث بما نقوله وبالعمل الصحافي الذي عملنا، لأننا اعتدنا على «الكلام» ولم نعتد على «العمل»... لأننا نحب الأول ونتكاسل عن الثاني! يبدو أننا عاطفيون جداً، ويبدو بأننا نتأثر بلقاء الأشقاء والسهرات و«العزايم» وترديد الشعارات التي توحدنا، وهذا أمر طبيعي فقد ورثنا طباعنا من هذه المنطقة الطيبة، ولهذا السبب نملك موروثاً ذا قيمة ومكانة لدينا، عمره 43 عاماً. نحن نصفها بالبطولة «الودية» التي تجمعنا لسبب واحد فقط، وهو اعتزازنا بالانتماء لهذا الخليج العربي، ونطالب أقطابها المشاركة في المنتخب الأول، وتتوقف الحياة الكروية في أنحاء المنطقة، ونجلب حكاماً دوليين بإدارة من الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، وندعو ضيوفنا الأجانب لحضور فعالياتها، وتتركز الأنظار على البلد المضيف وملاعبه. الأهداف الموضوعة لدورة «كأس الخليج» قيمتها تتعدى حدود فكرة الاعتراف بها، يكفي أننا نعترف بها ونجبر القاصي والداني على مشاركتنا في الحدث الخليجي، وحقيقة لا توجد بطولة إقليمية أو ودية على سطح هذا العالم تحظى بالاعتراف الدولي كالذي تحظى به «كأس الخليج»، والحقيقة أيضاً تشير إلى أن مبارياتها تسجل في سجلات «فيفا» كمباريات دولية.. ماذا نريد أكثر من هذا الاعتراف؟ لو فكرنا قليلاً، بماذا سيفيدنا الاعتراف بكأس الخليج؟ تُدرج في أجندة «فيفا» مثلاً؟ هل سيخطو «فيفا» بهذه الخطوة الخطرة من أجل دول الخليج فقط؟ ماذا عن بقية البطولات الإقليمية في العالم؟ لو فرضنا جدلاً أن «فيفا» أدرجتها في الأجندة، ما الفائدة من هذا الإجراء أساساً؟ أعتقد أن صاحب فكرة الاعتراف لا يعي تماماً الأهداف من هذه الخطوة. لو فكرنا قليلاً بخصوصية وطبيعة «كأس الخليج»، هذا الإرث الخليجي الأصيل، الذي ننظمه بأنفسنا وبطريقتنا التي تناسبنا، هذا الإرث الذي تجد قيمته الثمينة لدى أهل الخليج، وكيف تحظى بأهمية بالغة في الشارع الرياضي الخليجي... كل ذلك سنفقده في حال قدمناها قُرباناً للرضا والمحبة للاتحاد الدولي «فيفا»، والذي يبدو لي بهذا الإجراء وكأننا ننظر له بنظرة إلهية في لعبة كرة القدم! يجب ألا تجرفنا حماسة التجمعات واللقاءات إلى أفكار وأحلام ومظاهر، وبدلاً من حبنا للكلام والثرثرة في هذه القضية، يجب علينا أولاً أن نحترمها ونقدرها في أن نثبت مواعيدها بأنفسنا بما يتناسب مع الأجندة الدولية والقارية، فنحن لدينا طموحات أخرى تتعدى الفوز باللقب الخليجي، ولدينا البطولات القارية والتأهل لكأس العالم. وإذا لم نحترمها نحن أهلها وأصحابها، فكيف ننتظر احترامها من الاتحادين الدولي والقاري؟