بدأت وزارة الشؤون البلدية والقروية بالشراكة مع الهيئة العامة للسياحة والآثار إعداد مشروع دراسة"أنظمة العمران والبناء في المناطق الجبلية"من خلال وضع ضوابط تنظيمية وحلول عملية لاستخدام مواد البناء وألوان واجهات المباني بما يتناسب مع طبيعة المناطق الجبلية عمرانياً وبيئياً وسياحياً. وتعمل الوزارة بحسب بيان صحافي صدر عنها أمس، مع شركائها بنقل مخرجات الدراسة إلى حيز التنفيذ وتذليل المعوقات كافة التي تحول دون تنفيذها في الفترة المقبلة، تمهيداً لتطبيقها في منطقة الباحة والمناطق الجبلية المشابهة لطبيعتها كمنطقة عسير ومحافظة الطائف وغيرها من المناطق وذلك بالشراكة مع مجالس التنمية السياحية في كل منطقة، بهدف تطوير أنظمة العمران والبناء القائمة بالمناطق الجبلية. وأكدت الدراسة التي تم إجراء حالتها الدراسية في منطقة الباحة، أن أية عملية تطوير سياحي ناجحة في المناطق ذات التميز الطبيعي بالمملكة تتطلب دراسة عاجلة وجادة للمشكلات التي نشأت عن تنمية هذه المناطق بشتى أشكالها، والتي باتت تشكل خطراً مدمراً يهدد ما تبقى من معالم البيئة الطبيعية والتراث العمراني في المملكة، خصوصاً في المناطق ذات الكثافات السكانية، مشيرة إلى أن المعالم الطبيعية المميزة والجذابة مثل الجبال والأودية والشواطئ، أصبحت تعاني من تشويه بصري خطير يؤثر في صورتها الطبيعية التي تميزها عن غيرها وبالتالي تلاشي جاذبيتها الطبيعية التي تعتبر عامل الجذب الرئيسي لأي نشاط سياحي في تلك المناطق، وهذا ما سيؤدي بالتأكيد إلى حرمان السكان المحليين من فرص الاستثمار السياحي في مناطقهم، ويقوض فرصة الاستفادة من القطاع السياحي كعامل تنمية وتطوير اقتصادي لمناطق المملكة، خصوصاً النائية منها. وأشارت الدراسة إلى أن حجم التشوه البصري يتفاوت من منطقة إلى أخرى، فيبرز بشكل ملحوظ في المدن والقرى الكبيرة الواقعة بالقرب من المواقع السياحية، إضافة إلى المناطق التي يتدنى فيها الوعي والاهتمام البيئي. وأوضحت الدراسة أن المملكة العربية السعودية تتميز ببيئات طبيعية متنوعة صحراوية، جبلية، ساحلية تحتوي على عدد من المناطق السياحية المميزة، التي تعتبر أحد أهم الموارد الاقتصادية المستدامة لصناعة السياحة، وللنهوض بهذه الصناعة بشكل مستدام، داعية إلى الحفاظ على البيئة ومقوماتها وتكاملها مع البيئة العمرانية المحيطة، ما يكسب هذه المناطق أبعاداً سياحية مميزة تمكنها من توفير المتعة لمرتاديها وتزيد من العائد الاستثماري والمردود الاقتصادي لها. يذكر أن سكان القرى كانوا في السابق يقومون بحماية الغطاء النباتي الواقع ضمن حدود قراهم من خلال مفاهيم مشتركة وأعراف تطبق بدقة، وكانت القرى تنمو عمرانياً بشكل يتلاءم مع البيئة المحيطة بها، إلا أنه لم يدم طويلا أمام انتشار مظاهر التنمية الشاملة التي أسهمت في تدمير البيئة الطبيعية والهوية العمرانية المحلية، كما أدى ذلك إلى تدمير عدد من المواقع المميزة عن طريق المباني المشوهة بطرز معمارية مستوردة وألوان متنافرة مع ما هو جميل حولها، ما ينتج من ذلك انخفاض متزايد في القيمة السياحية في تلك المناطق.