اعتبروه رجساً من عمل الشيطان وتشبهاً بالغرب، وكأننا لا نرتدي كل ما ينتجه الغرب، عاقبوا مديرة المدرسة لأنها سمحت لطالبات مدرستها ومعلماتها بالخروج بغطاء وجه خفيف، لذلك كان العقاب بحجم الجرم الشنيع وهو الحرمان من راتبها لمدة عام كامل، وقرار بخفض درجتها الوظيفية من مديرة إلى"معلمه"! ومن الحوادث الأسوأ - وهذه مجرد أمثلة - أن بعض المعلمين تعدوا بالضرب الشديد إلى حد الانتقام على أطفال أبرياء، ولم يعاقبوا بأكثر من"توبيخ شفهي"أو إنذار بالنقل، حمزة تورمت عيناه وكاد يفقدهما، وما زالت وزارة التربية والتعليم محتارة في عقوبته بعدما تناولت الصحف الخبر، وقبل وقت قريب اعتدت ثلاث معلمات على طالبة في المرحلة الابتدائية وقمن بتمزيق ملابسها، ولم تتخذ حتى الآن أي عقوبة أو أي قرار بشأنهن، لم نسمع ان المدرس حُرِم من رواتبه، أو حُوِّل ليصبح مراقباً، ولم نسمع أن أياً من المعلمات الثلاث طالتهن أي عقوبة تتناسب مع الأسلوب غير التربوي الذي اتبعنه في تأديب تلميذة! البنطلون هو مجرد قطعة من الملابس شأنها شأن باقي القطع، وربما يكون أكثر ستراً، والكثيرات من طالباتنا يرتدينه، خصوصاً في فصل الشتاء، ولا أدري حتى اليوم على أي أساس تم تحريمه؟ الغربيون يلبسون القمصان فلماذا لم يمنع ارتداؤها عندنا أيضاً؟ العباءة الذي احتار المحتارون فيها يمكن لبسها على الرأس أو على الكتف، المسألة برمتها حشمة وحرية شخصية، والمعلمات راشدات بما يكفي ليخترن ما يحببن، فالمهم الحشمة واحترام الذات جوهراً ومظهراً وسلوكاً. مسألة التشبه بالغرب التي اختلفنا فيه كثيراً مسألة شائكة وينبغي الانتباه جيداً للانعكاسات السلبية لهذا التصنيف النوعي الخطر، فالكومبيوتر اختراع غربي، ومعظمنا يستخدمه، فلماذا نتشبه بالغرب ونستخدمه مثلهم؟ والسيارة اختراع غربي وجميعنا يركبها بل ويتفاخر بها وبأسعارها، فلماذا نتشبه بهم في اقتنائها؟ وفستان الزفاف، وكعكة العرس، والدبل كلها تقاليد غربية، وكل الفتيات ينتظرن يوم ارتدائهن الفستان الأبيض بفارغ الصبر، ما لم يرَ البعض ضرورة العودة إلى التنقل بالجمال والأحصنة، لمنع بيع فساتين الأعراس، مثلما منع الورد الأحمر في أوقات محددة من السنة، على رغم أن الورد الأحمر كان موجوداً، وتُهَرب كأنها نوع من أنواع المخدرات، أو ربما رأى البعض التخلي عن الملابس كافه والعودة إلى ارتداء الجلباب مع عصابة الرأس وإكسسواراته المختلفة! تحدثت بعض النساء اللاتي حضرن عرضاً للأزياء عن منع الصعود على المسرح، والسبب - كما قالت مديرة الصالة - تعميم يوضح منع الأضواء أو الصعود على المسرح، لأنه تشبه بالغرب أيضاً، وسار العرض في الصالة والكل يبتلع سؤالاً غبياً عن: ما الفرق الذي أحدثه المنع والتعميم العقيم، فالعارضات سرن كما خطط لهن، وشاهد الجميع الفساتين الجميلة، وبعد العرض تم إضاءة الأنوار الملونة و"كأنك يا أبا زيد ما غزيت"! الذي اعرفه وأفهمه أن قضايانا المصيرية تأخذ أوقاتاً طويلة في المحاكم، وبعض القضايا الأسرية تعلق لفترات طويلة، مثل قضية الأب الذي اغتصب وعذب بناته، وما زالت الولاية عليهن له! واليوم اشتكى أحد أولياء الأمور لجمعية حقوق الإنسان بشأن مدرس استدرج تلميذاً ليتحرش به داخل البيئة المدرسية، على رغم التزام المدرسة الصمت في محاولة لتكميم أفواه الأشخاص الذين شاهدوا هذا الفعل الشنيع! أيهما أخطر: قضايا الشرف، والاعتداء الجسدي، والتهديد والضرب والعنف المبالغ فيه، أم ارتداء عباءة كتف، وتغطيه الوجه بغطاء خفيف؟ مديرة مدرسة تُحارب في لقمة عيشها وتُحرم من راتبها لمدة عام كامل، كما جاء في الخبر، والسبب هو"السيد بنطلون"! [email protected]