عندما نذكر"بيت الطاعة"تحضر إلى أذهاننا تلك الأفلام المصرية القديمة، التي كان فيها الشرطي يطبق قراراً صادراً عن المحكمة على امرأة ما لنشوزها عن زوجها, فهو الحكم الإجباري الذي تفرضه المحكمة، ولكنه لم يعد حكماً ساري المفعول، خصوصاً بعد الإفراج عن حكم الخلع بالنسبة للزوجة. والروائية السعودية منيرة السبيعي في روايتها"بيت الطاعة"تشير إلى أن بيت الطاعة في الرواية حكم اجتماعي متوارث، ينص على تسخير المرأة واستضعافها بشتى الطرق المتاحة، وتم التواطؤ على هذا الحكم بصمت, وبورك وكأنما هو أمر لا تجوز مناقشته أو نقضه. وفي"بيت الطاعة"تحوّل بيت الزوجية إلى ما يشبه الزنزانة التي تعيش فيها الزوجة، حين يكون الزواج خيمة لا تقي هجير الشمس ولا برد الشتاء، كما ورد في قراءة ومناقشة الرواية من الكاتبة حصة المفرح في النادي الأدبي في الرياض. وقد تقضي الكثير من النساء يومياتهن المعتادة, وهن يحملن في أعماقهن الكثير من التساؤلات نحو سلوكيات أزواجهن، ولكنهن في الغالب لا يتوقفن أمامها إلا عندما تحدث هزة تنذرهن بوقوع الخطر... أو ربما يكون وقع فعلاً. نورة في الرواية لم تكن من هواة نسج الحكايات الصيفية, على رغم الملل والحزن الساكنين قلبها. نورة التي آثرت دوماً أن تمضي حياتها على وتيرة واحدة، لتجد نفسها ذات صباح وقد شعرت أن الأرض تميد بها عندما كشفت خيانة زوجها بصدفة غير مقصودة, نورة التي شاركتها الرياضالمدينة... الأنثى الباذخة. المدينة الحلم... التي يفوح منها رائحة النفل والخزامى والتي يرتدي ليلها في الشتاء مظلة مبللة بالندى، وتمتلئ ليالي صيفها بنجوم بعيدة لا يصل بريقها... وها هي تسألها: ما بال مدينتي الآن تخذلني...؟ الرياض وهي لروحي كما غرناطة. لوركا ما بالها تخذلني الآن وكيف تهديني الرياض هذا الاغتراب والسأم والخواء عن الرياض، وهي مكان وحدث الرواية، تضيف السبيعي: أنه في الروايات إجمالاً يعد المكان عنصراً أساسياً يمتزج ببقية العناصر في أتساق فني، إذ يبدو كُلاً متماسكاً ولو تغير المكان ربما تغيرت تفاصيل كثيرة في الرواية. وأقول تفاصيل وليست القضية الأساسية, إذ إن قضايا المرأة متشابهة في الوطن العربي وإن اختلفت قليلاً إلا أنها تصب في المصب نفسه، وهي أن المرأة ما تزال مواطناً من الدرجة الثانية. وترى السبيعي كونها اختصاصية نفسية انه لا بد من أن ينعكس فكر المؤلف في النص بشكل أو بآخر, على ألا يتدخل فيؤثر في السياق العام للمخطوطة, أو يختلط بالشخصيات فيغدو أحدها."ربما دراستي ساعدتني قليلا في سبر أغوار شخصيات الرواية وتصوير ردود الأفعال للمواقف". وفي سؤال للروائية: هل يتحتم على النساء أن يتعرضن لمثل هذه الهزات، كي يتحركن لنصرة ذواتهن؟ أجابت بأنه ليس بالضرورة, ليست كل النساء كذلك, ولكن نموذج البطلة هنا يحتم تعرضها لصدمة تفيقها من حال التغييب التي عاشتها، وهذا يأتي متوافقاً مع الشخصيات العاطفية. وعن النهاية في الرواية وهل ترمز إلى أمر ما، قالت السبيعي رمزية النهاية هو جنوح النفس الإنسانية، مهما بلغ ضعفها إلى رفض الذل والاستعباد حتى لو على حساب تكبد الكثير من الخسائر, لأن الحريات ليس لها ثمن تباع به.