أصدقاء البيئة تنفذ زراعة 300 شجرة بالكلية التقنية دعمًا لمبادرة التشجير الوطني    القطيف تحتفي بثقافة الطفل في «أسبوع الطفل الأدبي»    السعودية شريك محوري في الاستقرار الإقليمي والدولي    رئيس الوزراء الأسترالي يواجه ضغوطاً إسرائيليةً بعد هجوم بونداي    اتفاقيات تجارية بين سيئول والدول الأفريقية    طائرة الاهلي تواصل الصدارة والهلال يلاحقه    السكتيوي: بالانضباط التكتيكي هزمنا الإمارات    كانسيلو والبليهي.. لحظة مرحة تحولت إلى جدل    المطر في الشرق والغرب    في الأجواء الماطرة.. الحيطة واجبة    ارتفاع أسعار الذهب    الجوائز الثقافية الوطنية وتعريف مفهوم الإبداع    ورشة نقدية تقرأ الجمال في «كتاب جدة»    «الدارة» ترصد تاريخ العمل الخيري بمكة    نجاح ترميم مجرى الدمع بالمنظار    موجز    الأمير فيصل بن خالد يرعى توقيع 21 اتفاقية ومذكرة.. 40 ملياراً قيمة فرص استثمارية بمنتدى الشمالية    ناقشا الجهود المبذولة لتحقيق الأمن والاستقرار.. ولي العهد والبرهان يستعرضان مستجدات الأحداث بالسودان    الأخضر يواجه الإمارات على البرونزية.. الأردن يضرب موعداً نارياً مع المغرب في نهائي كأس العرب    «جوارديولا».. رقم تاريخي في الدوري الإنجليزي    الاستقرار الاجتماعي    وزارة الخارجية تعرب عن تعازي المملكة ومواساتها للمملكة المغربية جرّاء الفيضانات في مدينة آسفي    أمير منطقة الرياض يوجه الجهات المعنية بسرعة رفع تقارير نتائج الحالة المطرية    38 مليون عملية إلكترونية عبر «أبشر» خلال شهر    إغلاق موقع مخبوزات مخالف في جدة    انطلاق تمرين مواجهة الكوارث البحرية الخميس    القيادة تعزّي ملك المغرب في ضحايا فيضانات مدينة آسفي    قطع شرايين الإمداد الإنساني.. «الدعم السريع» يعمق الأزمة بالتصعيد في كردفان    لبنان عالق بين التفاوض واستمرار التصعيد العسكري    وسط تمسك أوكراني وقلق أوروبي متصاعد.. ضغوط أمريكية على كييف للتخلي عن دونباس    شراكات في صناعة السينما بمهرجان البحر الأحمر    اختتمت مشاركتها في المعرض بمدينة ميلانو الإيطالية.. السعودية تبهر زوار «أرتيجانو آن فييرا» بعمقها الحضاري    تركي بن فيصل: السعودية منارة للسلام الإنساني    تعديل السلوك    المؤتمر الصحفي الحكومي يستضيف وزير الصناعة غداً    دواء مناعي يعالج التهاب مفاصل الركبة    دراسة: نقص«أوميغا-3» يهدد 76% من سكان العالم    جريمة قتل حامل تهز سكان المنوفية    فيديوهات قصيرة تهدد نمو الأطفال    وميض ناري على مذنب    علامة مبكرة لتطور السكري الأول    أسعار تطعيم القطط مبالغة وفوضى بلا تنظيم    10.6% نمو بقيمة الصفقات السكنية    نائب أمير الشرقية يستقبل مجلس «مبرة دار الخير»    الدكتور علي مرزوق يسلّط الضوء على مفردات العمارة التقليدية بعسير في محايل    الأردن تتغلب على السعودية وتتأهل لنهائي كأس العرب    أمير الكويت يستقبل الأمير تركي بن محمد بن فهد    حين تُستبدل القلوب بالعدسات    المرأة العاملة بين وظيفتها الأسرية والمهنية    غداً .. "كبدك" تُطلق برنامج الطبيب الزائر «عيادة ترحال» ومعرضًا توعويًا شاملًا في عرعر    أمير منطقة جازان يستقبل إمام المسجد النبوي    دور إدارة المنح في الأوقاف    وفد أعضاء مجلس الشورى يطّلع على أدوار الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة    طلاب ابتدائية مصعب بن عمير يواصلون رحلتهم التعليمية عن بُعد بكل جدّ    «الحياة الفطرية» تطلق مبادرة تصحيح أوضاع الكائنات    أمانة الرياض تطلق فعالية «بسطة» في حديقة الشهداء بحي غرناطة    أمير منطقة جازان يستقبل سفير إثيوبيا لدى المملكة    تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية.. دورات متخصصة لتأهيل الدعاة والأئمة ب 3 دول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البرلمان المصري في مواجهة الحريات الفضائية
نشر في الحياة يوم 01 - 03 - 2012

يفترض أن تقف كلمتا «الإعلام» و «الخيال» على طرفي نقيض لا يلتقيان، لكن واقع الحال التلفزيوني المصري يؤكد أنهما التقتا، وتقاربتا، ثم تواءمتا. ليس هذا فقط، بل تمكن الخيال من أن يجمع كلاً من القنوات الخاصة والرسمية في عملية غريبة مريبة قوامها المزج العجيب بين المعلومة والرأي، لا سيما في برامج الحوارات أو برامج المناظرات التي باتت لاعباً رئيساً في تشكيل الوعي العام وتحريكه.
«ملك» المناظرات التلفزيونية في «بي بي سي» تيم سيباستيان سأل سؤالاً استنكارياً في القاهرة قبل أيام: «... وهل تظنون أن حوارات ال «توك شو» لديكم مناظرات بالفعل؟» السؤال الاستنكاري لم يكن إلا توصيفاً لما يجرى على الكثير من الشاشات المصرية. المعادلة سهلة وبسيطة! شحّ معلوماتي مع زخم إعلامي مضافاً إليهما نشاط تحليلي وتنظيري غير مسبوق نجمت عنه حالة من الفوضى الإعلامية الصارخة.
وبدلاً من التقسيمة المعتادة للقنوات الفضائية، حيث كان المشاهد المصري يطلب من فني الأطباق الهوائية تصنيف القنوات بين منوعات وأخبار وأفلام ورياضة ومسلسلات، باتت التصنيفة قائمة على أساس ميول المشاهد، بين ميول ثورية، وأخرى سياسية ذات طابع ديني، وثالثة كنبوية.
استغلال الأزمات
لم يعد المشاهد يتابع القنوات بناء على نوعية البرامج، ولكن بناء على توجهاتها وآراء مذيعيها وقناعات ضيوفها وشطارة معدّي برامجها القادرين على استنباط مراكز السخونة لدى المشاهد والدق على أوتارها، ومنها، مثلاً، الموقف من الثورة سلباً أو إيجاباً، ورد الفعل تجاه التيارات السياسية ذات الرداء الديني تأييداً أو تنديداً، والرأي تجاه المجلس العسكري تخويناً أو ثقة. اذ بات معروفاً أن قنوات بعينها تحمل شعار «ثورة ثورة» وهي تلك التي تعارض أي نوع من التهدئة، وأخرى تعمل تحت شعار «تهدئة تهدئة» معارضة أي شكل من أشكال المعارضة أو انتقاد المجلس العسكري والإخوان المسلمين، وثالثة تحاول إمساك العصا من المنتصف، فهي تؤيد شرعية البرلمان تارة، ولكن تعود وتؤكد أن الأصل في الشرعية للميدان تارة أخرى.
ولأن غالبية تلك القنوات لا تعمل وفق معايير العمل الإعلامي من عرض للمعلومات، وبحث عن صدقية، بل تعتمد على الدق على أوتار الرأي العام، بالعزف تارة وبالتهييج تارة أخرى، قدم سوء أداء القنوات التلفزيونية الذريعة الذهبية للقوى السياسية الدينية الآتية حديثاً إلى الساحة لتقيم حدّها على الإعلام... فقبل أيام شنت لجنة الثقافة والإعلام في مجلس الشعب (البرلمان) هجوماً عنيفاً على وسائل الإعلام المصرية، متهمة إياها بالتحريض واستغلال الأزمات بغرض إشعال الفتن.
الهجمة البرلمانية المتوقعة على الإعلام تتضح معالمها رويداً. ففي جلسة مجلس الشعب الطارئة عقب مجزرة بور سعيد، اقترح رئيس المجلس سعد الكتاتني وقف البث الحي للجلسة، وذلك بعد مطالبات من النواب بإقالة رئيس الوزراء ووزير الداخلية، إلا أن الاقتراح لم يخرج إلى حيز التنفيذ بسبب اعتراض الأعضاء.
ويبدو أن رغبة رئيس المجلس في وقف البث الحي للجلسات لم تفتر. فقد عاد وأشار إلى أن علانية الجلسات لا تعني بالضرورة البث الحي لها على شاشات التلفزيون فقط، بل يمكن أن يتحقق من خلال حضور الجمهور للجلسات في شرفات المجلس، وكذلك بنشر المضابط في الجريدة الرسمية.
الجريدة الرسمية في مصر حالياً شأنها شأن القنوات الرسمية، والتي لخص حالها الفنان المصري حلمي التوني في كاريكاتير رسم فيه تمثال الكاتب المصري بعدما أصبح «الكاتب المتربع» وهو يقول: «على مدى سبعة آلاف سنة، وكل من يتزوج أمي، أناديه ب «عمي»!
ف «محظورة» الأمس على الشاشات الرسمية صارت «محظية» اليوم. و «رموز نظام» الأمس صاروا «فلول اليوم وأذنابه». وإذا كان المثل الشعبي يؤكد أن زوج الأم يتحول إلى «عم»، فإن الأم نفسها في صدد الخضوع لتغيرات جذرية.
انفلات إعلامي
فتح مجلس الشعب نيرانه على الفضائيات في خطوة تزامنت والانفلات التلفزيوني الذي يجعل عملية الدفاع عنه أمراً عسيراً حتى بين صفوف المنادين بحرية الإعلام والتعبير. قناة «الفراعين»، مثلاً، نجح صاحبها والمذيع الرئيس فيها توفيق عكاشة في أن يكون مادة خصبة للسخرية بسبب محتوى القناة العجيب، وما يردده في برنامجه من اتهامات بالعمالة والخيانة لكل ما هو ثوري، ناهيك عن حديثه عن أمجاده الشخصية ووطنيته الفذة، والتي ترشحه – على حد قوله – لأن يطرح نفسه مرشحاً لرئاسة مصر!
قنوات أخرى بدأت تتعرض لعملية تنقيب وتفتيش، بغية إصدار أحكام ضدها في ضوء ملكيتها، وهو ما يعني إقامة ما يشبه المحاكم الشعبية لهذه القنوات وأصحابها. لجنة الثقافة والإعلام في مجلس الشعب طالبت هيئة الاستثمار بإجراء حصر شامل لأسماء أصحاب القنوات الفضائية الخاصة، وذلك بهدف تحديد المنتمين الى النظام السابق، وهو ما يعني مشاركتهم في إفساد الحياة السياسية. وعلى رغم عدم خضوع أي من رموز النظام السابق للمحاكمة أو التحقيق معه بتهم تتعلق بإفساد الحياة السياسية على مدى ثلاثة عقود، إلا أن البرلمان بغالبيته المتمثلة في حزبي «الحرية والعدالة» و «النور» سمح لنفسه بذلك.
وإذا كان أعضاء في البرلمان يؤمنون بحقهم في محاسبة القنوات الفضائية بناء على ملكيتها، فإن آخرين قرروا أن يخصصوا جل وقتهم وجهدهم البرلماني في هذه المرحلة الحساسة لسنّ قانون لتجريم المشاهد الإباحية في كل وسائل الإعلام. رئيس اللجنة الدينية في البرلمان الشيخ سيد عسكر قال إن مصر يجرى تخريبها على مدى 60 عاماً، وأنه آن الأوان للإصلاح. ويمر هذا الإصلاح عبر بوابة تجريم أي وسيلة إعلامية تعرض اي مشاهد من شأنها أن تخدش الحياء.
وعلى رغم أن بعضهم يشعر بأن حياءه قد خدش كلما شاهد نواباً من مجلس الشعب وهم ينخرطون في موجات من الخطابة الجوفاء في وقت تهفو فيه ملايين المصريين إلى مشاركة فعلية وسريعة من جانب البرلمان تنتشلهم من دائرة المشكلات الكارثية التي كادت تغرقهم، غير أن المؤشرات كلها تؤكد الاتجاه بخطى ثابتة نحو محاصرة الفضائيات وتطويقها تحت شعار الفضيلة والأدب والأخلاق ومنع إثارة الفتن.
والغريب أن مجلس الشعب لم يفتح من قريب أو بعيد ملف القنوات الدينية الغارقة حتى أذنيها في إثارة الفتن الطائفية، وهو ما يطرح الكثير من التساؤلات والمخاوف تجاه مستقبل حرية الإعلام في مصر بعد الثورة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.