لم تعد مضطراً لرفع يدك اليسرى أو أن تحني رأسك تجاهها لتعرف الوقت من ساعة في معصمك، بل بات يكفيك أن تلقي نظرة خاطفة إلى هاتفك المحمول. فمع الانتشار الكاسح للموبايل يبدو أن اهتمام الشبان والفتيات بساعات اليد بلغ أضعف حالاته. وصار كثيرون يرونها"موضة قديمة"أو"ترفاً"، أو"اكسسواراً مملاً". وترى أسيل جمال 19 سنة وهي طالبة جامعية من رام الله، أن لا حاجة لها لساعة اليد بوجود ساعة الموبايل فهي برأيها"بتكفي وبتوفي". وتقول:"ألاحظ أن انتشار ساعة اليد بين أصدقائي أقل بكثير من قبل، فأصبح من النادر أن ترى ساعة في يد شاب أو شابة فساعة المحمول حلت مكانها. وكأنها باتت محصورة في كبار السن". ويشارك إياد زعاترة 26 سنة، ويعمل في شركة خاصة، أسيل رأيها ويقول:"أرى أن ساعة اليد باتت موضة قديمة، وغير عملية، فلا مبرر لها في وجود الموبايل الذي يقدم لك ليس خدمة الوقت في بلدك فحسب بل في الكثير من بلدان العالم، لذا اعتقد أن استخدام ساعة اليد بات محصوراً بمن لا يملكون هواتف نقالة، مثل كبار السن والأطفال". ولكن حتى ساعات الأطفال أو اليافعين باتت ذات مواصفات محددة لا تشبه تلك السوداء الصغيرة المرقمة. فهي إما أن ترتبط بشخصيات كارتونية شهيرة ك"باربي"، و"دورا"للإناث، و"سبايدر مان"، و"سوبر مان"للذكور، أو تحمل صور فرق ولاعبي كرة قدم عالميين، وخصوصاً برشلونة وريال مدريد. واللافت أن قلة الاهتمام بشراء ساعات اليد انعكست على المحال التجارية التي تبيعها. يقول عطا الله وهبة، وهو صاحب محل ساعات، وسط رام الله، منذ عام 1972:"الاهتمام باقتناء ساعة يد تراجع كثيراً وخصوصاً بين الشباب الذين يكتفون بالهاتف النقال. فهم لا يرتادون محال بيع الساعات إلا إذا رغبوا في شراء ساعة هدية لمن هم أكبر سناً منهم، كما أنهم لم يعودوا يهتمون بالنوعيات الشهيرة وماركات الشركات العريقة في بيع الساعات كونها باهظة الثمن. ففي هذه الأيام هناك أكثر من خمسين ماركة عادية من الساعات، أكاد أنا شخصياً أنسى بعضها". وهناك نسبة ضئيلة من الشباب تضع الساعة كنوع من المجاملة لكونها هدية قدمها شخص عزيز لمناسبة خاصة. ويقول عمر سعادة 18 سنة:"بعد نجاحي في امتحان الثانوية العامة تلقيت العديد من الهدايا، كان من بينها ساعات، فقررت استخدام"الأكثر شبابية"بينها، واحتفظت والدتي بالبقية بهدف تسريبها كهدايا لآخرين في مناسبات شبيهة". وأشار عمر إلى أن غالبية الساعات قدمتها له سيدات في الخمسين من العمر أو أكثر من صديقات والدته وأقاربه، في حين خلت هدايا أصدقائه الشباب من أي ساعة. وفي الواقع يندر اليوم أن تقدم ساعة هدية بين جيل الشباب كما في الماضي، ولا عادت ترتبط رمزياً بمناسبات معينة مثل التخرج أو النجاح في شهادة رسمية أو حتى الزواج. ويقول وهبة:"غالبية زبائني من كبار السن الذين يحضرون لصيانة ساعاتهم القديمة التي يعتزون بسنوات قضتها معهم لكونها من ماركة شهيرة وغالية الثمن". ثم يستدرك ويضيف:"لكن مهما خف الاهتمام بالساعات إلا أن عزها سيعود يوماً وأنا لن أغير مهنتي التي قضيت فيها قرابة أربعين عاماً. فخلال هذه العقود أصبحت أشعر أن الساعات مثل أولادي".