إيطاليا تحتكر نحو (70%) من إنتاج الاتحاد الأوروبي للمعكرونة    بنزيما: الهلال فريق صعب... حاولنا لكن لم نتمكن من التسجيل    ثيو هيرنانديز سعيد بفوز الهلال في «كلاسيكو السعودية»    رصد مذنب «لِيمون» في سماء منطقة الحدود الشمالية    ناصر الدوسري يوضح أسباب تألقه مع إنزاغي    إنزاغي: كنا نستطيع تسجيل المزيد من الأهداف    كونسيساو: ما حدث أمام الهلال لا يمكن تحمله    العلا يتغلّب على الاتحاد في قمة الجولة الخامسة من الدوري السعودي لكرة السلة    "الأخضر" تحت 17 عاماً يواجه تونس ودياً استعداداً لكأس العالم    جمعية المانجو بجازان تؤكد دعمها للتنمية الزراعية المستدامة في ملتقى "جازان الخضراء"    مناحل بيش تحصد المركز الثاني في مسابقة الإمارات للعسل على مستوى الخليج    الهلال يصعق الاتحاد «حامل اللقب» بثنائية في عقر داره    بلدية الدرب تنفّذ حملة تنظيف شاطئ عتود ضمن جهودها لتحسين المشهد الحضري    «سلمان للإغاثة» يوزّع (1,100) من المواد الإيوائية المتنوعة في الصومال    وزير الاقتصاد والتخطيط يعقد اجتماعاً مع المستشار الاقتصادي والمالي الألماني    المملكة تُسهم في إحباط محاولة تهريب (25) كجم "كوكايين" بماليزيا    وزارة الداخلية تحتفي بمرور 100 عام على تأسيس الدفاع المدني.. الثلاثاء المقبل    نائب أمير نجران يُدشِّن الأسبوع العالمي لمكافحة العدوى    نادي ثقات الثقافي يتألق (باأمسية أدبية مدينية ) بالتعاون مع الشريك الأدبي    خمس تطلعات مستقبلية لمنتدى TOURISE تستشرف التغيرات السياحية    المملكة تقدم مشاريع صحية لبناء عالم خالٍ من شلل الأطفال بقيمة تزيد عن نصف مليار دولار    تجمع جازان الصحي وجمعية رعاية الأيتام بالمنطقة يبحثان سبل التعاون المشترك    توطين سلاسل الإمداد        السوق السعودي يترقب مسار السيولة    طبيب سعودي يحقق جائزة التميز في زراعة الكبد    آل الشيخ: معرفة أسماء الله الحسنى تزيد الإيمان وتملأ القلب طمأنينة    ولي العهد يعزي هاتفيًا رئيس وزراء الكويت في وفاة الشيخ علي الصباح    في يومٍ واحد.. عسير تحتفي بإنجازٍ مزدوج لخدمة الإنسان    السديس: أمتنا أحوج ما تكون لهدايات القرآن في زمن الفتن    الديوان الملكي: وفاة صاحبة السمو الأميرة هيفاء بنت تركي بن محمد بن سعود الكبير آل سعود    أنظمة الدفاع الجوي الروسية تسقط 3 مسيرات متجهة إلى موسكو    منظمة الصحة العالمية تجلي 41 طفلا من قطاع غزة    الرئيس الموريتاني يصل جدة لأداء مناسك العمرة    رابطةُ العالم الإسلامي تُشيد بالرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية    مسابقة "كأس فرسان علم السموم العرب" تنطلق اليوم    تدشين فعالية اليوم العالمي للصحة النفسية في الخبر    صقّار يطرح أول شاهين في حياته ويبيعه ب(193) ألف ريال    تنقل زواره لتجربة سينمائية عبر رحلة تفاعلية مكتملة    163 ألف ريال لصقرين في مزاد نادي الصقور السعودي 2025    بيان عربي إسلامي: ضم الضفة انتهاك صارخ للقانون الدولي    أمير منطقة جازان ونائبه يلتقيان أهالي فرسان    أمير منطقة تبوك يواسي أسرة القايم    59.1% من سكان السعودية يمارسون النشاط البدني أسبوعيا    الأمين العام للأمم المتحدة يأمل أن تلتزم بالرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية    بروكسل تعد القاهرة بمساعدات بقيمة 4 مليارات يورو خلال أول قمة أوروبية – مصرية    لشيخ الدكتور صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان مفتيًا عامًا للمملكة العربية السعودية ورئيسًا لهيئة كبار العلماء ورئيسًا عامًا للرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بمرتبة وزير    تكليف العنزي مديراً للإعلام ومتحدثاً لوزارة الشؤون الإسلامية    بالونات مجهولة تثير مخاوف الأمريكيين    أكد رسوخ الوفاء والمبادرات الإنسانية.. محافظ الأحساء يكرم مواطناً تبرع بكليته لوالده    القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة علي الصباح    أمر ملكي بتعيين الفوزان مفتياً عاماً للمملكة    آل حلوّل والضليمي يزفون داؤود    المملكة توقع اتفاقية دولية للإنذار المبكر من العواصف    برنامج ثقافي سعودي- فرنسي يمتد حتى 2030.. 50 مليون يورو لدعم مشروع «مركز بومبيدو»    أجريت إنفاذاً لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. نجاح عملية عيب خلقي في القلب لطفلة فلسطينية    معقم الأيدي «الإيثانول» يسبب السرطان    التراث يحفّز الاستثمار ويقود ازدهار المتاحف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شمس متناثرة في آفاق النحت الهندسي
نشر في الحياة يوم 10 - 06 - 2012

تطل علينا موهبة أناشار بصبوص في وهج اكتمالها ونضجها، فتبدو أجنحته الذهبية مشرئبة في الفضاء وشموسه متألقة في أحضان الطبيعة، لكأنها جزء من نظامها الخفي، بين مياه وأشجار، حيث يطيب التأمل لما يمكن أن تكون عليه الأقواس والأوتاد والمثلثات المقلوبة، من احتمالات وإيهامات، أو ما يمكن أن نراه على سطح الكرات الكبيرة التي تشبه الكواكب، من مرايا صور وانعكاسات. ويمكننا أن نلاحظ مفعول نسائم الهواء وهي تتلاعب بسفينة صغيرة عائمة على سطح المياه في بركة حديقة ساحة الزيتونة حيث تتموضع أنصاب أناشار في المعرض الذي يقيمه له مركز بيروت للمعارض- سوليدير (خلف مبنى ستاركو في بيروت ويستمر لغاية 8 تموز(يونيو))، لكي نكتشف العلاقات التي تربط بين النحت وحركة الطبيعة وفن المعمار، على ضوء مبدأ الثابت والمتحول والسائل، في مفاهيم ما بعد الحداثة.
نستعيد مع أناشار أحلام والده ميشال بصبوص بتحويل الساحات والحدائق العامة إلى متاحف للنحت الحديث في الهواء الطلق. فقد كان منذ طفولته في راشانا يلهو بصناعة الأشكال، لاسيما بعد أن شكلت حدائق النحت ملعبه الأول وموطن أحلامه وإدراكه المبكر لشاعرية التجريد. «كانت الأشكال تنبثق من الأرض كما تنبثق السنابل وأشجار الحقول- يقول الفنان- ما زلت أتذكر كيف كنت أتسلق تلك الحصون الحجرية والأبراج الحديثة المنحوتة بيدي الأبوة وكيف كنت أختبئ في ظلالها».
الفرق بين منحوتات أناشار ووالده ميشال هو الفرق بين فلسفة الحداثة وما بعدها، وهو أيضاً الزمن الذي يفصل بين جيلين متناغمين ومختلفين في آن واحد. فالمسار النحتي لأناشار يبدو مغايراً في جوهر تكاوينه التشييدية الهندسية، لمسار النحت التجريدي الذي كرسه والده في ذاكرة فنون راشانا. كما لو أن أناشار (وهو الاسم الذي يقرأ بشكل معكوس لراشانا) أراد أن يهندس تجاربه بطريقة معاكسة لتجارب البصابصة، التي تنطلق في جوهرها من اتجاهات التجريد الحار أي من معالجات قولبة الشاعرية- التجريدية للشكل ومن جعل ضربات الإزميل ومقاطع الأدوات الآلية للصخور شبيهة بأنفاس المشاعر ونبض حركة الطبيعة. لذا اتجه اناشار نحو النصب البنائي، أي إلى جماليات النحت التجريدي- الهندسي البارد، في إنشاء تكاوين متنوعة الخامات تحمل عنواناً لها:»شمس متكسرة».
ميثولوجيا معاصرة
انطلق أناشار من موضوع ميثولوجي قديم لطالما دخل في صلب الفنون الشرقية (الميثولوجيا المصرية والفينيقية) كما دخل في جوهر تجليات منحوتات أبيه الذي نحت وهج الشمس كصدى لطاقة التعبير عن المشاعر والأحلام اللذين يسكنان داخله. في حين أن انكسارات الأشكال لدى أناشار تظهر نابعة من رؤية جديدة قائمة على علاقة الشمس بالطاقة الإدراكية– العقلانية المتجددة، في عملية دراسة الفضاء الكوني وحركة الحياة المتغيرة، لذا اعتمد منهج البنائية العقلانية، في استخدامه المنهج العلمي الهندسي الذي يلتقي والمنهج الحدسي في تجسيد عوالم إشعاعات الشمس المتناثرة.
يقول أناشار انه انتظر حوالى 32 سنة كي يعرض ما كان يدخل في نسيج تجاربه الأولى التي نفذها خلال مرحلة الطفولة في محترف والده ميشال بصبوص والقائمة على لعبة تركيب الأشكال الهندسية والألعاب المغناطيسية من مربعات ومثلثات ومعينات وأقراص مثقوبة. فذكريات فتوته المجبولة بأحزان الرحيل المبكر لوالده، سرعان ما تداخلت مع وتيرة مرحلة دراسته للهندسة المعمارية في الأكاديمية اللبنانية خلال تفجّرات الحرب، مما أجبره على السفر إلى باريس في العام 1989، حيث تمرس في دراسة الفن الحديث واطلع على مجريات المفاهيم الجديدة للنحت، في مرحلة ما بعد الحداثة، وعلاقتها باستخدام مواد بنائية متنوعة وغير تقليدية.
حين عاد من باريس إلى راشانا، كأنه عاد ليسترد طفولته السحرية فآثر تشييد الأشكال الهندسية بدلاً من نحتها، وذلك وفق منطق بسيط يعتمد على إعادة بناء الكتلة من أجزائها وكسورها في حركتها النامية في الفضاء، حتى لتبدو الأشكال لناظريها أنها مشحونة بدينامية متحركة ومتعددة المفاصل والتقاطعات والانزياحات الخطوطية، وهي التي تمنح كل مرة رؤية مختلفة، باختلاف زاوية النظر. واللافت أن غالبية أنصابه النحتية مطلية بألوان الصدأ الذي يكتنف الحديد، مما يضفي الحيوية على أحجام الكتل.
درس أناشار مفاهيم الأنظمة البنائية التكنولوجية التي تكشف عن دينامية هندسية متشظيّة لها علاقة بالحقائق الحياتية والعلمية. فالنحت البنائي ذو الطابع التفكيكيّ كما يقول الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا هو كناية عن كتابة رياضية. وهذا ما حرّض أناشار على الكشف عن شذرات الحركة كأثر هندسي ظاهر وخفي، بسيط وجميل في آن واحد. كل ذلك يؤكد أهمية لغة التفكيك التي يحملها بشكل غير مباشر عنوان المعرض «شمس متكسرة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.