سجل بيان هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قبل يومين، في موضوع ضرب أعضاء الهيئة بريطانياً وزوجته في الرياض، سابقة تاريخية على أكثر من صعيد، فإلى جانب كون البيان حوى، للمرة الأولى اعترافاً رسمياً من الهيئة بخطأ موظفيها في حادثة جدلية، وثبوت تواطئهم على «الكذب والتضليل»، فإن سرعة إصدار تقرير اللجنة المكلفة بالتحقيق في ملابسات الحادثة، بعد 24 ساعة من قرار تشكيل اللجنة، وبعد ثلاثة أيام من وقوع الحادثة، كانت لافتة وغير مسبوقة، ولاسيما أن نمط العمل في اللجان الحكومية يغلب عليه البطء والتأخر في الوصول إلى نتائج مقنعة في زمن وجيز. ففي حين بقي موقف الهيئة في حوادث جدلية اتهم فيها أعضاء الهيئة بالخطأ، مسانداً لصف الأعضاء، اختلف موقف الهيئة في حادثة البريطاني وزوجته، وأدان أعضاء الفرقة المتهمة بالخطأ، وأدانهم قبل أن يعاقبهم بالنقل. وعلى رغم أن حالات أخرى، شهدت أخطاء جسيمة، ودفع المتضررون فيها أرواحهم ثمناً لأخطاء أعضاء الهيئة، كانت الهيئة تصر دائماً على الوقوف في صف أعضائها المتهمين وليس في صف الموضوعية. ولعل حادثة اليوم الوطني الشهيرة، التي راح ضحيتها شقيقان بعد مطاردة مثيرة من أعضاء الهيئة في العاصمة الرياض، شاهد على ذلك، وخصوصاً أن التحقيق في الحادثة انتهى ببراءة الأعضاء بعد مداولات استمرت أكثر من عام. وفي حين لم تبادر الهيئة بشكل سريع إلى إدانة المتورطين في حادثة مطاردة رجل وعائلته في محافظة بلجرشي بمنطقة الباحة عام 2012، إلا بعد ثبوت إدانتهم والحكم بالسجن أربعة أعوام مع وقف التنفيذ. مع أن الحادثة نتجت منها وفاة الرجل وبتر يد زوجته، وإصابة طفليه إصابات خطرة. البرود ذاته قابلت به الهيئة اتهام أعضاء في حادثة مقتل الخريصي عام 2009، ولم تتفاعل سريعاً مع الحادثة كما فعلت في حادثة البريطاني، بل انتظرت حتى أيدت محكمة التمييز في الرياض الحكم الصادر ببراءة عضوي الهيئة، اللذين وجهت إليهما تهم بالقتل عمداً، من عائلة الخريصي البالغ من العمر 28 عاماً، والذي توفي في أحد مراكز الهيئة بالرياض بعد أن احتجزته الهيئة مع 11 من أفراد أسرته للاستجواب في شأن اتهامات بحيازة خمور. في حين أن التقرير الطبي يؤكد أن لوفاة نتجت من ضرب عنيف على الرأس، أدى إلى انتزاع العين اليمنى، وسبب انشقاقاً في الجمجمة بطول ستة سنتيمترات، وضربة أخرى في الرأس نتجت منها فتحة فيه من الجهة اليمنى أدت إلى سقوط المخ منها».