أول من أطلق فكرة الشاعر النجم هو الشاعر طلال عبدالله الرشيد، وكان عنوان فكرته شعر ستار غير أن الفكرة لم تجد من يتبناها أو يوظفها بالشكل المناسب. الإماراتيون التقطوها واختاروا لها اسم شاعر المليون، وسلموها إلى شركة بيراميديا لصاحبتها نشوى الرويني لتقوم بإدارة البرنامج وإخراجه. كم كلف الإعداد للبرنامج لا أحد يعرف، لكن من المؤكد أن المبلغ كان ضخماً، ومهما كانت ضخامة المبلغ فإن الذين أنتجوه وأخرجوه وضعوا في اعتبارهم انه يجب أن يُغطي كلفته على الأقل، إن لم يحقق ربحاً جيداً. البرنامج تعرض لنقد كثيف مثلما لقي إشادة وإعجاب مطلقاً. من وجهة نظر واقعية برنامج شاعر المليون مثله مثل أي برنامج له إيجابيات وله سلبيات. من إيجابياته: 1- نشر الثقافة الشعرية وتوضيح المقاييس التي يُحكم بها على كون الشعر جيداً أو ضعيفاً. ولعل الدكتور غسان الحسن هو الأفضل بين زملائه يأتي بعده علي المسعودي في القدرة على تقويم المادة الشعرية. 2- اكتشاف شعراء جدد ونجوم، ما كنا سنعرفهم وما كانوا سيأخذون حقهم من الاهتمام لولا البرنامج، وهو ما يعني أن هناك المزيد من النجوم الذين يحتاجون إلى من يمنحهم الضوء. 3- تسليط الضوء على خريطة الشعر النبطي وامتدادها في العالم العربي بمشاركة شعراء من العراق والأردن وسورية والصومال والتقريب بين الشعوب العربية، إذ في النهاية نحن ننتمي إلى أصول واحدة. أما سلبياته فهي: 1- ترك مهمة اختيار الشاعر الفائز للجمهور من خلال رسائل SMS، وهو ما جعل الهدف المادي يؤثر في النتائج ويفسد قضية الشعر في هذا البرنامج، فالجمهور لا يملك الثقافة الكافية لاختيار الشاعر الأفضل. 2- تكريس القبلية وضرب الشعر الحقيقي بالمصوتين المتكئين على تعصبهم لقبائلهم بغض النظر عن جودة الشعر، بل إن بعض الجماهير حجزت شريط التصويت ولم يتدخل الكنترول ويعطي الفرصة لمختلف أطياف المصوتين حتى بدأ وكأن هناك تواطؤاً لمصلحة فئة معينة. 3- بعض أعضاء لجنة التحكيم لم يكونوا أبداً على مستوى الحدث والمسؤولية الملقاة على عواتقهم، فهم لا يمتلكون أدوات النقد ولا يملكون الخبرة والثقافة الكافية لتوضيح الجوانب القوية أو الضعيفة في أي نص شعري، كما لم يسلطوا الضوء على المدارس النقدية المختلفة ويوضحوا جوانب التشابه والاختلاف بينها، بل اكتفى بعضهم بعبارات مُسطحة تطغى عليها المجاملة، مثل صح لسانك والنعم بك والنعم بجماعتك ومن هذا الكلام الذي لا نعتقد انه يجب أن يُكرسّ في برنامج أدبي شعري يفترض به أن يرقى بفكر الناس وذوقهم وثقافتهم، لا أن يحاول محاباة الشاعر ومداهنة العوام ومُصانعة المسطحين. إذا قمنا بموازنة السلبيات والإيجابيات فإنها تقريباً متوازية والسؤال المهم هو: هل استفاد الشعر من هذا البرنامج؟ نعم، لقد خدم البرنامج الشعر وسلّط الأضواء عليه ومنحه فضاءات رحبة ستفتح له المزيد من آفاق اهتمام الجماهير به. السؤال هو: هل سنرى برامج مقبلة تتلافى السلبيات التي وقع فيها"شاعر المليون"أم يأتي برنامج يجعلنا نتباكى على المليون وشاعره؟ علينا أن ننتظر ونرى. غياب المرأة بقيت نقطة دار حولها جدل كبير في منتديات الشعر، هذه النقطة هي ما سبب عدم مشاركة الشاعرات في المسابقة أو لجنة التحكيم. كانت هناك مشاركة نسائية انتهت من المرحلة الأولى. هل خروج المشاركات المغمورات من المرحلة الأولى يعني عدم وجود شاعرات متمكنات غير قادرات على المنافسة وإثبات الوجود؟ - بالتأكيد لا. لكن لأننا في مجتمع ما زال ظهور المرأة الشاعرة من بنات القبائل التي هي المنبع الحقيقي للشعر الشعبي النبطي غير مستساغ وإن لم يعد مرفوضاً، فإن ظهورها على الملأ وإلقاء قصائد الحب والعاطفة التي هي جزء أساسي في المسابقة أمر ما زال محرجاً، وغير مشجع اجتماعياً، وما يقال على الورق لا يمكن أن يقال بالصوت الحي والوجه الظاهر على الهواء. في رأيي الشخصي كان يجب أن تكون هناك امرأة في لجنة التحكيم، وأعتقد بأن في الخليج والعالم العربي مئات الشاعرات القادرات على الجلوس مكان بعض أعضاء لجنة التحكيم. وكان بإمكانهن أن يُقلن ما قالوه، بل وأفضل، فهم ليسوا أفضل منهن، بأي حال من الأحوال، ولا أعتقد بأنه من الصعب على أي امرأة أن تقول: والنعم بلابتك والنعم في الشايب وبيّض الله وجهك ومن هذا الكلام. ريمية