5 مشاريع مائية ب305 ملايين بالطائف    وزير النقل يفتتح غدا مؤتمر مستقبل الطيران 2024    إعفاء مؤقت للسعوديين من تأشيرة الدخول إلى الجبل الأسود    تعرض مروحية الرئيس الإيراني لحادث هبوط صعب في أذربيجان    بطولتان لأخضر الطائرة الشاطئية    نائب أمير الشرقية يستقبل رئيس مجلس إدارة جمعية الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بالخبر    1.8% نسبة الإعاقة بين سكان المملكة    مركز"كفاء الطاقة" يعقد "اسكو السعودية 2024    أمير تبوك يستقبل رئيس جامعة فهد بن سلطان    "الموارد" تطلق جائزة المسؤولية الاجتماعية    الشلهوب: مبادرة "طريق مكة" تعنى بإنهاء إجراءات الحجاج إلكترونيا    وزير الإسكان يرعى فعاليات منتدى الوطنية للإسكان لسلاسل الإمداد العقاري غداً بمشاركة محلية ودولية    اتحاد كرة القدم يحدد روزنامة بطولاته    استمطار السحب: حديث الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للأرصاد حول مكة والمشاعر يمثل إحدى فرص تحسين الطقس    وزير "البيئة" يعقد اجتماعات ثنائية على هامش المنتدى العالمي العاشر للمياه في إندونيسيا    نائب وزير الخارجية يشارك في اجتماع رفيع المستوى بين مركز الملك الفيصل للبحوث والدراسات الإسلامية وتحالف الحضارات للأمم المتحدة ومركز نظامي جانجوي الدولي    يايسله يوضح حقيقة رحيله عن الأهلي    غرفة أبها تدشن معرض الصناعة في عسير    ملتقى النص المعاصر: احتفالية شعرية وفنية تُضيء سماء نابل    الجمعية العليمة السعودية للصحة العامة ساف تشارك في مؤتمر يوم الابحاث    علامة HONOR تعلن عن رعايتها لمسابقة إجادة اللغة الصينية بعنوان "جسر اللغة الصينية" في المملكة العربية السعودية    سفير إندونيسيا لدى المملكة: "مبادرة طريق مكة" نموذج من عناية المملكة بضيوف الرحمن    وزير الصحة الماليزي: نراقب عن كثب وضع جائحة كورونا في سنغافورة    مستشفى دله النخيل ينهي معاناة عشريني يعاني من خلع متكرر للكتف وكسر معقد في المفصل الأخرمي الترقوي    الديوان الملكي: تقرر أن يجري خادم الحرمين فحوصات طبية في العيادات الملكية في قصر السلام بجدة    رياح مثيرة للأتربة والغبار على أجزاء من الشرقية والرياض    بيريرا: التعاون فريق منظم ويملك لاعبين لديهم جودة    الأوكراني أوزيك يتوج بطلاً للعالم للوزن الثقيل بلا منازع في الرياض    ولي العهد يستقبل مستشار الأمن القومي الأمريكي    شهداء ومصابون في قصف لقوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة    رفضت بيع كليتها لشراء زوجها دراجة.. فطلقها !    لقب الدوري الإنجليزي بين أفضلية السيتي وحلم أرسنال    صقور السلة الزرقاء يتوجون بالذهب    خادم الحرمين يأمر بترقية 26 قاضيًا بديوان المظالم    سمو ولي العهد يستقبل الأمراء والمواطنين    اشتباك بالأيدي يُفشل انتخاب رئيس البرلمان العراقي    زيارات الخير    «تيك توك» تزيد مدة الفيديو لساعة كاملة    المقبل رفع الشكر للقيادة.. المملكة رئيساً للمجلس التنفيذي ل "الألكسو"    27 جائزة للمنتخب السعودي للعلوم والهندسة في آيسف    انطلاق المؤتمر الأول للتميز في التمريض الثلاثاء    330 شاحنة إغاثية إلى اليمن وبيوت متنقلة للاجئين السوريين    الماء (2)    جدول الضرب    عبر التكنولوجيا المعززة بالذكاء الاصطناعي.. نقل إجراءات مبادرة طريق مكة إلى عالم الرقمية    للسنة الثانية.. "مبادرة طريق مكة" في مطار إسطنبول الدولي تواصل تقديم الخدمات بتقنيات حديثة    «التعليم»: حسم 15 درجة من «المتحرشين» و«المبتزين» وإحالتهم للجهات الأمنية    قرى «حجن» تعيش العزلة وتعاني ضعف الخدمات    تحدي البطاطس الحارة يقتل طفلاً أمريكياً    دعاهم إلى تناول السوائل وفقاً لنصائح الطبيب.. استشاري: على مرض الكلى تجنّب أشعة الشمس في الحج    مختصون ينصحون الحجاج.. الكمامة حماية من الأمراض وحفاظ على الصحة    أمير عسير يُعزّي أسرة «آل مصعفق»    كيلا يبقى تركي السديري مجرد ذكرى    كيان عدواني غاصب .. فرضه الاستعمار !    قائد فذٌ و وطن عظيم    بتوجيه الملك.. ولي العهد يزور «الشرقية».. قوة وتلاحم وحرص على التطوير والتنمية    «الأحوال»: قرار وزاري بفقدان امرأة «لبنانية الأصل» للجنسية السعودية    جامعة الملك خالد تدفع 11 ألف خريج لسوق العمل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرمزية في نفوق الإبل
نشر في الحياة يوم 04 - 09 - 2007

يقول الخالق العظيم"أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت"- الآية، ويجب علينا - حالياً - أن ننظر أيضاً إلى الإبل كيف قتلت، فالموت الكبير للإبل في بيئتها الصحراوية التي اصطفتها عبر ملايين السنين بهذه الصفة المفاجئة والفاجعة لابد له أن يوحي بقدر كبير وعميق من الرمزية عن موت الصحراء نفسها بكل من فيها وما عليها... الصحراء نفسها لا تقتل الإبل، فالبيئة الصحراوية لا تتعايش أصلاً بمفاهيم الحقب والأزمنة الطويلة إلا مع الإبل والنخيل، وماعدا ذلك فهو حشو غير صحراوي وإضافات بشرية.
المسؤول عما أسميه الموت الكبير للإبل هو الإنسان، ولقد قتلت الإبل بأعداد كبيرة بفعل فاعل، ولابد من العثور على المستفيدين القتلة لكي نحمي ما تبقى في صحرائنا من الموت التجاري المبرمج، لا نريد هذه المرة ولا نقبل أن نسمع في نهاية التحقيق جملة"قضاء وقدر"ثم ينجو الفاعلون بفعلتهم ويستمر السير في طريق الموت، كثير ما تنسب المصائب عندنا إلى القضاء والقدر، ولكن مجمل الاستعمالات لا يتعدى عملية التستر على جرائم لا يراد الكشف عن فاعليها، تماماً مثلما تستعمل كلمة الحق كثيراً ويكون المراد بها هو الباطل.
الموت هذه المرة كبير بكل المقاييس، ويتطاول في معناه إلى رمز أساسي من رموز الحياة القليلة والصامدة في رحم هذه البيئة الصحراوية الجافة والشحيحة، صحراؤنا هذه بمواصفاتها الحياتية المحاصرة بين الكثبان والجلاميد تفاجئ العقل المفكر بحيازتها على رمزيْ حياة في منتهى الضخامة والطول والسمو، هما النخلة والجمل، وما عدا النخلة والجمل في هذه الصحراء يكون متواضعاً في سماته الظاهرية وخصائصه الداخلية، فلا هو يانع الاخضرار في القيظ اللاهب، ولا هو شديد الكرم في تنوع ووفرة الثمار عندما تشح المياه، ولا هو ضخم الجثة قوي الاحتمال في الترحال الطويل، ولا هو صبور على العطش من طلوع قمر جديد إلى بزوغ قمر وليد.
إن لله في خلقه شؤوناً حين جعل الصحراء الشحيحة تصطفي الإبل الضخمة في بيئة لا تستطيع الجرابيع والضبان العيش فيها إلا تحت الأرض، وتنبت النخلة على حواف رمال متعالية متطاولة لا يورق فيها إلا حوليات تتحول إلى هشيم تذروه الرياح مع أول دورة قحط قادمة لا ريب فيها... من الممكن للغزل في النخيل والإبل أن يطول إلى ما لا نهاية، ولا تثريب في ذلك، فالعربي في جزيرة العرب له والدان لا حدود لحنانهما وكرمهما، فنحن قوم أمهم النخلة وأبوهم الجمل، لكن الموت الكبير للإبل ليس مناسبة قابلة للغزل بقدر ما هو مناسبة للتفجع وللتحريض على البحث العقلاني الدءوب عن المسؤول والمستفيد من الموت.
المجالس الليلية صارت تقتات على وساوس التكهنات والاتهامات المبطنة بعد أن أخفقت وزارة الزراعة والثروة الحيوانية في الكشف عن منهجية واضحة للبحث عن الأسباب الحقيقية، إن الأحاديث في مجملها تدور حول المحاور الآتية:
1- محور الأعلاف والنخائل الحاملة للسموم، من الذي سممها ومن أي مصدر أتت، من أي منافذ دخلت، من تسلمها وباعها ومن وزعها حتى وصلت إلى المواطن المسكين الذي حياته كلها إبل في إبل وكل رزقه من بهائم الأنعام.
2- محور تجارة اللحوم المستوردة بأنواعها وتجارة الدواجن، على رغم أنها على الأرجح لا ناقة لها ولا جمل لا في مضارب ولا في مصائب الإبل، لكن الناس تقول إن الخوف من أن تكون لحوم الإبل النافقة أو التي تم ذبحها وهي في الرمق الأخير قد تصل إلى الأسواق من ضمن تجارة الفطائس التي تنشر أخبارها الصحف المحلية بشكل متكرر، وأن هذا الخوف ربما يوجه الناس نحو اللحوم المستوردة والدواجن ما يحقق لتجارتها فوائد كبيرة من حيث لم تحتسب.
3- محور التنافس الداخلي بين تجارة الإبل المحلية وتجارة الإبل المستوردة ومن له مصلحة في إضعاف الثروة الحيوانية الوطنية وانهيارها أمام الأسواق الخارجية.
4- وغير ذلك محاور كثيرة من التكهنات والهواجس التي لا يجوز الخوض فيها قبل كشف الحقيقة.
الناس تلوك الكثير من الكلام والأمور وصلت إلى حد التوجس من مؤامرة كبيرة تتشعب خيوطها العنكبوتية بين إغراق البلاد بالمخدرات، عبر قطع الأرزاق في انهيار سوق الأسهم، والآن جاء دور الثروة الحيوانية، وربما تكون النخيل والتمور على القائمة غداً، لن يقطع الشكوك ويجبر الخواطر ويبدد المخاوف سوى تحقيق علمي منهجي دقيق يكشف بالاسم والمكان والزمان عن أسباب الموت الكبير للإبل.
* كاتب سعودي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.