قال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الوزير وليد جنبلاط انه كان من الأفضل تسفير الدكتور سمير جعجع، قائد "القوات اللبنانية" المحظورة، بعد اعتقاله، مشيراً الى وجود "لغط" من شأنه ان يبقي تيار جعجع موجوداً. ودعا الحكومة الجديدة التي وصفها بپ"مجموعة مليونيرية" الى اعادة النظر في الأولويات محذراً من انزلاق لبنان نحو انهيار شبيه بما شهدته المكسيك وحمّل "حكم الترويكا" مسؤولية تصاعد المناخات الطائفية والمذهبية. واعتبر في حديث الى "الوسط" ان أفضل طريق للخروج من نظريات العقد النفسية والسياسية والاحباط عند الموارنة والديموقراطية العددية عند غير الموارنة هو الخروج من النظام الطائفي. وقال ان الطائفة الشيعية في حالة نهوض سياسي وثقافي وعلمي منتقداً محاولة اعادتها الى أيام أحمد الأسعد. وهنا نص الحوار: وهنا نص الحوار: تبدو مرتاحاً في الحكومة الجديدة؟ - أكثر من أي وقت مضى نتحمل اليوم كل المسؤولية. كل مسؤولية الاعباء الادارية والاجتماعية لذلك ممنوع الغلط، ولذلك على هذه الحكومة التي أصبحت نوعاً من مجموعة مليونيرية ان تنسى حساباتها في الخارج وتهتم بالوضع الاجتماعي، والا فانها معرّضة للخطر. علاقتك جيدة بالرئيس الحريري؟ - نعم جيدة وهي ليست علاقة شخصية فقط، انها علاقة شخصية وسياسية. كيف ترى اداءه في رئاسة الحكومة؟ - الموضوع ليس موضوع اداء، انه اعادة النظر في الأولويات. لدينا فرصة والرأي العام لن يرحم. المواطن لم يشعر بتحسن في دخله والغلاء فاحش والرقابة معدومة. كانت هناك خطوات مفيدة مثل الأسواق الشعبية لكن المطلوب أكثر من ذلك. هناك رواتب اساتذة الجامعات والمدارس وهناك مشكلة السكن، ومشكلة الزراعة. حصل الرئيس الحريري على حصة كبيرة في الحكومة الجديدة هل تعتبر ذلك خطأ في الحسابات السياسية؟ - لا لم أقل انه خطأ، ولكن كان يمكن تنويع التمثيل السياسي. الحياة السياسية ليست فقط تعهدات لمستشفى حكومي أو لمدينة رياضية أو لهاتف خليوي. الموضوع الأهم هو كيفية معالجة الوضع الاجتماعي، وبالتحديد زيادة الرواتب والاصلاح الاداري وخفض النفقات العسكرية واعادة النظر في السياسة الضريبية. وقد يكون لبنان كما قال الرئيس الحريري "جنة للمستثمرين" وهذا نتيجة انخفاض الضرائب وارتفاع فائدة سندات الخزينة لكن ذلك لا يعالج جوع الفقراء. هذا الكلام يذكرنا بالحالة في بلاد مشابهة كالمكسيك مثلاً. طبقت المكسيك توصيات البنك الدولي وغيره ووصلت الى طريق مسدود وانهارت. علينا ان ننتبه. الانفاق على العسكر خفض الانفاق العسكري يعني خفض الانفاق للأجهزة الأمنية؟ - نعم لا نستطيع الاستمرار بهذا الحجم من القوى المسلحة والأمنية والمخابراتية. لا نستطيع ان نستمر. هناك نحو 200 ضابط برتبة عميد في الجيش اللبناني. لا بد من قانون جديد للجيش يسمح للضباط بالتقاعد في سن الپ45 وليحصلوا بعد هذه السن على فرص جديدة في الحياة. اليوم نتركهم الى سن الستين ولا بد من ترقية الضابط الى رتبة عميد مع ما يعنيه ذلك من أعباء ولسنا بحاجة الى هذا العدد. تعدد الأجهزة هل تشعر بقلق على الحريات من تنامي دور الأجهزة والحديث عن اعتقالات؟ - هناك قلق من تعدد الأجهزة والفساد في الأجهزة وعدم وجود مرجعية توحد وتنسق. مثلاً يقولون ان القضاء نزيه. هذا غير صحيح. هناك أجهزة أمنية وقضائية تكتشف ملفاً مدهناً فيعتقل الشخص ويحال الى بعض الدوائر القضائىة ثم يفرج عنه بكفالة معينة لأن القضاء ليس معصوماً. القاضي عملياً موظف عند وزير العدل وهذا خطأ. ليست لدى القاضي استقلالية مالية، والحقيقة انه يجب ان يعطى حرية اختيار معاشه كي تكون لديه حصانة مالية. لدى القضاة صندوق تعاضد لكنهم مساكين. القضاء سيواجه كارثة عندما يتركه نحو 30 الى 40 قاضياً الى التقاعد وهم من القضاة المحترمين. هل تقصد ان الانهيار يمتد الى كل المستويات؟ - مع الأسف لم تستطع الحكومة السابقة الوصول الى الاصلاح الاداري المطلوب. أكثر من أي وقت مضى لا بد من اعادة فتح هذا الملف بعيداً عن التدخلات السياسية وأقول اذا استطعنا. تمثيل الشيعة هناك من يقول ان الشيعة يكررون خطأ الموارنة أي ان الأكثرية الجديدة ترتكب أخطاء الأكثرية السابقة؟ - لا تستطيع القول ان الشيعة يكررون غلطة الموارنة، بل هناك سوء اختيار لممثلي الطائفة الشيعية. الطائفة الشيعية هي اليوم في نهوض سياسي وثقافي وعلمي، لكن هناك محاولة لاعادة الشيعة الى أيام أحمد الأسعد، وهذا خطأ وجرم تاريخي بحق الطائفة الشيعية. هل السلام قريب في رأيك؟ - سواء كان قريباً أم بعيداً فالسؤال هو ماذا بعد السلام؟ هذا هو السؤال الكبير الذي يجب ان نطرحه على أنفسنا في هذا الشرق، القضية ليست فقط قضية توقيع ورقة معينة أو معاهدة معينة حول الانسحاب من الجولان أو جنوبلبنان. المهم ماذا سيحصل بعد ذلك. تقصد الخوف من السلام والهجمة الاقتصادية الاسرائيلية؟ - أنا لست خائفاً من الهجمة الاقتصادية الاسرائيلية، فاللبناني مثل اليهودي، واذا كان هناك من تراث أو عراقة في لبنان فهي الفينقة. الفينيقيون أبناء عم مع اليهود. حين بنى سليمان المعبد أخذ الخشب، خشب الأرز، من عند الفينيقيين هنا. الموضوع ليس مالياً انه موضوع سياسي وحضاري وهو موضوع الهوية والحلم القديم - الجديد لاسرائيل ولبني صهيون بتفتيت المنطقة. هذا يعني انك لا تزال تتخوف من تفتيت لبنان؟ - المنطقة وليس لبنان وحده. قانون الانتخابات هل ستكون لموقفك من رئيس الجمهورية المقبل علاقة بموقفه من قانون الانتخابات؟ - مطلبنا الوحيد، سواء كان الرئيس الهراوي موجوداً أم غير موجود، هو تقسيم انتخابي على أساس يضمن الوجود السياسي للمجموعة البشرية التي تعيش جنوب خط الشام أي المجموعة المحمدية والمسيحية. لا نريد ان يصوّت غيرنا عنا. نحن أهل البيت وأدرى ببيتنا، في الشوف، واذا كان لا بد من تكبير الدائرة فيمكن تكبيرها الى قسم من عاليه. لا نريد ان نضيع في مجموعات بشرية أكبر، خصوصاً ان التجانس غير موجود أصلاً ولا مصالح مشتركة. انا في الأصل من أنصار الدائرة الفردية. بالنسبة الى الاستحقاق الرئاسي أنت مع التمديد أم ضده؟ - لم أقل انني مع التمديد ولم أقل انني ضده. قلت انه يستحسن ان تأخذ اللعبة الديموقراطية أبعادها الطبيعية. هل ما زلت على موقفك المعارض لانتخاب عسكري؟ - نعم. المعارضة ليست لشخص أميل لحود. نحن ضد تجربة جديدة للشهابية، وذلك من أجل الديموقراطية والحريات وعدم توريط العسكر في السياسة. لماذا تصاعدت المناخات الطائفية والمذهبية لدى تشكيل الحكومة؟ - لأننا نعيش في ظل حكم الترويكا. هذه مسؤولية من أرسى هذه الصيغة. هزيمة الموارنة كيف تنظر الى مشكلة الموارنة حالياً وما هو المخرج؟ - يعتبر الموارنة انهم من خلال الياس الهراوي واميل لحود هزموا على يد العرب وتحديداً سورية. هزموا بمعنى ان الحكم المطلق الذي استمر بالتوارث من أيام المتصرفية التي كانت مقدمة للبنان الكبير ومن ثم الانتداب، قد غاب، ولهذا يعتبرون انهم خسروا. نحن نعتبر ما حصل تصحيحاً الى حد ما لتوازنات طائفية وسياسية، وأفضل طريق للخروج من نظريات العقد النفسية والسياسية والاحباط عند الموارنة والديموقراطية العددية عند غير الموارنة هو الخروج من النظام الطائفي والا فان نظام الطائف مرهون بتوازنات قد تتغير، واذا تغيرت نعود لا سمح الله الى توترات داخلية باسم احباط أو غيره. تقصد انك تعارض الديموقراطية العددية؟ - طبعاً معارض للديموقراطية العددية في ظل نظام طائفي، أما في نظام علماني حيث تتساوى الفرص أمام الناخبين وأمام الجميع فالموقف مختلف. هل تعتقد بأن دولة الطائفة بشخص رئيسها الياس الهراوي تعاطت مع الموارنة على النحو المطلوب؟ - لا بد ان نقول أي موارنة نقصد. هناك فرق. هناك موارنة على طريقة ميشال عون وموارنة على طريقة سمير جعجع وهناك القيادة الحالية الموجودة. الياس الهراوي تعاطى مع الموجود، لكن هذا الموجود، والكنيسة تحديداً، تعتبر الهراوي رمزاً لهزيمة الموارنة، أما القيادات الأخرى فثانوية وغير معبّرة عن حقيقة الواقع. منذ أكثر من 200 عام والكنيسة المارونية هي المرجع. طبعاً برزت قيادات مسيحية كانت تلعب دوراً كبيراً وكانت مواقفها تتعارض أحياناً مع موقف الكنيسة ككميل شمعون، لكن الكنيسة كانت المرجع. كيف يمكن التعامل مع الموارنة من دون التعامل مع زعمائهم؟ - الزعماء التاريخيون توفوا. من تقصد؟ - كانت هناك زعامات معينة لها حيثية معينة مثل بيار الجميل وكميل شمعون، وهناك ريمون اده في المنفى في الخارج ولن يعود وله اسبابه. هؤلاء هم حلفاء "الحلف الثلاثي". يبقى ان المرجعية هي الكنيسة وليس فيها اليوم بطريرك كالبطريرك المعوشي الذي وقف في لحظة تاريخية عام 1958 وقفة عربية، اذا صح التعبير لمصلحة البلد ووحدته. لماذا هذا التوتر في علاقاتك مع الوزير سليمان فرنجية؟ - لا يمكن الحديث عن علاقات لا جيدة ولا متوترة مع سليمان فرنجية. على السيد فرنجية ان ينتبه لأن كلام التوتر الذي ينادي به لا يخدم البلد. "كان من الأفضل تسفيره" هل تعتقد بأنه تم التعامل بأسلوب خاطئ مع سمير جعجع؟ - تيار سمير جعجع موجود طالما ان الكنيسة أو لنقل بعض أركان الكنيسة يعتبر نفسه في حالة احباط، والكلمة الصحيحة هي هزيمة على يد العرب. لذلك هناك تيار يحتمي وراء هذا البعض من الكنيسة داخل لبنان وخارجه. ولا ننسى ان بعض الأجيال الصاعدة في الوسط المسيحي لم تقتنع بعد بالعيش المشترك وتعتبر ان لبنان هو مجموعة هويات مختلفة. كان يجب على السلطة اللبنانية ان تعتقل سمير جعجع وان تقوم بتسفيره الى استراليا. كان ذلك أكثر راحة له ولنا. ما هي المخاطر التي يثيرها اعتقاله بالطريقة الحالية؟ - هناك لغط نسمعه. البطريرك الماروني القى كلمة دافع فيها عنه الأمر الذي اضطر رشاد سلامة، المحامي الكتائبي، الى الرد عليه. هناك لغط في البلد.