ولد أول مشروع لتطوير عين احيائية الكترونية قبل ثلاثين عاماً في الولاياتالمتحدة، على أمل ان يصبح الحل الذي يعيد لفاقدي البصر شيئاً من نظرهم. غير ان أول عملية زراعة لهذه العين لم تتم إلا قبل حوالى سنة في معهد سان دييغو للعيون على متطوع، حيث قام الأطباء بحقن الإشارات الالكترونية بواسطة 16 الكتروداً لنقل القليل القليل من المعلومات البصرية صوب النورونات العقدية التي تشكل محاورها العصب البصري. بمعنى آخر يحتوي المزدرع العيني على بكرة مستقبلة تلتقط بواسطة الاستقراء الإشارات التي يبثها جهاز من الخارج يقع وراء الأذن. غير ان هذا الجهاز يمكن دمجه في النظارات على المدى المتوسط اذ يتصل بكاميرا دقيقة، وعلى المدى الأبعد يمكن وصله بكابل على ان يكتمل هذا الجهاز بعلبة الكترونية يتم تعليقها على الحزام وتحتوي على بطارية. وهناك طرق اخرى تم تجريبها على المتطوعين من فاقدي البصر ليس بهدف استعادة النظر وانما لتمكينهم من تمييز بعض الأشياء المحيطة بهم بواسطة تكبيرها عشرات المرات بحيث يتنبه الشخص الى وجود عائق مثلاً أو يتوصل الى فك بعض الكلمات المكتوبة بخط كبير. اما الطبيب الاميركي دوبيل الذي قام في العام 1974 بتركيب شبكة دائمة من الالكترودات على سطح القشرة الدماغية لمريضين فقد كرر العملية نفسها على متطوعين آخرين في العام 1978 وكلهم قادرون الآن على رؤية ومضات من النور على نحو غير نظامي ومتقطع من حيث التوزيع. وها هو دويل مستمر في هذا الاتجاه حيث عرض اخيراً أحدث نموذج طوره وجربه على متطوع كندي اذ ركب على سطح القشرة الدماغية في المنطقة المخصصة للبعد شبكة من الالكترودات، لم يفصح عن عددها، وربطها عبر كابل يخترق الجمجمة بجهاز كومبيوتر معلق على الحزام متصل هو نفسه بآلة تصوير صغيرة جداً مدمجة في النظارات واستطاع المتطوع التمييز بين الحواجز والعوائق وتشغيل سيارته في مرآب البناية، لكنه تعرض أيضاً لنوبة من الصرع لأن دغدغة القشرة الدماغية بالتيار الالكتروني لا تخلو من الاخطار. لقد عملت شركة Optobionics الاميركية على مشروع آخر يقضي بضخ اشارات ضوئية في الشبكية تتحول الى دفعات عصبية وتتناسب هذه التقنية مع فقدان البصر الناتج عن تخدش مركز استقبال الصورة في العين من دون المساس ببقية الوظائف البصرية، وتقوم تقنية الشبكية الصناعية على تركيب برغوث الكتروني على سطح الشبكية الخارجي حيث يوجد مستقبل الصورة وهو المستوى الذي تتشكل فيه الصورة التي تتلقاها العين، وهنا تستطيع الشبكية الاصطناعية ان تلتقط الصورة مباشرة بواسطة المستقبل الالكتروني لتقوم بضخ الاشارات الكهربائية في الطبقات الخليوية المجاورة. وتم تجريب هذه الطريقة خلال العام الماضي على ستة متطوعين. ويؤكد صاحب هذا الاختراع ان الجهاز هو عبارة عن برغوت الكتروني لا يتجاوز قطره 2 مليمتر، ولا يحتاج الى التزود بالطاقة من الخارج لأنه يولد الطاقة التي يحتاجها ذاتياً بواسطة الصمام الثنائي للتصوير الذي يحول الضوء الوارد الى تيار كهربائي خفيف يتوجه صوب الشبكية بفضل الالكترود. وفي المانيا يشرف البروفسور ابرهارت من جامعة تويغن على مشروع لتطوير شبكية اصطناعية على ان تستمد الطاقة اللازمة لتشغيلها من التحريض المغناطيسي. وهناك مشاريع مماثلة في سويسرا واليابان وكندا يصل اجماليها الى اكثر من 12 مشروعاً مما يدفع الى الاعتقاد بأن اعادة بصيص من الرؤية الى فاقدي البصر كلياً أو جزئياً بات ممكناً بفضل تطور التكنولوجيا الالكترونية