أمير الرياض يستقبل السفير فوق العادة لجمهورية فيتنام    محمد بن عبدالعزيز يرعى حفل افتتاح ملتقى جامعة جازان ل"أبحاث السرطان 2025"    سلمان بن سلطان يستقبل وزير الشؤون الإسلامية    مستشفى صبيا العام ينقذ حياة ثلاثيني من كيس مائي كبير الحجم في البطن    رخصة السكن الجماعي شرط إلزامي عبر «بلدي»    المرور: استخدام الهاتف أثناء القيادة من أبرز مسببات الحوادث المرورية    السعودية تدين بأشد العبارات لعمليات توغل قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة    "إثراء" يتصدّر المشهد الثقافي بحصوله على جائزة الملك عبد العزيز للتواصل الحضاري    رئيس الوزراء في جمهورية باكستان الإسلامية يصل للرياض وفي مقدمة مستقبليه نائب أمير المنطقة    بيئة جازان تعالج 25 بئرًا مهجوراً ومكشوفًا    مكتب الوزارة بصبيا ينفذ مبادرة تشجير بمساجد محافظة ضمد    لا تخاطر..بادر بالتحول الاستباقي إلى أجهزة Windows 11 Pro الجديدة مع اقتراب نهاية دعم Windows 10    الموافقة على آلية التعامل مع حالات العنف والإيذاء والإهمال في المنشآت الصحية    استقرار أسعار النفط مع ترقب قرار المركزي الأمريكي بشأن أسعار الفائدة    بنك الجزيرة يوقع اتفاقيات تعاون لتطوير خدماته المصرفية وتعزيز خدماته الرقمية    مدير تقني مكة وعميد تقنية الطائف يكرمان عسيري وسليم نظير جهودهما    وزير الشؤون الإسلامية يبدأ زيارة تفقدية لقطاعات الوزارة وتدشين مشروعات جديدة بالمدينة المنورة    الأمين العام لمجلس التعاون يرحب بإعلان سوريا الوصول إلى خارطة الطريق لحل الأزمة في محافظة السويداء    قطر تدين بأشد العبارات العملية البرية الواسعة التي بدأها الاحتلال الإسرائيلي للسيطرة على غزة    إطلاق اسم الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز على طريق المطار في المدينة المنورة    ضبط مواطنًا مخالفًا للائحة الأمن والسلامة في ضباء    وزير الاقتصاد والتخطيط يلتقي الرئيس التنفيذي للجمعية الدولية لمنتجي النفط والغاز    أمانة تبوك تضبط منزلًا لتخزين لحوم مجهولة المصدر    بريطانيا تدين الهجوم الإسرائيلي على غزة    المياه الوطنية وصندوق الشهداء يوقعان اتفاقية تعاون    الإنجازات الأمنية على طاولة نائب أمير الرياض    موجز    في ختام الجولة الأولى بنخبة آسيا.. الهلال يقلب الطاولة على الدحيل القطري    أدان بأشد العبارات اعتداءات سلطة الاحتلال بالمنطقة.. مجلس الوزراء: نتضامن مع قطر وندعمها لحماية أمنها وسيادتها    نزاع على تصميم ينتهي ب«التعويض والسحب»    مجلس الوزراء يوافق على وثيقة مشروع تخصيص مصنع الملابس والتجهيزات العسكرية    وفاة 5 أشخاص وإصابة 2 آخرين إثر حادث انقلاب مركبة في جازان    في بداية مشواره بدوري أبطال آسيا الثاني.. النصر يستضيف الاستقلال الطاجيكي    أولويات آسيوية تمنح الأهلي سجلاً تاريخياً من ذهب    «فبراير الأسود» يعيد القصبي للدراما    سفاسف (الظهور)..!    «العرضة» على شاشة الثقافية اليوم الأربعاء    «أليانتس أرينا» يعيد التاريخ بين بايرن والبلوز    بناء صورة جديدة للمملكة    وجهة نظر في فلاتر التواصل    خطبة الجمعة المقبلة.. وحدة الصف ونعمة الأمن والرخاء ورغد العيش    قطر: نتنياهو لن يفلت من تبعات خرق القانون    بعد خمس سنوات من الكارثة.. توقيف مالك سفينة مرتبطة بانفجار مرفأ بيروت    قطرات عين ثورية بديلة عن النظارات    ماكل هرج نسمعه نستمع له ولا كل من وصِي على الطيب طابي    Guinness توثق أكبر طبق جولوف    يوم النخيل العربي    انتظر في حسرتي لين الغياب    اللصقات الهرمونية أنسب لمرضى السكري    وجبة دهون واحدة تضعف الذاكرة    الهلال يتغلب على الدحيل بثنائية في النخبة الآسيوية    الهلال يبدأ مشواره في دوري أبطال أسيا للنخبة بالفوز على الدحيل    خطى ثابتة لمستقبل واعد    محافظ الأحساء يكرّم مواطنًا تبرع بكليته لأخيه    الإسراف وإنفاق ما لا نملك    إطلاق مبادرة تصحيح أوضاع الصقور بالسعودية    المواطن أولا رؤية وطن تتجدد حتى 2030    نائب أمير تبوك يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل حركة «احتلوا وول ستريت» هي «الربيع الأميركي»؟
نشر في الحياة يوم 30 - 10 - 2011

رغم أن حركة «احتلوا وول ستريت»، والتي انتشرت بأشكال مختلفة في مئات المواقع داخل الولايات المتحدة وخارجها، تصرّ على أنها حركة من دون قيادة، فإن طروحاتها قد رست على مجموعة متماسكة من الشعارات تستهدف بجملتها الشريحة العليا من المجتمع والقطاع المصرفي، وتنال التأييد الواسع النطاق، وفق استطلاعات الرأي العام. غير أن ثمة أسئلة جوهرية حول مدى فعالية هذه الحركة وتأثيرها على المدى البعيد.
السؤال الأول يتعلق بالطبيعة العفوية للحركة، وهو ما يصرّ عليه العديد من المشتركين فيها، وبين الحاجة المتكررة إلى أن يرتقي التحرك إلى مستوى تحديد المطالب، أي الانتقال من الصخب المهرجاني الذي يلازم الحركة منذ نشأتها قبل شهر ونيف إلى العمل السياسي الهادف. ففيما ثمة مجموعة من المشاركين تطالب بتحضير وثيقة لتوضيح الرؤية، فإن العدد الأوسع على ما يبدو يفضل المحافظة على الضبابية، ضمن إطار الشعارات الشعبوية العامة، وذلك للمحافظة على القدرة الاستقطابية المتعددة الاتجاهات إلى أن يصل التحرك إلى مستوى التأثير المطلوب. غير أن ثمة مجموعة أخرى من المشاركين، من التوجهات العقائدية الفوضوية لا تعتبر الامتناع عن تحديد المطالب توجهاً مرحلياً بل تنظر إليه على أنه الأساس الذي لا بد أن يستمر عليه التحرك، باعتبار أن هذا التحديد سوف يشكل قيادة للتحرك ينفي عنه ثيمة الديموقراطية المباشرة التي يعتز بها هؤلاء المشاركين.
السؤال الثاني هو حول التجانس بين مقومات الحركة في ما يتعدى الأسلوب. فرغم الالتقاء على شعار احتلال الحي المصرفي (وهو طبعاً احتلال رمزي، ذلك أن تواجد المتظاهرين يقتصر على متنزه خاص قريب من هذا الحي)، فإن المصالح الموضوعية التي تجمع المتظاهرين تتباين طبقياً وجيلياً وعرقياً ومناطقياً. فالجميع مستاء من التردي الاقتصادي في الولايات المتحدة، والجميع يكاد أن يلتقي على أن المسؤولية تقع على الأثرياء والمصارف، إلى أن الحاجات تتباين، بل تتضارب، بين طالب يتمنى الدعم لقطاع التعليم العالي، ومتخرج يريد الإعفاء من القروض الدراسية، ومسرّح من العمل يطالب بتأمين الوظيفة، ومتقاعد يرفض المساس بالمخصصات التي منحها له الضمان الاجتماعي. فالقاسم المشترك بين معظم المشاركين هو السعي إلى إعادة توزيع الثروة، غير أن وجوه هذا التوزيع تختلف، وإن كان ما يترتب عن هذا الاختلاف مؤجل بفعل قرار الامتناع الموقت عن تحديد المطالب.
السؤال الثالث هو حول عمق التأييد لهذه الحركة، والذي يبدو اليوم واسع النطاق. فالمواطن الأميركي المستاء عموماً من تردي الأوضاع الاقتصادية يبدي وفق استطلاعات الرأي الترحيب بهذا التحرك الناشط تحت شعار تقويض سلطة المصارف. ولكن، هل يتجاوز هذا التأييد الموقف البياني؟ فالاستطلاعات عينها تكشف أن عموم المواطنين لا يعلمون ما هو الهدف من التحرك، فتأييدهم له عند السؤال قد يكون أقرب للتنفيس منه للدعم الفعلي.
السؤال الرابع هو حول تحصين الحركة نفسها من الانجرار إلى الهامش الثقافي. فمن الصعب على حركة لامركزية ك «احتلوا وول ستريت» ضبط الكلام المتفاوت الصادر عن بعض المشاركين (ومنه مثلاً الجنوح إلى أقوال تنميطية معادية لليهود)، إلى أن المتحدثين المختلفين باسم الحركة يثابرون على تصوير ما لا يروق لهم على أنه مؤامرة. فالتأخير في التغطية الإعلامية، رغم أن الحركة في أيامها الأولى كانت ضئيلة، واعتراض الأهالي قرب المتنزه على الضوضاء والتلويث، رغم التجاوزات المتكررة للمتظاهرين، والصدام مع الشرطة في بعض الأماكن، رغم ارتباطها بمخالفات وأعمال استفزازية، كلها مؤامرات لتكميم التحرك، نتيجة التداخل المزعوم بين السلطة والمال. فهذه الاتهامات تطرح جزافاً، دون دليل أو برهان، فيخرج معها التحرك من المتوافق عليه ليندرج أو يكاد في إطار أدبيات الهامش.
السؤال الخامس هو حول مدى انسجام التوقعات مع الإمكانيات، فالتحرك قد حظي بتأييد كلامي على مستويات عالية، ولا سيما في الخارج (من ميخائيل غورباتشوف إلى ليش واليسا، مروراً بعلي خامنئي). والعديد من أقوال التأييد هذه تضع التحرك في سياق تحول تاريخي مفصلي، وتربطه إما بانكشاف مفترض للتناقض البنيوي في النظام الرأسمالي أو بالتراجع المحتوم وفق القائل لنفوذ الولايات المتحدة. والواقع أن تصريحات التأييد هذه تبدو مبالغاً بها أو مبكرة جداً عند مقارنتها بالواقع المتواضع لما يحققه التحرك.
السؤال السادس هو حول إمكانية تجيير الحزب الديموقراطي هذا التحرك لمصلحته. فالبعض يأمل بأن يشكل التحرك نواة تيار مشابه لظاهرة «حفلة الشاي» الشعبوية التعبوية والتي حققت زخماً تعبوياً للحزب الجمهوري على أساس شعار الحد من امتداد الدولة والضرائب، والبعض يخشى من أن تكون النتيجة مشابهة لما تعرض له الحزب الجمهوري من تكبيل وانفصام نتيجة نشاط التجمعات المنضوية تحت لواء «حفلة الشاي».
السؤال السابع هو حول التماهي بين هذه الحركة والتحولات في العالم العربي. فالبعض يرى فيها جميعاً إرهاصات تحول عالمي في التعامل مع السلطة، إن لم يكن بداية ثورة عالمية. وبالفعل، من حيث الأدوات التنظيمية المستعملة والاعتماد على الشبكة المعلوماتية، ومن حيث الاستفادة من الانتشار الواسع والفوري للتغطية الإعلامية، فإنه ثمة أوجه شبه. غير أنه لا مبرر موضوعياً للانتقال من هذه الأوجه العرضية إلى افتراض تماثل لا أساس له.
فإمكانية تفعيل «احتلوا وول ستريت» كي تبقى عنصراً ضاغطاً على القرار السياسي الأميركي أمر ممكن، وإن لم تكن نتيجته محسومة بين كسب التعبئة للحزب الديموقراطي وبين تحميل هذا العبء عبء مواقف متباينة قد تستنزف قاعدته. أما ما عدا ذلك فهو قائم على التحليل والتكهن، لا على المعطيات الفعلية. فالأفق العملي لحركة «احتلوا وول ستريت» ليس الإطاحة بالنظام الرأسمالي ولا الكشف عن التآكل الداخلي للولايات المتحدة، بل هو أن تصبح هذه الحركة المقابل الديموقراطي لحركة «حفلة الشاي»، مع ما يتولد عن ذلك من إيجابيات وسلبيات على حد سواء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.