وفاة الوليد بن خالد بن طلال بعد معاناة مع المرض    الديوان الملكي: وفاة الأمير الوليد بن خالد بن طلال بن عبدالعزيز    وفاة الأمير الوليد بن خالد بن طلال بعد غيبوبة استمرت 20 عاما    الذئاب يستعيد مدربه    بدء القبول في المعاهد الصناعية والدبلوم المسائي بالرياض    ترمب يقاضي مردوخ ويطالبه ب 10 مليارات دولار    رغم إعلان وقف إطلاق النار.. خروقات في السويداء وعدد القتلى يرتفع إلى 940    السعودية تُرحب بالتوقيع على إعلان مبادئ بين الكونغو وتحالف نهر الكونغو    جمعية نجوم السياحة بمنطقة جازان تشارك في فعالية "ثقف" بنسختها الثالثة    برشلونة يتعاقد مع ماركوس راشفورد بنظام الإعارة    تين هاغ غير منزعج رغم خسارة ليفركوزن بخماسية وديا    تير شتيغن سيخضع لجراحة في الظهر مما يهدد مصيره مع برشلونة    روسيا: أوكرانيا خسرت أكثر من 1195 جنديا خلال يوم واحد    القبض على 12 إثيوبيا في جازان لتهريبهم 320 كجم «قات»    أمير منطقة جازان يفتتح مبنى فرع وزارة "الموارد البشرية"    حسام حبيب: السعودية أصبحت مركزا فنيا عالميا    514 مليار ريال الصادرات غير النفطية السعودية في 2024    مركز الملك سلمان للإغاثة يوزّع مساعدات غذائية وإيوائية للنازحين من محافظة السويداء إلى محافظة درعا    مجلس الجمعيات الأهلية بجازان ينفذ لقاء التواصل الثالث مع ممثلي الجمعيات بالمنطقة    الأونروا: لدينا غذاء يكفي غزة لثلاثة أشهر لكنه عالق بسبب إغلاق إسرائيل المعابر    المملكة تحصد 7 جوائز دولية في الرياضيات والمعلوماتية    صدور قرار تقاعد مدير مكتب التعليم بطريب والعرين الأستاذ حسين آل عادي    الداخلية : ضبط (23167) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    حرائق الغابات تلتهم 6 ملايين هكتار في كندا حتى الآن    رياح نشطة وأتربة مثارة في عدة مناطق    الاتحاد يضم الغامدي حتى 2023    بوصلة إيزاك تتحول من ليفربول إلى الهلال    الفريق الفتحاوي يواصل تدريباته بحضور رئيس النادي    الأسهم الأمريكية تغلق على تباين    تراجع أسعار النفط    إدارة "النصر"تعيّن البرتغالي"خوسيه سيميدو"رئسياً تنفيذياً    أمير الشرقية يدشّن المخطط العام لمطار الملك فهد الدولي... الأحد    "وِرث" و"السودة للتطوير" تطلقان برنامجًا تدريبيًّا لفن القط العسيري    1.9 مليون مصلٍ بالروضة الشريفة وأكثر من 3.4 مليون زائر للنبي صلى الله عليه وسلم    المعيقلي: «لا حول ولا قوة إلا بالله» كنز من كنوز الجنة    حسين آل الشيخ: النميمة تفسد الإخاء وتورث العداوة    أبعاد الاستشراق المختص بالإسلاميات هامشية مزدوجة    إنقاذ مريضة تسعينية بتقنية متقدمة في مركز صحة القلب بمدينة الملك سعود الطبية    جراحة تنهي معاناة مريضة من آلام مزمنة في الوجه والبلع استمرت لسنوات ب"سعود الطبية"    تجمع مكة الصحي يفعّل خدمة فحص ما قبل الزواج بمركز صحي العوالي    معادلة عكسية في زيارة الفعاليات بين الإناث والذكور    اختتام أعمال الإجتماع الأول للجان الفرعية ببرنامج الجبيل مدينة صحية    خارطة لزيادة الاهتمام بالكاريكاتير    جامعة الإمام عبد الرحمن تختتم فعاليات برنامج موهبة الإثرائي الأكاديمي    (إثراء) يعلن عن فوز 4 فرق في المنافسة الوطنية لسباق STEM السعودية    برنامج تطوير الثروة الحيوانية والسمكية يعلن توطين تقنية «فيچ قارد»    المملكة تعزي العراق قيادة وحكومة وشعبًا في ضحايا «حريق الكوت»    أمير منطقة جازان يستقبل وكيل الإمارة والوكلاء المساعدين الجدد    الأولى عالميا.. التخصصي يزرع جهاز دعم بطيني مزدوج بمساعدة الروبوت    ضبط 275 كجم مخدرات والإطاحة ب11 مروجاً    20 قتيلاً.. وتصعيد إنساني خطير في غزة.. مجزرة إسرائيلية في خان يونس    إسرائيل تكثّف ضرباتها على سوريا رغم تعهدات التهدئة.. اشتباكات دامية في السويداء والجيش يفرض السيطرة    وزارة الحج والعمرة تكرم عمر بالبيد    المفتي يستعرض أعمال "الإفتاء" ومشاريع "ترابط"    نيابة عن أمير عسير محافظ طريب يكرم (38) متفوقًا ومتفوقة بالدورة (14) في محافظة طريب    أمير تبوك يطمئن على صحة الشيخ عون أبو طقيقه    عزت رئيس نيجيريا في وفاة الرئيس السابق محمد بخاري.. القيادة تهنئ رئيس فرنسا بذكرى اليوم الوطني لبلاده    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الشثري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني يتذكر . جورج حاوي : أبو جهاد كان وراء جيش أحمد الخطيب وأبو حسن وراء انقلاب عزيز الأحدب 5 - قسم ثاني
نشر في الحياة يوم 17 - 06 - 1996


ليبيا ... سلاح وأموال
التقيتم الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي مرات عدة. كيف كانت العلاقة مع ليبيا وما هو حجم الدعم الذي قدمته؟
- ليبيا كانت الأكثر سخاء في مساعدة الثورة الفلسطينية والحركة الوطنية، كانت المساعدة في البداية تنصب كلها على منظمة التحرير والقوى الفلسطينية الحليفة، واعتقد ان ليبيا صرفت مئات ملايين الدولارات على هذه القضية في لبنان وفلسطين وفي كل بقعة من العالم العربي فيها انتشار فلسطيني، وصرفت أموالاً مباشرة في الداخل، وصرفت ثمن سلاح يكفي لتحرير الشرق الأوسط وليس فلسطين وحدها. ولم تقصِّر في هذا الاطار. وهذا منسجم مع الموقف القومي للقذافي الذي يعتقد ان ليبيا هي للقضية الفلسطينية والصراع في لبنان هو محور القضية المركزي.
طبعاً بقيت هناك مظاهر خشية أو حذر من الشيوعيين، وجرت محاولات لاستبعاد الشيوعيين واعطاء المساعدة لاطراف اخرى. وكانت في البداية محاولات اشتراط تقليل دور الشيوعيين في الحركة الوطنية في مقابل اعطاء مساعدة لكمال جنبلاط الذي رفض اي مساعدة مشروطة وكان يعتبر ان العرب الذين يساعدون يقومون بالحد الادنى من الواجب. ومن غريب الصدف انه يوم استشهاد كمال جنبلاط اخترق الرصاص الشيك الذي كان يحمله لاعادته الى الليبيين بدل قرض سلم اليه في وقت سابق. كان احضر قرضاً من الليبيين للحركة الوطنية عن طريق اصدقاء، وكان يريد رده بشيك.
ضغط بعض اصدقاء ليبيا في لبنان لتحسين مواقعهم في الحركة الوطنية عن طريق المساعدات. أنا طرحت اكثر من مرة في اجتماعات المكتب السياسي ان هناك اشاعات ان ليبيا تساعد. هل أحد منكم يقبض من ليبيا؟ لم يجرؤ أحد على الاجابة. وكان هذا ادانة لبعض الذين يقبضون لجيوبهم لا للعمل الوطني. قلت لهم: "فلتدفع لي ليبيا وأنا أعلن ذلك، فأنا لا استحي لاني أقوم بعمل وطني، ومن يقبض سراً لمصالحه الخاصة هو من يجب ان يخجل".
بعض اجتهادات ممثلي ليبيا في لبنان كانت مثلا الدفع ل "جيش لبنان العربي" في مواجهة "الجيش الشعبي" الذي كنا نواته مع كمال جنبلاط. وهنا قضية أحمد الخطيب ومسلسل أحمد الخطيب وتنافس المرحوم أبو جهاد من "فتح" مع ممثلي ليبيا في الدفع لأحمد الخطيب وقد اعتبروا ان هذه الورقة رابحة في وجه ورقة كمال جنبلاط الصعبة والمشاكسة.
من كان وراء ظاهرة احمد الخطيب؟ أبو جهاد؟
- أبو جهاد طبعاً، ولكن في مرحلة من المراحل خرج من اطار أبو جهاد الى الرحاب العربية الكبرى. الخطيب كان حالة موجودة في الجيش استغلها "أبو جهاد".
ومن كان وراء اللواء عزيز الاحدب وانقلابه في 11 آذار 1976؟
- أبو حسن سلامة رحمه الله، حضر الى مقر المقاومة وقال "افتحوا التلفزيون يا شباب ستسمعون شيئاً". ففوجئنا بالاحدب يعلن انقلاباً. كان معنا علي المدني ممثلا للقيادة السورية التي كانت بدأت نشر مراقبين في بعض المناطق. فقال المدني الذي شعر بتطور خطير: "ما هذه المهزلة؟" فأجبته: "هذه من مهازل أبو عمار وأبو حسن... تفضل". وكان أبو حسن يضحك. اختلى المدني بي وطلب مني ان اتصل بالشباب في عينطورة لاخبار المراقبين بالانسحاب حتى لا يغدر بهم. اوصلنا الخبر. ولكن انقلاب الاحدب - المهزلة كان ذريعة لفرط الجيش اللبناني.
شرذمة الجيش
من كان وراء قرار فرط الجيش وما هي نسبة مساهمتكم؟
- مساهمتنا في فرط الجيش كبيرة ولكن ليست اساسية، لان الذي فرط الجيش هو سياسة الجيش الماضية، وغباء قيادة الجيش الماضية وغباء السلطة السياسية، ثم الحالة الطائفية للجيش التي كانت مستورة ببرقع شفاف من الوطنية والشعارات التي كانت المؤسسة تعبأ بها. ثم القوى على الأرض التي حركت وجندت امثال احمد الخطيب.
ملف الجيش اللبناني هل كان عند "أبو جهاد" فلسطينياً؟
- كان عند كل الناس.
كان "جيش لبنان العربي" يتلقى أموالاً مباشرة من ليبيا؟
- ليبيا دفعت لظاهرة "جيش لبنان العربي". وجدته ظاهرة مساندة للمقاومة. ليبيا دفعت للجميع من فاروق المقدم الى ابراهيم قليلات الى أمين الاعور... لم يكن هناك وطني لبناني يقصد ليبيا ويقول لها انه مع الوحدة والعروبة وقضية فلسطين الا وكان يقبض.
هل صنفتم الجيش العربي حالة وطنية أم طائفية؟
- حالة لسحب البساط من تحت اقدام الحركة الوطنية اللبنانية بقيادة كمال جنبلاط وبدور اساسي للشيوعيين فيها.
لكنكم دافعتم عنه بشراسة؟
- دافعنا بشراسة! دعك من بعض الشعارات السياسية في مواجهة خصم. في الحقيقة اخترع هذا "الجيش العربي" ليمنع التحاق كل القوى ب "الجيش الشعبي" الذي اطلقت عليه أنا التسمية وتبناها كمال جنبلاط.
وكيف حلت بينكم وبين ليبيا؟
- ذهبنا لاحقاً بوفود الى ليبيا وحصلت تطورات سياسية. الاخوان في ليبيا يرفضون ان يعاملوا على اساس أمين صندوق. ويربطون المساعدة بأمرين: حوار فكري يطرحون من خلاله وجهة نظرهم في النظرية العالمية الثالثة وفكر القذافي. وثانياً اتفاق سياسي على الأهداف القومية. خضنا هذه الحوارات وتفاعلنا معها، وتأثرنا واثرنا وابدينا وجهات نظر واستوضحنا وأفدنا واستفدنا.
كيف كانت لقاءات كمال جنبلاط مع القذافي؟
- جيدة وحميمية واحترام لكمال جنبلاط ودوره وتقدير من جنبلاط لدور معمر القذافي العربي يصل الى مستوى تقدير عبدالناصر الذي رأى في القذافي ضميراً وامكانات.
لنعد الى علاقتنا. كان الحوار يتضمن جانباً فكرياً، وسياسياً وتعبوياً، وعندما أصر كمال جنبلاط على مواقعه المستقلة في الحركة الوطنية وبالتالي تحالفاته، واثبت الشيوعيون ان لا مجال للانتقاص من دورهم لانه غير مفتعل بل هو اقل من وزنهم الحقيقي، احتدم الصراع وتفاقم، واتخذ في ليبيا قرار على صعيد قيادي ولم يترك الامر للمسؤولين الصغار، بمساعدة كل الحركة الوطنية، وانتظمت المساعدة رسمياً وأعلنت ذلك في خطب عدة خلافاً لاشكال الدفع السابقة من تحت الطاولة لبعض الاطراف. ومن جهتنا كحزب تلقينا مساعدات مالية مباشرة من ليبيا، مرة مليون دولار واخرى نصف مليون دولار، لكنها لم تكن على غرار المساعدات العراقية المنتظمة شهرياً. كانت تصلنا دفعات من ليبيا، وكذلك تلقينا منها 13 دبابة "تي - 62" تقاسمناها نحن ومنظمة العمل الشيوعي، ومدفعية ثقيلة... وكل هذا السلاح كان ينقل عن طريق سورية وعندما حصل خلاف مع سورية كان السلاح يصل مباشرة الى لبنان. ثم عاد ليصلنا عن طريق سورية عندما تحسنت العلاقات. وبالتالي يمكن القول ان الخلل ليس في ليبيا بل في عدم الاستغلال العقلاني الفلسطيني واللبناني الوطني للمساعدات الليبية، والخلل في ان البعض في المقاومة كان يصور لليبيين امكان القيام بعمليات دونكيشوتية تتطلب اسلحة نوعية والقيادة الليبية من موقع ثوري، ومن موقع ساذج احياناً تقتنع وتجرب.
هل صحيح ان القذافي كان يدعو الموارنة الى الاسلمة؟
- بعض الخطب كانت تقول ذلك ولكن هذه ليست الحقيقة، بالعكس، فالقذافي لم يقطع مرة مع الموارنة وعلاقته مع أمين الجميل كانت معروفة، ثم تذكرون انه عندما احتدم صراع حركة "أمل" ضد القذافي انتقلت السفارة الليبية الى المنطقة الشرقية واصبح فندق البستان في بيت مري مقر اقامة الليبيين.
كانت هناك علاقة مع بشير الجميل؟
- لم يكن احد يستطيع ان يتحرك في طول المنطقة الشرقية وعرضها من دون اذن بشير. هذا لا يمنع ان ذلك الواقع الاضطراري كانت تمليه ظروف الصراع مع حركة "أمل" نتيجة غياب الامام السيد موسى الصدر.
الخلل ليس في المساعدات العربية، سواء كانت عراقية أو ليبية. الخلل ان القيادة الوطنية اللبنانية والفلسطينية لم تحسن استخدام المساعدات استخداماً حقيقياً في مصلحة الثورتين الفلسطينية واللبنانية.
من موّل الحرب في لبنان في رأيك؟
- طبعاً لا اذيع سراً ان كل اطراف الصراع الاقليمية والدولية موّلت الحرب في لبنان. كانت الأموال تأتي للفلسطينيين من كل العرب، وعبر الفلسطينيين لنا، ثم من بعض العرب لنا بشكل مباشر. وكانت الأموال تأتي للجبهة اللبنانية من الكثير من الاوساط الغربية والاسرائيلية ومن بعض الاوساط العربية سراً، ثم ايضاً هناك قوى لبنانية موّلت، ومن المعروف ان ... قدم مساعدات الى الجانبين، ربما بقصد التأثير على قرار انهاء القتال ولكن هذا لم يمنع انه كان سخياً مع الطرفين. كان يدفع ل "القوات اللبنانية" وللحزب الاشتراكي.
هل تستطيع الجزم بأن الحزب الشيوعي اللبناني لم يقم علاقات مع مجموعات متهمة بأنها "ارهابية" مثل كارلوس و"بادر ماينهوف"، و"الجيش الأحمر الياباني"
- اطلاقاً.
وفي عدن ألم تكن لكم علاقة بهذه المجموعات؟
- اطلاقاً.
ما الأدوار التي قام بها الحزب الشيوعي خارج لبنان؟ استقبال شيوعيين من دول عربية أخرى؟ ارسال اسلحة الى دول عربية أخرى؟
- ابداً. اطلاقاً.
ألم تشاركوا في زعزعة استقرار اي نظام عربي؟
- سياسياً وفكرياً وعبر صحفنا ومنشوراتنا بلى. لكننا كنا نعتقد ان التعبير بالقوة شأن داخلي يقرره كل حزب شيوعي، حسب ظروفه. حاولت ان اقوم بوساطة بين محمد ابراهيم نُقُد الامين العام للحزب الشيوعي السوداني وجون قرنق الذي لم أعرفه وذلك من خلال منغيستو هايلي مريام. كانت لنُقد تحفظات كبيرة جداً أولها بالنسبة الى موقف قرنق من عروبة السودان ثم بالنسبة الى طبيعة الحركة الجنوبية وثالثاً بالنسبة الى طبيعة العمل المسلح في السودان. وكان يرى ان حركة التغيير في السودان يجب ان تكون ديموقراطية يقودها السودانيون العرب وان الثورة في الجنوب عامل يثبت عجز النظام القائم عن حل المشاكل الاتنية والقومية. وكان يعتبر ان البديل من النظام السوداني حالة تغيير عربية ديموقراطية تضع حلاً ديموقراطياً للجنوب يحفظ وحدة السودان.
متى التقيت نُقُد؟
- التقيته أكثر من مرة. اتى الى بيروت وأقمنا استقبالات والتقيته ايضاً في موسكو وطرابلس.
ما أهمية نُقُد؟
- اهميته هي حزبه، الحزب الشيوعي السوداني. الحزب العريق صاحب الموقف الصحيح من القضية القومية. حين أخطأنا نحن في الموقف من قضية فلسطين كان الحزب الشيوعي السوداني بقيادة عبدالخالق محجوب على صواب وبقي حريصاً على القضية القومية ومحتفظاً بعلاقات مع عبدالناصر ومع الفلسطينيين. والحزب الشيوعي السوداني حزب ديموقراطي يؤمن بالديموقراطية وعايشها. وسألت نقد مرة لماذا هذا السلوك الديموقراطي في وقت يجتاح العنف السودان فقال: ان العنف يولد العنف. وهناك حلقة تبدأ بالعنف تليها الانتفاضة ثم الديموقراطية. تكسر هذه الحلقة من خلال الديموقراطية التي تتبعها الديموقراطية وليس من خلال عنف يتبعه عنف. والحزب الشيوعي السوداني حزب جماهيري له علاقة وثيقة بالمثقفين وهو طويل النفس. ونُقُد مناضل صامت لا يهمه الاعلام والاعلان.
هل عرفت عبدالخالق محجوب؟
- عرفته في لقاءات عامة. ولم اتعرف عليه في شكل معمق.
وأود ان اؤكد انه في اطار العمل العربي لم يكن وارداً ان نتدخل في شأن طريقة التغيير.
لم نقم اي علاقات مع "الجيش السري الأرمني" أو "الجيش الأحمر الياباني" أو التيارات اليسارية الاوروبية. كنا احياناً نلوم اصدقاءنا في "الجبهة الشعبية" وفي "الجبهة الديموقراطية" والمنظمات الفلسطينية بما فيها منظمة فتح وكنا نؤكد لهم ان هذه العلاقات مضرة، لاعتقادنا بأن بوابة الرأي العام الأوروبي الواسعة هي بوابة الديموقراطية.
بمن من الشيوعيين العرب الآخرين ارتبطت بعلاقة؟
- الطيب التجاني من السودان. أما علاقتنا مع الحزب الشيوعي السوري فكانت معقدة. علاقة وحدة وصراع. تناقض ومصلحة واحدة، خصوصاً في ظل قائد تاريخي هو خالد بكداش الذي ملأ الدنيا وشغل الناس لفترة طويلة. ولكننا اعتبرنا انه ارتكب أخطاء لم نستطع ان نصلحها في وجود الحزب الموحد. فأصلحنا بالانفصال بين الحزب الشيوعي اللبناني والحزب الشيوعي السوري. طبعاً لم يرق ذلك لبكداش وناصبنا العداء وناصبناه النقد السياسي البناء مع الاحترام والتقدير. هو قائد كبير. والقائد الكبير يرتكب اخطاء كبيرة لا تقلل من احترامه.
من الشيوعيين العراقيين من عرفت؟
- لم أعرف الفوج الأول الذي استشهد لا فهد ولا سلام عادل. العراقيون يتمتعون بالصلابة والامانة والاخلاص لقضيتهم لكني على خلاف معهم في كثير من القضايا التي تتعلق بالجمود والموقف من القضية العربية والموقف من الاممية التي كانت هناك معركة بشأنها. لذلك ليس من قبيل الصدفة اتهام الحزب الشيوعي اللبناني وأنا خصوصاً بأننا قوميون شوفينيون معادون للاتحاد السوفياتي. الاكثر وعياً كانوا يعتبروننا كالولد المشاكس. ولكن هذه كانت مميزاتنا. واعتقد انني كنت ولا أزال أممياً أكثر منهم. لكن مفهومي للأممية هو مدى مساهمتي كحزب وشعب في النهر الأممي الكبير وليس في تحولي الى مستنقع آسن تتجمع فيه مياه الاممية.
وفي مصر؟
- في مصر ربطتني علاقة احترام شديد بمحمود أمين العالم. وأذكر انه جاءنا مرة الى بيروت موفداً من التنظيم الموحد يحاورنا في مرحلة الصراع بيننا وبين عبدالناصر في بداية الستينات. جاء ليحاورنا في شأن العمل المشترك. وقد وقع ذلك موقعاً ايجابياً عندنا لاننا كنا في الحزب في تلك المرحلة بدأنا كتيار شباب خطاً متعارضاً مع خط القيادة الرسمية آنذاك متمثلة بخالد بكداش في ما يتعلق بالموقف من عبدالناصر والوحدة وقضية فلسطين. وانتهجنا خطاً نقيضاً تجلى في أمور عدة، ليس في وقف الحملة على عبدالناصر والناصريين فقط بل ايضاً في تشكيل جبهة التحرير العمالي في لبنان التي ضمت الشيوعيين والحزب التقدمي الاشتراكي والناصريين في النقابات، ثم بتشكيل اتحاد الطلاب الجامعيين وبكسرنا علاقة سابقة نشأت في مرحلة الخلاف مع عبدالناصر سمحت بقيام جبهة ادت الى انتخاب الاستاذ نبيه بري رئيساً لاتحاد الطلاب الجامعيين باقتراح ودعم منا. وكان بري في ذلك الوقت ممثلاً لطلاب كلية الحقوق في الجامعة اللبنانية. كان بري في حزب البعث وكان معه محمد صعب الذي كان ناصرياً. وكان معنا عبدالرزاق دوغان وخليل شهاب من الجامعة العربية. فشكلنا سوية جبهة وترشحنا ضد الكتائب والتيار الشمعوني ونجحنا في تركيبة من أربعة عناصر. الناصريون في الجامعة العربية وبعض الجامعة اللبنانية. الشيوعيون في الجامعة اللبنانية وفي اليسوعية بمجموعة من المسيحيين المستقلين متمثلين بنصري لحود شقيق قائد الجيش وفؤاد عون سفيرنا الحالي في هلسنكي ومحام من آل مزهر كان أميناً عاماً لاتحاد الطلاب الجامعيين اضافة طبعاً الى نبيه بري. هذه التركيبة الرباعية ربحت واستمرت فترة طويلة. كان انتخابنا لنبيه بري انعطافاً في الحزب الشيوعي برز فيه تيار شباب اصطدم بمعارضة القيادة في ذلك الوقت لكن سرعان ما حسم هذا التيار خلال سنة أو اثنتين المسألة لمصلحته.
في ذاك الوقت جاءنا محمود أمين العالم وكان نقولا الشاوي رئيساً للحزب ومعه الرفيق حسن قريطم الذي اختلف مع الحزب في وقت لاحق ثم سوى الخلاف. حصل اللقاء في موسكو. خضنا أنا والرفيق كريم مروة نقاشاً طويلاً مع محمود أمين العالم. فهو كان يبرر لنا حل الحزب الشيوعي المصري وانضمامه الى الاتحاد الاشتراكي، ويطرح صيغة شبيهة بالنسبة الى وحدة العمل العربي بين القوميين العرب والشيوعيين والناصريين. أخذنا من رسالة عبدالناصر هذه فك الاشتباك أولاً وضرورة وحدة العمل العربي ثانياً.
ابديت تفهمي لحل الحزب الشيوعي المصري نفسه وقلت في ذلك الوقت ان الحزب الشيوعي المصري لم يحل نفسه بالقرار الذي اتخذه بل حل نفسه بتخليه عن دوره التاريخي في عملية التغيير وقيام الثورة خارجه. وقلت لمحمود أمين العالم انه اذا كان هذا الوضع يلائم مصر، وهذا يعود اليكم، فمثله لا يلائم لبنان. ولا يمكن للحزب الشيوعي ان يحل نفسه في لبنان وسورية ويلتحق بالتشكيلات الناصرية التي ليست عبدالناصر. ففي هذه البلدان ينبغي البحث عن صيغة جديدة، عن حالة جديدة، يمكن ان تتبلور فيها وحدة القوى وترتقي الى جبهة وربما الى حالة تنظيمية جديدة.
التقينا محمود أمين العالم لاحقاً وكا ن ينتقد حل الحزب الشيوعي نفسه عن استقلالية الحزب. انه مثقف كبير وأديب كبير.
الحلقة السادسة الاسبوع المقبل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.