يُقال ولستُ القائل إنّ دول الخليج العربية"محسودةٌ"على ثرواتها الطبيعية ونفطها المتدفق من أراضيها. يقال ولستُ القائل إن دول الخليج مصابة بعقدة"الخواجة"و"خبرة"أهل"الكرافة". يُقال ولستُ القائل إن ثروات رجال الأعمال الخليجيين أكبر من موازنات دول المشرق والمغرب العربي معاً. يقول العربُ قبل الغرب إن الرجل الخليجي"بدوي - أمي"تُعمي بصيرته نظرات النساء. يقال إن نصف القنوات الفضائية ستغلق دكاكينها لو لم تجد المتصل الخليجي"المغفَّل"الذي يتلذَّذ بالاتصالات والمشاركة بالكلمات"الهايفة"لينفق الريالات على قنوات الدجل والكسب بالكذب. يقال ولستُ القائل إن الخليجي"جاف"، يفتقد الكلاسيكية حتى وإن وُلِد في لندن وعاش في كان. يقال إن حلم الخليجي يشبه السراب على أرض صحراوية"جرداء"... همومه كتابة الشعر والتفاخر بالقبيلة. يقول الخليجيون إنهم أسياد"الفراسة"أرهقتهم"التعاسة"، تحت سماء منطقة لا تستقر وترفض مغادرتها المؤامرات ومطامع الآخرين. مررت في فترات متفرّقة بعواصم خليجية، وكانت شكاوى الشباب الخليجي متشابهة إن لم تكن متطابقة. يَشْكُون من ضعف التأهيل وركاكة المناهج الدراسية وعدم الشعور بالأمان الوظيفي. خريجون جامعيون يَشْكُون من عنصرية المؤسسات والشركات التي تحبذ الأجنبي صاحب"الكرافة"ولغته غير المباشرة... فهل خليجي اليوم هو خليجي الأمس على رغم رصانة وقوة تاريخ الأجداد؟! الشباب الخليجي لم يكن كما كان بالأمس، فقد أصبح منفتحاً ومتعلماً ومنضبطاً إلا أن النظرة"الرمادية"تطارده وما زالت تراوح ولم تتغير. هل السبب يكمن في أدائه العملي والمعرفي أم في رغبة بعض الجهات في بقائه بعيداً من دون امتلاك المِنْقَلة والفُرْجار؟! سألني قبل فترة وجيزة أحد الإعلاميين العرب المشاركين في الملتقى الإعلامي العربي في الكويت عن سر تسرّب إعلاميين سعوديين للعمل في مؤسسات إعلامية خارج السعودية؟ فرددتُّ بأنها حال صحية، بل ضرورية نحتاج إليها من أجل نماء وتطور مجتمعنا، ولا بد من أن يعود الطير المغرّد إلى سمائه يوماً ما بعد أن يكتسب خبرةً جديدة. سألني صديق آخر عن سر"هجمة"الطلاب السعوديين على الدراسة في الجامعات الأجنبية. قلتُ إن أهم مشروع حقيقي تبنّاه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لبناء الإنسان وسيكتبه التاريخ في سجلِّه الذهبي هو إعادة البعثات العلمية إلى الخارج. من دون مواربة أو مجاملة، لقد توقف تفكير جامعاتنا وتخشّبت عقول طلابها في فترة ماضية، بعد أن وجدت أعضاء هيئة تدريس لا يجيدون سوى فن التلقين، كما يلقن طالب الصف الأول الابتدائي، إذ كانت أولوية الاهتمام تنصبّ على شكل المبنى"الأسمنتي"لا المنهج العقلي والفكري. ما زالت شكاوى مجلس التعاون الخليجي من"بيروقراطية"المؤسسات الحكومية والأهلية، تشكِّل عبئاً ثقيلاً في وجه خلق مجتمع خليجي واحد يؤمن بالمواطنة الواحدة. من حق الشباب الخليجي أن يطمع في دعم بلدانه الثرية، وهو يشاهد الطائرات تشحن المساعدات، والحكومات تتبرع بالبلايين إلى دول أخرى. أليس من حق هذا الشباب المتدفقة شرايينه بالطموح أن يتمتع بحياة كريمة وينال حقوقاً مكفولة في بلاده، وهو ابن تراب هذه الأراضي الخليجية؟ الأكيد أن الخليجي ليس"بُعْبُعاً"مرعباً، بل رجل مثل كل رجال المعمورة، لا يخلو من العيوب و"النقائص"، لكن ليس الكل كما يصوّره البعض، فهناك"السواد الأعظم"القادر على تحمل المسؤولية ويفهم معنى الانضباطية والإنتاجية. [email protected]